كشف رئيس الحكومة السورية المؤقتة أحمد طعمة، في حوار مع "العربي الجديد"، عن تخوفات من أن تكون خطة المبعوث الدولي إلى سورية، ستيفان دي مستورا، كبديل للمنطقة الآمنة التي طرحتها تركيا، مشيراً إلى أن حلب لها وضع إقليمي ولن تسقط بسهولة. وفضل طعمة عدم الخوض في قرار الائتلاف الماضي بإقالة الحكومة المؤقتة، مؤكداً أن مجلس قيادة الثورة لن يكون بديلاً عن الحكومة.
كيف تنظرون إلى مبادرة دي مستورا خصوصاً أن البعض يصفها بفخ الثورة السورية؟
المبادرة بالنسبة لنا مرتبطة بثلاث نقاط. الأولى تتعلق بأنّ ما يسمى بمبادرة دي مستورا، لا تزال مجرد فكرة، ولم تتحول بعد إلى مبادرة أو خطة، لأنها لا تحمل تفاصيل. التقيت بدي مستورا مرتين، والمرة الأخيرة كانت قبل أيام. قلت للمبعوث الدولي إن مشكلة الأمم المتحدة أنها تقدّم أفكارا وطروحات، ولكن لا تملك قوة تنفيذية لهذه الأفكار.
وهذا يضعف ما تقدّمه، ما لم يكن مدعوماً من قبل القوى الكبرى في مجلس الأمن. وأخبرني أنه خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة سوف يقدم دي مستورا مشروعه بشكل تفصيلي، إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، لكنه لا يريد أن يطرح التفاصيل الآن، قبل أن يكمل مشاوراته.
وهل المبادرة سرية؟
ليست مبادرة سرية، لأننا استطعنا أن نستنبط بعض النقاط فيها.
يسعى دي مستورا من خلال مبادرته إلى إيجاد مناطق مجمدة، يكون فيها الاقتتال بالحد الأدنى، وأن يتعهد النظام والمعارضة بعدم المواجهة المباشرة بينهما، وأن تتاح الفرصة لأهالي تلك المنطقة أن يباشروا القضايا الإدارية والخدمية بأنفسهم، بمعنى أن يكون هنالك إدارة ذاتية لهذه المناطق، أريد أن أؤكد هذه النقطة لأنها تتعلق بالحكومة المؤقتة.
(وهذا يقود إلى) النقطة الثانية من المبادرة، والتي تتعلق بتخوفات أو توجسات حقيقية لدى المعارضة. لقد جاءت مبادرة دي مستورا بالتزامن مع الطرح التركي المرتبط بالمنطقة الآمنة. ونخشى أن يكون هذا الطرح الجزئي بديلاً عن هذه المنطقة الآمنة. نسعى أن نجد حلولاً لهذه المخاوف، ونريد أن يكون لدينا إجابات واضحة، نستطيع من خلالها أن نقول عن هذه المبادرة نعم، أو لا.
أما النقطة الثالثة (فهي مرتبطة بحظر الطيران). في لقائنا السابق، طرح أنه يمكن أنه يكون عدد الملاذات الآمنة كبيرا في سورية. وإذا تحققت هذه الملاذات، فقد وقع حظر للطيران بشكل تلقائي، وباتالي نستفيد من تخفيف القصف الجوي بالبراميل المتفجرة والصواريخ.
لمَ تمّ اختيار حلب كمنطقة لتجميد الصراع، ألا يستفيد النظام السوري من تهدئة القتال هناك ويركز على تأمين مشارف دمشق؟
أهمية حلب الكبرى تقتضي مننا أن نبدأ بحلب، لأنه إذا سقطت، فإن وضع المعارضة سيكون حرجاً، ومبادرة دي مستورا ستصبح في خبر كان. وأعتقد أن حلب لها وضع إقليمي ولن تسقط بسهولة. في حال حصلت المنطقة الآمنة في حلب وما حولها، سيكون هناك تجميد للقوات، ولن يستطيع النظام أن ينقل قواته إلى مناطق أخرى ليقاتل فيها. نحن سننتظر الأسابيع الثلاثة المقبلة لنرى تفاصيل، ولا نريد أن نحكم على الشيء قبل اتضاح المسألة. ولا نريد أن نشكل نظرة سلبية، كما لا نتخذ قرارا إلا بعد التشاور مع قيادة الائتلاف ومع الفصائل المشاركة على الأرض، والقرار سوف تعلنه قيادة الائتلاف.
