في 28 أكتوبر/تشرين الأوّل من عام 2012، توفّي الفنّان المصري أحمد رمزي، الذي يرتبط في ذاكرة الجمهور العربي وسجلّات السينما العربية بألقاب عديدة، أبرزها: "الفتى الأوّل"، ومنها: "فارس الأحلام" و"النجم الوسيم" وغيرها...
أكثر من مائة عمل درامي خلال عشرين عاماً، بين أواسط الخمسينيّات إلى سبعينيّات القرن الماضي، هي حصيلة تقريبية لحصاد رحلة رمزي الفنّية الطويلة.
كانت لمسيرته الخطوط العريضة نفسها لمسيرات زملائه. فهي بدأت هوايةً ثم تحوّلت شيئاً فشيئاً إلى شغف، إلى أن نالت فرصة البطولة. وبالطبع تولّى الاجتهاد والتفاني مهمّة تحويل هذه الموهبة إلى قاعدة ومهنة.
هذا ما حدث مع عمر الشريف ورشدي أباظة وشكري سرحان... لكنّ تفاعل رمزي مع نفسه وعمره وصورته اختلف كثيراً عن أيّ حالة فنيّة أخرى عرَفتها الساحة الفنيّة المصرية.
فقد توقّف أحمد رمزي ذات يوم أمام المرآة، وقارن نفسه بالنجوم الشبّان الذين غزوا البلاتوهات، أمثال محمود ياسين وحسين فهمي ونور الشريف ومحمود عبد العزيز، ووجد أنّه هرِم، وأنّ لقب "الفتى الأوّل" سُحب منه إلى غير رجعة.
وبينما تأقلم زملاؤه مع سُنّة عالم السينما وسنّة الحياة، وجد رمزي صعوبة في مجاراتهم. لم يتقبّل صورته في دور الوالد أو الجدّ أو الشيخ. ربما كان للجمهور أن يتقبّل، لكنّ حساسية رمزي كانت مفرِطَة، وعلاقته بصورته ويفاعته كانت خاصّة جداً، فقرّر الاعتزال.
ويبدو أنّ الاعتزال لم ينهِ أزمة رمزي مع نفسه، بل فاقمها، إذ يحكي أصدقاء له أنّه أحرق صور شبابه، كي لا يتذكّر كيف كان، وأخفى المرايا من منزله، كي لا يُصدم بشكل العجوز الذي تحوّل إليه. لكنّ الأصدقاء والأهل حاولوا مساعدته، وأقنعوه بالعودة إلى التمثيل، كما فعلت فاتن حمامة في مسلسل "وجه القمر"، وعمر الشريف في مسلسل "حنان وحنين"، إلا أنّ رمزي سرعان ما عاد إلى كآبته وعزلته.
مثّل شكري سرحان وأحمد مظهر ورشدي أباظة حتّى فارقوا الحياة، وإن بنسبة مختلفة بين كلّ منهم. بل إنّ أباظة مات أثناء تصوير فيلم "الإخوة الأعداء"، ولا يزال عمر الشريف ناشطاً إلى اليوم، يتقن فنّ التأقلم مع الحياة وتبدّلاتها والتصالح مع النفس والجسد في آن واحد، مما استعصى على رمزي، لأسباب لها علاقة بالجانب الشخصي وأيضاً المهني.
من ناحية شخصية، رمزي إنسان مرهف جداً، وشديد التأثّر. أما مهنياً، فقد أسره صنّاع السينما المصرية في دور "الفتى الوسيم" معشوق البنات، الذي أبدع فيه وراقه، ولم يحاول تغييره واكتشاف جوانب أخرى في موهبته، ولم يستطِع الخروج من جلباب فتى الشاشة الأوّل، كما لم يكن مستعداً كفاية لاستحقاق الشيخوخة.
لم يكن الأمر غروراً، بل إنّ رمزي، لشدّة صدقه وحبّه لعمله، تقمّص بالفعل الدور، ولم يخرج منه حين غادر الاستديوهات أو حتى حين غادر الفتوّة والشباب.
يُعرف عن النجمات أنهنّ فريسة سهلة لأزمة الشيخوخة وصورة "معشوقة الجماهير"، لكنّ هذا الشائع ليس دقيقاً. فالنجوم الذكور أيضاً يكابدون من أزمة الشيخوخة. وقد كان أحمد رمزي نموذجاً لهذه المتلازمة التي قد تسمّى عربياً "متلازمة الفتى الأوّل أحمد رمزي".
