للّاجئين في أوروبا أساطير تدق أبواب السماء بأصدائها. إذ لا يمكنك المرور بهذه البلاد الباردة دون أن تمرّ على مسامعك إحدى هذه الأساطير.
تجنبًا للتعميم، سأؤطر حديثي ضمن نطاق تجربتي في دولتي هولندا وألمانيا الشقيقتين الجارتين، مع تركيز أكبر على الحالة الألمانيّة، لأنّني أعيش هنا منذ فترة ليست بالقصيرة.
بالطبع لا أقصد في كلامي الذي سيرد كلّ اللاجئين. مقصد القول هو أنّك ستستمع إلى واحدة من هذه القصص واردة على لسان أفراد هنا وهناك. على كلّ حال القصص الواردة في هذا النص هي أحاديث حدثت أمامي خلال حياتي "اللجوئيّة" في القارة الخضراء.
والآن سأبدأ بالسرد بعيدًا عن أرائي الشخصيّة التي لا تُسمن ولا تُغني عن جوع.
في فترتك الأولى كأحد اللاجئين في مخيمك المؤقت ستسمع قصصًا عن عنصريّة الموظفين وكمثل هذه الأساطير قولهم، إنّ الموظفين الألمان يؤخرون العمل بأوراقك لأنّهم عنصريون، كما أنّهم يجعلونك تقف على الدور فترة طويلة لأنّهم عنصريون إذ إنّهم يتمتعون بإذلالك، فضلًا عن أحاديث عنصريّة الشعب الألماني كمجمل باستثناء بعض الطيبين منهم. وفي الجهة المقابلة ستستمع لنظريات تقول بطيبة هذا الشعب وحسن ضيافتهم مقارنة بتخلف اللاجئين وغبائهم.
يومًا ما سيقول لك أحدهم، إنّ النساء الأوروبيات يرغبن في الشباب الشرقيين، وخصوصاً العرب لأنّهم يتمتعون بقدرات جنسيّة أكبر، بينما الرجال الأوروبيون فهم يمتلكون برودًا شديدًا ينفر النساء. صدقني هذا حديث متواتر بشدة في كلّ مكان، وسيرددون أمامك أمثلة عن فرنسيّة تزوجت فلسطينياً أو ألمانيّة تركت عائلتها من أجل عيون السوري أو إنجليزيّة تركت بلادها الباردة لتعيش في صعيد مصر مع أحد الرجال الأشداء القادمين من تلك البلاد الحارّة. ولا بدّ لك أن تسمع عن قصة غراميّة بدأتها إحدى الأوروبيات الشقراوات مع أحد الشرقيين السمر، وقررت أن تتزوجه لمنحه جنسيتها العزيزة الغالية.
"هل تعلم لماذا يقبلون باللاجئين هنا في أوروبا؟" يبدأ أحدهم الحديث بهذا السؤال. "أنا سأخبرك" ثم يبدأ بالحديث عن انخفاض معدل الولادات في أوروبا وانخفاض العمالة ويستطرد في الشرح عن سوق العمل الأوروبيّة وحاجة هذه الأسواق إلى يد عاملة رخيصة قادرة على الإنتاج، وهذا ما يتوفر في اللاجئين الراغبين في تحسين حياواتهم فتكون المنفعة متبادلة بين الطرفين. "ما نراه على شاشات التلفاز وما نقرأه في الصحف عن رغبة الأوروبين في إغلاق حدودهم في وجه اللاجئين ما هو إلا مناورات إعلاميّة كي لا تفلت الأمور من زمامها ويبقى الأوربيون متحكمين في أعداد اللاجئين ومداخيلهم. وبالطبع فإنّ الحكومات الأوروبيّة تقبض النقود، (من جهة غير معلومة قد تكون الأمم المتحدة وقد تكون الدول المصدرة للاجئين)، الكثيرة التي تقدر بملايين اليوروهات مقابل استقبالها اللّاجئين".
أي والله. قال لي أحدهم، ذات يوم، إنّ الأوروبيين يكرهون دول الخليج العربي لكنهم يحتاجون إلى نفطهم والآن هم، أي الأوروبيون، يطورون آليات جديدة لإنتاج الطاقة تعتمد على الفضلات وفضلات الشعب الأوروبي لا تكفيهم، لذلك هم يستقبلون اللاجئين للاستفادة من فضلاتهم في إنتاج الطاقة. أي والله.
للدين، طبعاً، مكان الصدر في هذه الأساطير. "الأوروبيون يا إخوان يستقبلوننا من أجل أطفالنا، ألا تعلم ما الذي يدرسّونه في المدارس؟ إنّهم ينصرّون أبناء المسلمين وأنتم فرحون بإنسانيتهم، إنّهم يعرّون الأولاد مع البنات في المدرسة ويجعلونهم يتعرفون على أعضائهم الجنسيّة، لا حول ولا قوة إلا بالله". يقول أحدهم، ويضيف الآخر مؤكدًا: "طبعًا، هل تظنهم يستقبلوننا لسواد عيوننا أم لإنسانيتهم؟ اللهم خلصنا من هذه البلاد وأعدنا إلى بلاد الإسلام سالمين".
على أي حال، أنا لا أقصد إهانة اللاجئين بل هي محاولة لتجميع نوادرهم، فلو سمعت أو عايشت، عزيزي القارئ، إحدى قصص اللاجئين أرسلها لي فلعلنا نستطيع ضمّ هذه القصص والأساطير في كتاب واحد نسميه نوادر اللاجئين على غرار نوادر البخلاء، والله ولي التوفيق.