لكن ماذا عن النظام السوري، خصوصاً أنه وضع شروطاً لقبول الهدنة، وفي مقدّمتها عودة الإدارة المحلية بسلطاتها المتنوعة وقوات حفظ النظام إلى الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة؟
لا يهمنا ما يقوله النظام، يهمنا ما هو موقفنا، وموقف أصدقائنا من الشعب السوري.
النظام يريد أن يستعيد السيطرة على المدينة بدون قوة عسكرية، فيما نريد عكسه تماماً. نريد أن يكون للحكومة المؤقتة دور كبير في إدارة المنطقة، وأن نباشر الأعمال الخدمية التي تتعلق بالناس، وأن يكون مصدرها الحكومة المؤقتة وليس النظام، وهذا ما يريده الناس. وهذا هدف الثورة الأساس، ثورة الحرية والكرامة.
هل هناك ضغوط دولية أو إقليمية لقبول المبادرة؟
لا
أراد دي مستورا لقاء رئيس الحكومة السورية المؤقتة وأعضائها بشكل منفصل عن لقاءاته بممثلي فصائل المعارضة، هناك قناعات بوجود خلافات بين الجانبين، كيف يمكن تذليل هذه الفوارق؟
لا أعتقد ذلك، نحن في مرحلة نأمل أن يكون هناك توافق بين جميع المكونات. أراد دي مستورا أن يلتقي بجميع الجهات، التقى بالجهات على الأرض، والتقى بالجهات المدنية ومنظمات المجتمع المدني، والتقى بالحكومة المؤقتة والائتلاف الوطني.
بالنسبة للتحرك الروسي في سورية، فقد شهدت العلاقة الروسية مع الائتلاف الوطني المعارض جفافاً على مدى ثلاثة أعوام ماضية، لماذا يضغط الروس الآن باتجاه إيجاد قنوات تواصل مع المعارضة؟
روسيا معنية بالملف السوري، باعتبارها ساهمت في ما حصل من تدمير في سورية.
ومن خلال دعمها لهذا النظام، تتحمل مسؤولية مباشرة، كونها عطلت ثلاثة قرارات في مجلس الأمن. كما أنها تريد فرض وضع دولي معين، تكسب من خلاله في أماكن أخرى، مقابل تسيير بعض النقاط في ملفات أخرى، وليس من مصلحة الشعب السوري أبدا الربط بين الملفين، وربط الملف السوري بأوكرانيا وملفات أخرى.
هل هناك أي تغيير ملموس في الموقف الروسي؟
ما زلت آمل أن يغير الروس موقفهم في ظل التطورات الأخيرة، خصوصاً في ظل الأزمة الخانقة التي يتعرض لها النظام من الناحية المالية، وتبين ذلك من خلال طلبه من الروس قرضاً بمبلغ مليار دولار. أعتقد أن آفاق بقاء النظام مستقبلاً ضعفت كثيراً عن قبل. إضافة إلى دخول الملف النووي الإيراني في وضع حرج. الروس معنيون بإيجاد حل في النهاية.
كيف سيتم التوافق مع الروس؟
لا تزال الفكرة غير متبلورة، حتى لدى الروس. هم لديهم مجموعة أفكار جزئية، إذا جمعتها من الممكن معرفة ماذا يريدون. لديهم فكرة أولية وهي جمع كل أطياف المعارضة السورية، ثم الدعوة إلى مؤتمر في موسكو أو في العواصم التي تدور في فلكها، وأن يدعى الائتلاف باعتباره جزءا من كل وليس باعتباره الممثل الشرعي والوحيد، والخطورة في عقد مثل هذا المؤتمر، أن يتشكل وفد يذهب بعدها إلى المفاوضات في جنيف. وهذا يعني أن المبادئ التي يتمسك بها الائتلاف بقوة، قد لا تكون هي المبادئ التي يتم التفاوض عليها في الحل النهائي.
ستذهبون إلى روسيا في حال وجهت الدعوة لكم؟
هذا سيتقرر في الائتلاف الوطني.