أكثر من مائة عمل درامي خلال عشرين عاماً، بين أواسط الخمسينيّات إلى سبعينيّات القرن الماضي، هي حصيلة تقريبية لحصاد رحلة رمزي الفنّية الطويلة.
كانت لمسيرته الخطوط العريضة نفسها لمسيرات زملائه. فهي بدأت هوايةً ثم تحوّلت شيئاً فشيئاً إلى شغف، إلى أن نالت فرصة البطولة. وبالطبع تولّى الاجتهاد والتفاني مهمّة تحويل هذه الموهبة إلى قاعدة ومهنة.
هذا ما حدث مع عمر الشريف ورشدي أباظة وشكري سرحان... لكنّ تفاعل رمزي مع نفسه وعمره وصورته اختلف كثيراً عن أيّ حالة فنيّة أخرى عرَفتها الساحة الفنيّة المصرية.
فقد توقّف أحمد رمزي ذات يوم أمام المرآة، وقارن نفسه بالنجوم الشبّان الذين غزوا البلاتوهات، أمثال محمود ياسين وحسين فهمي ونور الشريف ومحمود عبد العزيز، ووجد أنّه هرِم، وأنّ لقب "الفتى الأوّل" سُحب منه إلى غير رجعة.
وبينما تأقلم زملاؤه مع سُنّة عالم السينما وسنّة الحياة، وجد رمزي صعوبة في مجاراتهم. لم يتقبّل صورته في دور الوالد أو الجدّ أو الشيخ. ربما كان للجمهور أن يتقبّل، لكنّ حساسية رمزي كانت مفرِطَة، وعلاقته بصورته ويفاعته كانت خاصّة جداً، فقرّر الاعتزال.
ويبدو أنّ الاعتزال لم ينهِ أزمة رمزي مع نفسه، بل فاقمها، إذ يحكي أصدقاء له أنّه أحرق صور شبابه، كي لا يتذكّر كيف كان، وأخفى المرايا من منزله، كي لا يُصدم بشكل العجوز الذي تحوّل إليه. لكنّ الأصدقاء والأهل حاولوا مساعدته، وأقنعوه بالعودة إلى التمثيل، كما فعلت فاتن حمامة في مسلسل "وجه القمر"، وعمر الشريف في مسلسل "حنان وحنين"، إلا أنّ رمزي سرعان ما عاد إلى كآبته وعزلته.
مثّل شكري سرحان وأحمد مظهر ورشدي أباظة حتّى فارقوا الحياة، وإن بنسبة مختلفة بين كلّ منهم. بل إنّ أباظة مات أثناء تصوير فيلم "الإخوة الأعداء"، ولا يزال عمر الشريف ناشطاً إلى اليوم، يتقن فنّ التأقلم مع الحياة وتبدّلاتها والتصالح مع النفس والجسد في آن واحد، مما استعصى على رمزي، لأسباب لها علاقة بالجانب الشخصي وأيضاً المهني.
من ناحية شخصية، رمزي إنسان مرهف جداً، وشديد التأثّر. أما مهنياً، فقد أسره صنّاع السينما المصرية في دور "الفتى الوسيم" معشوق البنات، الذي أبدع فيه وراقه، ولم يحاول تغييره واكتشاف جوانب أخرى في موهبته، ولم يستطِع الخروج من جلباب فتى الشاشة الأوّل، كما لم يكن مستعداً كفاية لاستحقاق الشيخوخة.
لم يكن الأمر غروراً، بل إنّ رمزي، لشدّة صدقه وحبّه لعمله، تقمّص بالفعل الدور، ولم يخرج منه حين غادر الاستديوهات أو حتى حين غادر الفتوّة والشباب.
يُعرف عن النجمات أنهنّ فريسة سهلة لأزمة الشيخوخة وصورة "معشوقة الجماهير"، لكنّ هذا الشائع ليس دقيقاً. فالنجوم الذكور أيضاً يكابدون من أزمة الشيخوخة. وقد كان أحمد رمزي نموذجاً لهذه المتلازمة التي قد تسمّى عربياً "متلازمة الفتى الأوّل أحمد رمزي".