اقرأ أيضاً: الغناء للقاهرة.. جواز مرور المطربين إلى "المحروسة"
تجنبًا للتعميم، سأؤطر حديثي ضمن نطاق تجربتي في دولتي هولندا وألمانيا الشقيقتين الجارتين، مع تركيز أكبر على الحالة الألمانيّة، لأنّني أعيش هنا منذ فترة ليست بالقصيرة.
بالطبع لا أقصد في كلامي الذي سيرد كلّ اللاجئين. مقصد القول هو أنّك ستستمع إلى واحدة من هذه القصص واردة على لسان أفراد هنا وهناك. على كلّ حال القصص الواردة في هذا النص هي أحاديث حدثت أمامي خلال حياتي "اللجوئيّة" في القارة الخضراء.
والآن سأبدأ بالسرد بعيدًا عن أرائي الشخصيّة التي لا تُسمن ولا تُغني عن جوع.
في فترتك الأولى كأحد اللاجئين في مخيمك المؤقت ستسمع قصصًا عن عنصريّة الموظفين وكمثل هذه الأساطير قولهم، إنّ الموظفين الألمان يؤخرون العمل بأوراقك لأنّهم عنصريون، كما أنّهم يجعلونك تقف على الدور فترة طويلة لأنّهم عنصريون إذ إنّهم يتمتعون بإذلالك، فضلًا عن أحاديث عنصريّة الشعب الألماني كمجمل باستثناء بعض الطيبين منهم. وفي الجهة المقابلة ستستمع لنظريات تقول بطيبة هذا الشعب وحسن ضيافتهم مقارنة بتخلف اللاجئين وغبائهم.
يومًا ما سيقول لك أحدهم، إنّ النساء الأوروبيات يرغبن في الشباب الشرقيين، وخصوصاً العرب لأنّهم يتمتعون بقدرات جنسيّة أكبر، بينما الرجال الأوروبيون فهم يمتلكون برودًا شديدًا ينفر النساء. صدقني هذا حديث متواتر بشدة في كلّ مكان، وسيرددون أمامك أمثلة عن فرنسيّة تزوجت فلسطينياً أو ألمانيّة تركت عائلتها من أجل عيون السوري أو إنجليزيّة تركت بلادها الباردة لتعيش في صعيد مصر مع أحد الرجال الأشداء القادمين من تلك البلاد الحارّة. ولا بدّ لك أن تسمع عن قصة غراميّة بدأتها إحدى الأوروبيات الشقراوات مع أحد الشرقيين السمر، وقررت أن تتزوجه لمنحه جنسيتها العزيزة الغالية.
"هل تعلم لماذا يقبلون باللاجئين هنا في أوروبا؟" يبدأ أحدهم الحديث بهذا السؤال. "أنا سأخبرك" ثم يبدأ بالحديث عن انخفاض معدل الولادات في أوروبا وانخفاض العمالة ويستطرد في الشرح عن سوق العمل الأوروبيّة وحاجة هذه الأسواق إلى يد عاملة رخيصة قادرة على الإنتاج، وهذا ما يتوفر في اللاجئين الراغبين في تحسين حياواتهم فتكون المنفعة متبادلة بين الطرفين. "ما نراه على شاشات التلفاز وما نقرأه في الصحف عن رغبة الأوروبين في إغلاق حدودهم في وجه اللاجئين ما هو إلا مناورات إعلاميّة كي لا تفلت الأمور من زمامها ويبقى الأوربيون متحكمين في أعداد اللاجئين ومداخيلهم. وبالطبع فإنّ الحكومات الأوروبيّة تقبض النقود، (من جهة غير معلومة قد تكون الأمم المتحدة وقد تكون الدول المصدرة للاجئين)، الكثيرة التي تقدر بملايين اليوروهات مقابل استقبالها اللّاجئين".
أي والله. قال لي أحدهم، ذات يوم، إنّ الأوروبيين يكرهون دول الخليج العربي لكنهم يحتاجون إلى نفطهم والآن هم، أي الأوروبيون، يطورون آليات جديدة لإنتاج الطاقة تعتمد على الفضلات وفضلات الشعب الأوروبي لا تكفيهم، لذلك هم يستقبلون اللاجئين للاستفادة من فضلاتهم في إنتاج الطاقة. أي والله.
للدين، طبعاً، مكان الصدر في هذه الأساطير. "الأوروبيون يا إخوان يستقبلوننا من أجل أطفالنا، ألا تعلم ما الذي يدرسّونه في المدارس؟ إنّهم ينصرّون أبناء المسلمين وأنتم فرحون بإنسانيتهم، إنّهم يعرّون الأولاد مع البنات في المدرسة ويجعلونهم يتعرفون على أعضائهم الجنسيّة، لا حول ولا قوة إلا بالله". يقول أحدهم، ويضيف الآخر مؤكدًا: "طبعًا، هل تظنهم يستقبلوننا لسواد عيوننا أم لإنسانيتهم؟ اللهم خلصنا من هذه البلاد وأعدنا إلى بلاد الإسلام سالمين".
على أي حال، أنا لا أقصد إهانة اللاجئين بل هي محاولة لتجميع نوادرهم، فلو سمعت أو عايشت، عزيزي القارئ، إحدى قصص اللاجئين أرسلها لي فلعلنا نستطيع ضمّ هذه القصص والأساطير في كتاب واحد نسميه نوادر اللاجئين على غرار نوادر البخلاء، والله ولي التوفيق.
اقرأ أيضاً: الغناء للقاهرة.. جواز مرور المطربين إلى "المحروسة"