بالنسبة لوضع الحكومة السورية المؤقتة، فقد شهدت مدينة عينتاب تظاهرات قبل أيام لمواطنين أتراك يطالبون بنقلها إلى الداخل، والائتلاف الوطني أقال الحكومة الماضية لنفس السبب، كما أن الخارجية الأميركية حذرت من هجوم على الحكومة من قبل متشددين، ما تعليقكم؟
نتمنى أن ننتقل اليوم قبل الغد، لكن في ظل الظروف الحالية، وبدون منطقة آمنة، كيف سننتقل؟ خلال الأشهر الستة القادمة، إذا لم تتحقق المنطقة الآمنة، ربما سينظر للحكومة المؤقتة على أنها ليس هناك حاجة إليها، نحن لسنا جمعية خيرية.
الخبر الذي أصدرته الخارجية الأميركية لافت، وسبب لنا الكثير من المتاعب، سألتهم ما مصدركم، لكنهم تحفظوا. نريد أن نحتفظ بعلاقة ممتازة جداً مع المواطنين الأتراك والحكومة التركية، لولاهم لكانت أمورنا أصعب بكثير.
هل اتفقتم مع الحكومة التركية على إنشاء المنطقة الآمنة على الحدود السورية التركية؟
نحن والأتراك على توافق تام على أن تكون هناك منطقة آمنة بعرض 40 كليومترا على طول الحدود، لكن المشكلة أن يتقبل أصدقاء الشعب السوري، وفي مقدمتهم الأميركيون، وأن يبدأوا بتنفيذها. والعديد من الدول تؤيد هذه الفكرة ومنهم فرنسا.
المنطقة الآمنة تمكن الحكومة السورية المؤقتة من مباشرة أعمالها في الداخل، وتنفيذ مشاريعها، وتكون أكثر صلة مع الكتائب والفصائل والألوية في الداخل ومع الناس. وهكذا تترسخ سلطة تنفيذية تستطيع أن تكون بديلاً عن سلطة النظام.
هل كان قرار الإقالة الماضي للحكومة المؤقتة شخصيا، فأنت رئيس للحكومة المؤقتة من جديد؟
هذا سؤال صعب، لكن ما أريد أن أقوله الآن، نحن في مرحلة نريد أن نحصل فيها على التوافق ونسيان الماضي، ومباشرة الأعمال المطلوبة من الحكومة، وجلب الدعم لصالح الشعب السوري، وإعادة أكبر قدر من اللاجئين إلى الداخل السوري.
هناك من يرى أن الحكومة المؤقتة مبنية على تحالفات وأحزاب ويستدلون على ذلك بأخذ "الإخوان المسلمين" 9 حقائب؟
أكثر مما يؤسف له في ظل التجاذبات السياسية، أنك إذا اردت أن تخرج خصماً من الساحة السياسية تتهمه بأنه "إخوان". هم فصيل من فصائل المعارضة، لكنهم لم يشاركوا في هذه الحكومة.
أغلب المجالس المحلية تشكو من مسألة تحول دور الحكومة المؤقتة إلى جهة داعمة، خصوصاً بعد الاتفاق الذي أبرمتموه مع هذه المجالس بشكل منح وليس رواتب شهرية؟
هذا صحيح، أعتقد أن هذه من النقاط التي نعيد النظر فيها. خلال فترة الحكومة الأولى تم الضغط علينا بشكل كبير، بسبب سوء الحالة التي عاناها الناس في الداخل السوري، وبالتالي كانت الحكومة أشبه بحكومة الحالات الطارئة. ولأن الوضع في سورية قد تدهور، لم تستطع الحكومة السورية المؤقتة أن تنفذ مخططاتها الاستراتيجية. وبسبب نقص التمويل، صارت استجابتها لتقديم المنح، فأصبحت كجهة داعمة. كان الأولى أن نقوم بتأطير وترسيخ فكرة المجالس المحلية، التي تستطيع أن تجلب الدعم من الدول المانحة.
بعد انتهاء الحكومة الأولى أجرينا نقداً ذاتياً، ولاحظنا أنه في وزارة واحدة (الإدارة المحلية والإغاثة) كان حجم الإغاثة أربعة أضعاف ما قدم لملف الإدارة المحلية.
لم تكن في تشكيل مجلس قيادة الثورة السورية، وهناك من يرى أن المجلس سيكون بديلاً عن الحكومة السورية المؤقتة كونه يضع في أهدافه إدارة المناطق المحررة، ما رأيك؟
لا أعتقد ذلك، نحن نريد أن نتوصل إلى تفاهمات معهم، ولدينا علاقات إيجابية مع الكثير من الفصائل في مجلس قيادة الثورة، نريد أن يكون عملنا متكامل، هم سيكون لهم مشروع عسكري، يمكن أن يساعدونا في الحكومة بإنشاء قوة عسكرية تابعة للحكومة، وإذا كان لديهم رغبة في بعض القضايا الخدمية، فنحن من خلال المجالس المحلية التابعة للحكومة، يمكن التواصل مع الجميع.
