دان عدد من الأحزاب السياسية التونسية سقوط قتلى وجرحى خلال الاحتجاجات الأخيرة التي شهدها السودان بسبب سوء الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، في وقت تحفظت فيه أخرى على إبداء موقفها تجاه المظاهرات الشعبية ضد نظام عمر البشير.
وواجهت السلطات السودانية، منذ 19 ديسمبر/ كانون الأول 2018، احتجاجات الشباب والطلاب والأهالي في الخرطوم وأم درمان والعطيرة، وغيرها من المحافظات، بسبب سوء الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وغلاء الأسعار، بالغاز المسيل للدموع وإطلاق الرصاص الحي، الأمر الذي أدى إلى سقوط قتلى وجرحى.
وعلى الرغم من وعود رئيس البلاد عمر البشير بالإصلاحات، فإن ذلك لم يثن المتظاهرين، وما زالت الاحتجاجات مستمرة للأسبوع الثالث.
وعلّق القيادي في الجبهة الشعبية والأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين، زياد لخضر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، على الاحتجاجات في السودان، مهيبًا "بإرادة الشعب السوداني في تصديه للنظام الدكتاتوري الذي قسّم السودان وجوع شعبه وأدخله اليوم في مأزق لا يمكن الخروج منه إلا بإزاحته"، على حد تعبيره، وأضاف: "لذلك حيت الجبهة الشعبية الشعب السوداني على هبته الشعبية وتوقه للعدالة الاجتماعية والديمقراطية، ولا سيما كشفه وفضحه للجرائم التي يقترفها نظام عمر البشير".
واعتبر لخضر أن ما يحدث اليوم في السودان نتيجة طبيعية لعدة عوامل، من بينها الدكتاتورية والفساد والقمع وكتم الأصوات المطالبة بالحقوق والحريات وتجويع الشعب السوداني، الذي يثور اليوم من أجل استرداد حقوقه ويواجه بأبشع أساليب القمع.
بدوره، جدّد حزب العمال التونسي، في بيان، "مساندته الكاملة لانتفاضة الشعب السوداني ضد نظام العمالة والاستبداد والفساد"، على حدّ وصفه، وإدانته لما وصفه بـ"سياسة القمع والقتل التي يواجه بها النظام العسكري الظلامي انتفاضة شعبية سلمية، بما نزع عن هذا النظام أي مشروعية لمواصلة حكم البلاد التي ظل يغتصب حكمها منذ انقلابه العسكري سنة 1989".
من جهته قال نائب رئيس حزب النهضة، ورئيس الحكومة الأسبق، علي العريض، في حديث لـ"العربي الجديد" إن النهضة تتابع ككل المهتمين بالساحة العربية ما يجري في السودان من تحركات واحتجاجات اختلط فيها الاجتماعي بالسياسي.
وأوضح أن حزبه يعتبر أن المطالب والاحتجاجات المتعلقة بالعدالة الاجتماعية قضية عادلة تقف النهضة في صفها في أي بلد ولا يتغير موقفها الثابت إزاء هذه المسألة بلون الأنظمة وطبيعتها. واستدرك العريض داعيًا إلى "العقلنة" في الموقف من هذه التحركات؛ إذ إن "الشأن السوداني غامض، فالبلد محط أنظار عدد من القوى ويخشى أن تكون الاحتجاجات الداخلية مدخلاً لمزيد من إضعاف السودان والتدخل في شؤونه".
وعلى الرغم من أن نظام البشير في السودان قريب من النهضة التونسية، فإن العريض أوضح أن "هذا التقارب لن يؤثر في موقف الحركة العام ولن يكون المحدد فيه" على حد تعبيره.
إلى ذلك، عبّر عضو الهيئة السياسية في حزب "نداء تونس" محمد بن صوف، في تصريح لـ"العربي الجديد"، عن أسفه "لسقوط ضحايا ومصابين في صفوف الشعب السوداني الشقيق"، معربًا عن "موقف تونس الثابت في جميع القضايا والملفات التي تهم الدول الشقيقة والصديقة التي تقوم على ثوابت عدم التدخل المباشر في الشؤون الداخلية من جهة، والاحتكام للقوانين والمواثيق الدولية والمؤسسات الراعية لتطبيقها من جهة أخرى، وثالثًا دعم الحلول السلمية والتي تقوم على الحوار والتفاوض لفض النزاعات الداخلية".