قال مسؤولون حكوميون وتجار ليبيون، إن العاصمة طرابلس تشهد أزمة في توافر السلع الغذائية والدوائية بسبب إغلاق نحو 80 في المئة من المحال التجارية والمخابز، في استمرار النزاع المسلّح بالبلاد، فيما قفزت الأسعار بنحو 100 في المئة خلال الأيام الأخيرة.
وأعاد إغلاق المحال التجارية ومعظم المخابز أبوابها المشهد في الأذهان، إلى الحالة التي كانت عليها المدينة خلال أحداث الثورة في فبراير/شباط 2011.
وبدت محال بيع المواد الغذائية خاوية من السلع، خاصة السلع الرئيسة كزيت الطهي والطماطم والدقيق وحليب الأطفال وغيارات الرضع.
وبالإضافة إلى النقص الحاد في السلع التموينية الأساسية وقصور بعض الجمعيات الاستهلاكية على توفيرها، سجلت الأسعار ارتفاعاً بنحو 100 في المئة خلال الأيام الأخيرة، حسب مواطنين في العاصمة.
وسجّل سعر صندوق معجون الطماطم في الأسواق التجارية 60 ديناراً (47.6 دولاراً) بينما يباع عبر الجمعيات الاستهلاكية الحكومية بـ 14 ديناراً (11.1 دولاراً).
كما أن بعض المخابز تفتح ساعات قليلة في أول النهار نتيجة عدم توفر سلعة الدقيق للخبز، فيما تعتمد المخابز على الدقيق المدعوم، في حين أن أغلب مصانع الدقيق مغلقة لوقوع بعضها في نطاق الاشتباكات.
وقال خميس سالم منسق الزراعة في مدينة سبها بالجنوب الليبي، لـ"العربي الجديد"، إن الحبوب من قمح وشعير لا يمكن إحضارها إلى طرابلس نتيجة تأزم الأوضاع الأمنية.
وساءت الأوضاع الأمنية في ليبيا منذ بداية العام الجاري، وتزايدت عقب نشوب نزاع مسلّح منذ 3 أسابيع تقريباً، بين مليشيات موالية للجنرال المنشقّ خليفة حفتر، وقوات تابعة للمؤتمر الوطني العام (البرلمان).
وأشار سالم إلى أن المزارعين في منطقة الجنوب الليبي يتكبدون خسائر ضخمة جراء الصراعات المسلحة.
وأوضح أن المزارعين في الجنوب عادة ما يقومون بنقل منتجاتهم إلى العاصمة الليبية طرابلس وضواحيها لبيعها هناك، لكن إغلاق الأسواق الرئيسية في المدينة نتيجة الاشتباكات المسلحة، وعلى رأسها سوق الكريمية المغلق منذ أسبوعين، وكذلك سوق الأحد، أدى إلى توقف حركة نقل المنتجات الزراعية.
وأضاف أن أسعار الخضروات والفواكه في جنوب ليبيا، تشهد انخفاضاً واضحاً نتيجة تكدس الإنتاج لدى المزارعين.
وتعتمد المنطقة الغربية في ليبيا على إنتاج الجنوب الليبي من الزراعة لتلبية 80 في المئة من احتياجات السوق المحلي.
وقال هاشم فضيل، مزارع من الجنوب الليبي، إن المزارعين متضررون بشدة من الاحداث الجارية في طرابلس، بسبب عدم قدرتهم على نقل منتجاتهم إلى العاصمة، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الخضروات والفواكه في طرابلس لثلاثة أضعاف سعرها الأصلي.
وتابع فضيل أن سعر كيلو الطماطم بلغ في طرابلس 4 دنانير (3.1 دولارات)، فيما يباع في الجنوب الليبي بنصف دينار (0.39 دولار).
ونوه فضيل إلى أن المزارعين لا يجدون حتى الوقود الكافي للذهاب إلى مزارعهم ومتابعة المحاصيل المزروعة.
من جهة أخرى، كشفت الأحداث الأخيرة عن نقص حاد يعانيه القطاع الصحي، سواء العمومي أو الخاص، والعجز في القدرة الاستيعابية والدوائية، إضافة إلى الموارد البشرية التي يتكوّن معظمها من نساء تُهدِّد الاشتباكات خروجهن من منازلهن.
وحذَّرت وزارة الصحة الليبية من انهيار كامل للخدمات الصحية في البلاد، حال بقاء الوضع الأمني مُتوتّراً، خصوصاً مع إعلان الفلبين عزمها على سحب 13 ألفاً من رعاياها، بينهم نحو ثلاثة آلاف عامل في القطاع الطبي، فالاضطرابات المتزايدة والخطر الذي يُهدِّد العناصر الطبية الأجنبية يرجحان مغادرتهم البلاد.
وقال مسؤول في وزارة الصحة، إن هناك مخاوف من أنْ تحذو الهند حذو الفلبين في سحب عامليها الذين يمثلون 20 في المئة من القطاع الطبي. مما قد يؤدِّي إلى إغلاق معظم المراكز الطبية، خصوصاً أن نسبة الهنود العاملين في القطاع الصحي الليبي تبلغ نحو 20 في المئة، فيما لا تزيد نسبة الليبيين على 18 في المئة.
وبلغ عدد العائلات النازحة من مناطق الاشتباكات 4700 عائلة على مستوى طرابلس الكبرى بحسب تصريحات صحافية لعضو لجنة الأزمة بمجلس طرابلس المحلي رياض الشريف.