ماذا عن تحذير ممثلة الأمم المتحدة فاليري آموس من نقص التمويل لبرنامج الغذاء العالمي منذ أكثر من شهرين ملوحة بتعليق المساعدات، ألم تسعَ الحكومة المؤقتة منذ ذلك الحين لأي إجراء يحول دون ذلك؟
التقيت بالسيدة فاليري آموس، وأبلغتني أنه لم يعد هناك أي عائق أمام تعامل الأمم المتحدة مع الحكومة المؤقتة بشكل مباشر في القضايا الإنسانية، ومع ذلك نقص التمويل في ما يتعلق بالسوريين.
ما الخيارات البديلة التي ممكن أن تقوم بها الحكومة المؤقتة، برنامج الأغذية العالمي مثلاً أطلق حملة تبرعات؟
هذه إحدى الطروحات، بالنسبة لنا نحن نطرق كل الأبواب. نريد في الحكومة المؤقتة في الفترة المقبلة أن نشرف على عملية تقديم الدعم، وليس بالضرورة أن نأخذ نحن الدعم، فلو رتبنا أمور المجالس المحلية، وجاءت منظمة المجتمع الدولي وقدمت هذه الإعانات للمجالس، فنكون قد حققنا الكثير من الخدمات بشكل غير مباشر، ليس بالضرورة أن نربط كل شيء عبر الحكومة المؤقتة.
هل تعتبر تعليق المساعدات يدخل ضمن أي حسابات ضغط من قبل الدول المانحة أم لا؟
المشكلة الكبرى فقط أن الملف السوري لم يعد الملف رقم واحد أمام العالم، وهذا من سوء حظنا.
ماذا عن آلاف الولادات غير المسجلة في دول الجوار؟
الآن وزارة العدل تقوم بكد على إنجاز هذه الملفات، وستظهر نتائجها قريباً.
بالنسبة لجواز السفر، نلحظ إعادة فتح القنصليات في عدد من الدول العربية التي يمثلها النظام السوري؟
إذا لم يتم الاعتراف بالائتلاف من الناحية القانونية كما هو معترف به من الناحية السياسية، فمن الصعب أن نسير قدماً في مشروع جوازات السفر حتى النهاية، ولكن موضوع فتح القنصليات ليس له علاقة بذلك، وليس له تأثير على علاقتنا مع الأشقاء.
كيف تنظرون إلى مبادرة دي مستورا خصوصاً أن البعض يصفها بفخ الثورة السورية؟
المبادرة بالنسبة لنا مرتبطة بثلاث نقاط. الأولى تتعلق بأنّ ما يسمى بمبادرة دي مستورا، لا تزال مجرد فكرة، ولم تتحول بعد إلى مبادرة أو خطة، لأنها لا تحمل تفاصيل. التقيت بدي مستورا مرتين، والمرة الأخيرة كانت قبل أيام. قلت للمبعوث الدولي إن مشكلة الأمم المتحدة أنها تقدّم أفكارا وطروحات، ولكن لا تملك قوة تنفيذية لهذه الأفكار.
وهذا يضعف ما تقدّمه، ما لم يكن مدعوماً من قبل القوى الكبرى في مجلس الأمن. وأخبرني أنه خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة سوف يقدم دي مستورا مشروعه بشكل تفصيلي، إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، لكنه لا يريد أن يطرح التفاصيل الآن، قبل أن يكمل مشاوراته.
وهل المبادرة سرية؟
ليست مبادرة سرية، لأننا استطعنا أن نستنبط بعض النقاط فيها.
يسعى دي مستورا من خلال مبادرته إلى إيجاد مناطق مجمدة، يكون فيها الاقتتال بالحد الأدنى، وأن يتعهد النظام والمعارضة بعدم المواجهة المباشرة بينهما، وأن تتاح الفرصة لأهالي تلك المنطقة أن يباشروا القضايا الإدارية والخدمية بأنفسهم، بمعنى أن يكون هنالك إدارة ذاتية لهذه المناطق، أريد أن أؤكد هذه النقطة لأنها تتعلق بالحكومة المؤقتة.
(وهذا يقود إلى) النقطة الثانية من المبادرة، والتي تتعلق بتخوفات أو توجسات حقيقية لدى المعارضة. لقد جاءت مبادرة دي مستورا بالتزامن مع الطرح التركي المرتبط بالمنطقة الآمنة. ونخشى أن يكون هذا الطرح الجزئي بديلاً عن هذه المنطقة الآمنة. نسعى أن نجد حلولاً لهذه المخاوف، ونريد أن يكون لدينا إجابات واضحة، نستطيع من خلالها أن نقول عن هذه المبادرة نعم، أو لا.
أما النقطة الثالثة (فهي مرتبطة بحظر الطيران). في لقائنا السابق، طرح أنه يمكن أنه يكون عدد الملاذات الآمنة كبيرا في سورية. وإذا تحققت هذه الملاذات، فقد وقع حظر للطيران بشكل تلقائي، وباتالي نستفيد من تخفيف القصف الجوي بالبراميل المتفجرة والصواريخ.
لمَ تمّ اختيار حلب كمنطقة لتجميد الصراع، ألا يستفيد النظام السوري من تهدئة القتال هناك ويركز على تأمين مشارف دمشق؟
أهمية حلب الكبرى تقتضي مننا أن نبدأ بحلب، لأنه إذا سقطت، فإن وضع المعارضة سيكون حرجاً، ومبادرة دي مستورا ستصبح في خبر كان. وأعتقد أن حلب لها وضع إقليمي ولن تسقط بسهولة. في حال حصلت المنطقة الآمنة في حلب وما حولها، سيكون هناك تجميد للقوات، ولن يستطيع النظام أن ينقل قواته إلى مناطق أخرى ليقاتل فيها. نحن سننتظر الأسابيع الثلاثة المقبلة لنرى تفاصيل، ولا نريد أن نحكم على الشيء قبل اتضاح المسألة. ولا نريد أن نشكل نظرة سلبية، كما لا نتخذ قرارا إلا بعد التشاور مع قيادة الائتلاف ومع الفصائل المشاركة على الأرض، والقرار سوف تعلنه قيادة الائتلاف.
لكن ماذا عن النظام السوري، خصوصاً أنه وضع شروطاً لقبول الهدنة، وفي مقدّمتها عودة الإدارة المحلية بسلطاتها المتنوعة وقوات حفظ النظام إلى الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة؟
لا يهمنا ما يقوله النظام، يهمنا ما هو موقفنا، وموقف أصدقائنا من الشعب السوري.
النظام يريد أن يستعيد السيطرة على المدينة بدون قوة عسكرية، فيما نريد عكسه تماماً. نريد أن يكون للحكومة المؤقتة دور كبير في إدارة المنطقة، وأن نباشر الأعمال الخدمية التي تتعلق بالناس، وأن يكون مصدرها الحكومة المؤقتة وليس النظام، وهذا ما يريده الناس. وهذا هدف الثورة الأساس، ثورة الحرية والكرامة.
هل هناك ضغوط دولية أو إقليمية لقبول المبادرة؟
لا
أراد دي مستورا لقاء رئيس الحكومة السورية المؤقتة وأعضائها بشكل منفصل عن لقاءاته بممثلي فصائل المعارضة، هناك قناعات بوجود خلافات بين الجانبين، كيف يمكن تذليل هذه الفوارق؟
لا أعتقد ذلك، نحن في مرحلة نأمل أن يكون هناك توافق بين جميع المكونات. أراد دي مستورا أن يلتقي بجميع الجهات، التقى بالجهات على الأرض، والتقى بالجهات المدنية ومنظمات المجتمع المدني، والتقى بالحكومة المؤقتة والائتلاف الوطني.
بالنسبة للتحرك الروسي في سورية، فقد شهدت العلاقة الروسية مع الائتلاف الوطني المعارض جفافاً على مدى ثلاثة أعوام ماضية، لماذا يضغط الروس الآن باتجاه إيجاد قنوات تواصل مع المعارضة؟
روسيا معنية بالملف السوري، باعتبارها ساهمت في ما حصل من تدمير في سورية.
هل هناك أي تغيير ملموس في الموقف الروسي؟
ما زلت آمل أن يغير الروس موقفهم في ظل التطورات الأخيرة، خصوصاً في ظل الأزمة الخانقة التي يتعرض لها النظام من الناحية المالية، وتبين ذلك من خلال طلبه من الروس قرضاً بمبلغ مليار دولار. أعتقد أن آفاق بقاء النظام مستقبلاً ضعفت كثيراً عن قبل. إضافة إلى دخول الملف النووي الإيراني في وضع حرج. الروس معنيون بإيجاد حل في النهاية.
كيف سيتم التوافق مع الروس؟
لا تزال الفكرة غير متبلورة، حتى لدى الروس. هم لديهم مجموعة أفكار جزئية، إذا جمعتها من الممكن معرفة ماذا يريدون. لديهم فكرة أولية وهي جمع كل أطياف المعارضة السورية، ثم الدعوة إلى مؤتمر في موسكو أو في العواصم التي تدور في فلكها، وأن يدعى الائتلاف باعتباره جزءا من كل وليس باعتباره الممثل الشرعي والوحيد، والخطورة في عقد مثل هذا المؤتمر، أن يتشكل وفد يذهب بعدها إلى المفاوضات في جنيف. وهذا يعني أن المبادئ التي يتمسك بها الائتلاف بقوة، قد لا تكون هي المبادئ التي يتم التفاوض عليها في الحل النهائي.
ستذهبون إلى روسيا في حال وجهت الدعوة لكم؟
هذا سيتقرر في الائتلاف الوطني.
بالنسبة لوضع الحكومة السورية المؤقتة، فقد شهدت مدينة عينتاب تظاهرات قبل أيام لمواطنين أتراك يطالبون بنقلها إلى الداخل، والائتلاف الوطني أقال الحكومة الماضية لنفس السبب، كما أن الخارجية الأميركية حذرت من هجوم على الحكومة من قبل متشددين، ما تعليقكم؟
نتمنى أن ننتقل اليوم قبل الغد، لكن في ظل الظروف الحالية، وبدون منطقة آمنة، كيف سننتقل؟ خلال الأشهر الستة القادمة، إذا لم تتحقق المنطقة الآمنة، ربما سينظر للحكومة المؤقتة على أنها ليس هناك حاجة إليها، نحن لسنا جمعية خيرية.
الخبر الذي أصدرته الخارجية الأميركية لافت، وسبب لنا الكثير من المتاعب، سألتهم ما مصدركم، لكنهم تحفظوا. نريد أن نحتفظ بعلاقة ممتازة جداً مع المواطنين الأتراك والحكومة التركية، لولاهم لكانت أمورنا أصعب بكثير.
هل اتفقتم مع الحكومة التركية على إنشاء المنطقة الآمنة على الحدود السورية التركية؟
نحن والأتراك على توافق تام على أن تكون هناك منطقة آمنة بعرض 40 كليومترا على طول الحدود، لكن المشكلة أن يتقبل أصدقاء الشعب السوري، وفي مقدمتهم الأميركيون، وأن يبدأوا بتنفيذها. والعديد من الدول تؤيد هذه الفكرة ومنهم فرنسا.
المنطقة الآمنة تمكن الحكومة السورية المؤقتة من مباشرة أعمالها في الداخل، وتنفيذ مشاريعها، وتكون أكثر صلة مع الكتائب والفصائل والألوية في الداخل ومع الناس. وهكذا تترسخ سلطة تنفيذية تستطيع أن تكون بديلاً عن سلطة النظام.
هل كان قرار الإقالة الماضي للحكومة المؤقتة شخصيا، فأنت رئيس للحكومة المؤقتة من جديد؟
هذا سؤال صعب، لكن ما أريد أن أقوله الآن، نحن في مرحلة نريد أن نحصل فيها على التوافق ونسيان الماضي، ومباشرة الأعمال المطلوبة من الحكومة، وجلب الدعم لصالح الشعب السوري، وإعادة أكبر قدر من اللاجئين إلى الداخل السوري.
هناك من يرى أن الحكومة المؤقتة مبنية على تحالفات وأحزاب ويستدلون على ذلك بأخذ "الإخوان المسلمين" 9 حقائب؟
أكثر مما يؤسف له في ظل التجاذبات السياسية، أنك إذا اردت أن تخرج خصماً من الساحة السياسية تتهمه بأنه "إخوان". هم فصيل من فصائل المعارضة، لكنهم لم يشاركوا في هذه الحكومة.
أغلب المجالس المحلية تشكو من مسألة تحول دور الحكومة المؤقتة إلى جهة داعمة، خصوصاً بعد الاتفاق الذي أبرمتموه مع هذه المجالس بشكل منح وليس رواتب شهرية؟
هذا صحيح، أعتقد أن هذه من النقاط التي نعيد النظر فيها. خلال فترة الحكومة الأولى تم الضغط علينا بشكل كبير، بسبب سوء الحالة التي عاناها الناس في الداخل السوري، وبالتالي كانت الحكومة أشبه بحكومة الحالات الطارئة. ولأن الوضع في سورية قد تدهور، لم تستطع الحكومة السورية المؤقتة أن تنفذ مخططاتها الاستراتيجية. وبسبب نقص التمويل، صارت استجابتها لتقديم المنح، فأصبحت كجهة داعمة. كان الأولى أن نقوم بتأطير وترسيخ فكرة المجالس المحلية، التي تستطيع أن تجلب الدعم من الدول المانحة.
بعد انتهاء الحكومة الأولى أجرينا نقداً ذاتياً، ولاحظنا أنه في وزارة واحدة (الإدارة المحلية والإغاثة) كان حجم الإغاثة أربعة أضعاف ما قدم لملف الإدارة المحلية.
لم تكن في تشكيل مجلس قيادة الثورة السورية، وهناك من يرى أن المجلس سيكون بديلاً عن الحكومة السورية المؤقتة كونه يضع في أهدافه إدارة المناطق المحررة، ما رأيك؟
لا أعتقد ذلك، نحن نريد أن نتوصل إلى تفاهمات معهم، ولدينا علاقات إيجابية مع الكثير من الفصائل في مجلس قيادة الثورة، نريد أن يكون عملنا متكامل، هم سيكون لهم مشروع عسكري، يمكن أن يساعدونا في الحكومة بإنشاء قوة عسكرية تابعة للحكومة، وإذا كان لديهم رغبة في بعض القضايا الخدمية، فنحن من خلال المجالس المحلية التابعة للحكومة، يمكن التواصل مع الجميع.
ماذا عن تحذير ممثلة الأمم المتحدة فاليري آموس من نقص التمويل لبرنامج الغذاء العالمي منذ أكثر من شهرين ملوحة بتعليق المساعدات، ألم تسعَ الحكومة المؤقتة منذ ذلك الحين لأي إجراء يحول دون ذلك؟
التقيت بالسيدة فاليري آموس، وأبلغتني أنه لم يعد هناك أي عائق أمام تعامل الأمم المتحدة مع الحكومة المؤقتة بشكل مباشر في القضايا الإنسانية، ومع ذلك نقص التمويل في ما يتعلق بالسوريين.
ما الخيارات البديلة التي ممكن أن تقوم بها الحكومة المؤقتة، برنامج الأغذية العالمي مثلاً أطلق حملة تبرعات؟
هذه إحدى الطروحات، بالنسبة لنا نحن نطرق كل الأبواب. نريد في الحكومة المؤقتة في الفترة المقبلة أن نشرف على عملية تقديم الدعم، وليس بالضرورة أن نأخذ نحن الدعم، فلو رتبنا أمور المجالس المحلية، وجاءت منظمة المجتمع الدولي وقدمت هذه الإعانات للمجالس، فنكون قد حققنا الكثير من الخدمات بشكل غير مباشر، ليس بالضرورة أن نربط كل شيء عبر الحكومة المؤقتة.
هل تعتبر تعليق المساعدات يدخل ضمن أي حسابات ضغط من قبل الدول المانحة أم لا؟
المشكلة الكبرى فقط أن الملف السوري لم يعد الملف رقم واحد أمام العالم، وهذا من سوء حظنا.
ماذا عن آلاف الولادات غير المسجلة في دول الجوار؟
الآن وزارة العدل تقوم بكد على إنجاز هذه الملفات، وستظهر نتائجها قريباً.
بالنسبة لجواز السفر، نلحظ إعادة فتح القنصليات في عدد من الدول العربية التي يمثلها النظام السوري؟
إذا لم يتم الاعتراف بالائتلاف من الناحية القانونية كما هو معترف به من الناحية السياسية، فمن الصعب أن نسير قدماً في مشروع جوازات السفر حتى النهاية، ولكن موضوع فتح القنصليات ليس له علاقة بذلك، وليس له تأثير على علاقتنا مع الأشقاء.