ترامب والعلاقة العدائية مع الإعلام: الفصل الثاني

09 نوفمبر 2024
مخاوف من تهديدات جديدة قد تحدق بحرية الصحافة بعد فوز ترامب (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- علاقة ترامب المتوترة مع الإعلام: منذ بداية مسيرته السياسية، استخدم ترامب عبارات مثل "معسكر العدو" و"أعداء الشعب الأميركي" للإشارة إلى وسائل الإعلام، مما أثار قلقاً بشأن حرية الصحافة.

- تقويض الثقة في الإعلام: اتهم ترامب الصحافيين بالكذب، مما أدى إلى تقويض ثقة الجمهور بالإعلام، خاصة بعد حادثة اقتحام الكابيتول في يناير 2021، حيث قدمت وسائل الإعلام روايات متباينة.

- التأثير الاقتصادي والسياسي على الإعلام: شهدت بعض الصحف زيادة في المبيعات خلال ولاية ترامب، لكن الجمهور قد سئم من هذه الديناميكيات، مما يؤثر على الانتعاش الاقتصادي للإعلام.

عُرف دونالد ترامب بعلاقته المشحونة بالتوتّر مع الإعلام التي تخلّلتها انتقادات لاذعة وملاحقات قضائية ومنع صحافيين من دخول البيت الأبيض، ما ينذر بتهديدات جديدة قد تحدق بحرية الصحافة مع عودته إلى سدّة الرئاسة.

ومنذ الخطاب الأوّل الذي ألقاه ترامب احتفاء بفوزه، استخدم عبارة "معسكر العدوّ" للإشارة إلى قناتي "سي أن أن" و"إم إس إن بي سي" حيث لم يسلم يوماً من نقد بعض المعلّقين فيهما، معيداً إلى الذاكرة عبارة "أعداء الشعب الأميركي" التي درج على استعمالها منذ بداية عهدته الرئاسية الأولى.

وخلال تجمّع انتخابي الأحد، استهزأ بإعلاميين ينبغي من خلالهم "التصويب" لبلوغه، في تلميح إلى محاولتي الاغتيال اللتين نجا منهما. وردّ فريق حملته بالقول إن معنى أقواله قد حرّف.

وهدّد الملياردير الأميركي، خلال حملته، بسحب رخصة البثّ من كلّ من قناة "سي بي إس" و"إيه بي سي"، متّهماً إياهما بمحاباة كامالا هاريس. وتعتبر هكذا إجراءات جدّ معقّدة وينبغي لها أن تمرّ بالهيئة الناظمة للاتصالات.

ترامب وتقييد حرّية الصحافة

خلال ولاية ترامب الرئاسية الأولى (2017-2021)، مُنع صحافيون من دخول البيت الأبيض، ولا سيّما جيم أكوستا الذي تسنّى له استعادة شارة الدخول إثر نزاع قضائي.

وأقرّت كاثرين جاكوبسن المسؤولة عن شؤون الولايات المتحدة في لجنة حماية الصحافيين في تصريحات لوكالة فرانس برس: "نحن قلقون. ويساورنا القلق منذ استخدامه (ترامب) خطاباً تهجمياً معادياً للإعلام في حملته الأولى سنة 2015". في تقرير صدر سنة 2020، ندّدت لجنة حماية الصحافيين باستغلال ترامب الملاحقات بتهمة التشهير لتخويف الصحافيين، فضلاً عن مساعي البيت الأبيض إلى انتهاك الحماية المناطة بالمصادر الصحافية بعد تسريبات.

ولا شكّ في أن دونالد ترامب سيقوم بعد عودته إلى الرئاسة "بتعيين المزيد من القضاة الذين سيحاولون تقييد حرّية الصحافة"، بحسب الأستاذ المحاضر في أصول الصحافة في جامعة ماريلاند مارك فلدستين. وفي الولايات المتحدة، تحظى حرّية التعبير بحماية بموجب التعديل الأوّل من الدستور، ورسَّخت المحكمة العليا حقّ النقد الإعلامي في قرار شهير يعود للعام 1964.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

تقويض الثقة

رأت كاثرين جاكوبسن أن ترامب من خلال اتهاماته المتواصلة للصحافيين بالكذب قوّض ثقة الجمهور بالإعلام في سياق اقتصادي صعب أصلاً على الصحافة، ولا سيما المحلية منها. وقالت إن "ترامب اعتمد بامتياز خطاباً معادياً للنظام وللمؤسسات في الولايات المتحدة، وزجّ فيه الإعلام على نحو مقلق".

وخير مثال على ذلك هو حادثة السادس من يناير/كانون الثاني 2021، عندما اقتحم الآلاف من مؤيدي ترامب مبنى الكابيتول في واشنطن، لمنع التصديق على نتائج الانتخابات بعد خسارة مرشّحهم في وجه جو بايدن، "فقُدّمت روايتان مختلفتان بالكامل: الأولى من الصحافيين الذين وثّقوا الحدث وأظهروه على حقيقته، والثانية من تأليف ترامب" الذي أزاح المسؤولية عن كاهل مؤيّديه "مبتعداً عن الحقيقة على نحو مقلق".

في المقابل، يؤكّد مستشارو ترامب أن وسائل الإعلام التقليدية منفصلة بالكامل عن واقع الحال في أوساط المجتمع الأميركي.

"تبرّم"

خلال الولاية الرئاسية الأولى لدونالد ترامب، تسنّى لعدّة صحف كبيرة تقديم استقصاءات سياسية اعتبرت سبقاً صحافياً، ولا سيّما ما يخصّ العلاقات الوطيدة بينه بين وروسيا، ما زاد من مبيعاتها وعائداتها الإعلانية. وكشفت صحيفة وول ستريت جورنال، المملوكة لقطب الإعلام المحافظ روبرت مردوخ، النقاب عن المدفوعات التي تلقّتها الممثّلة الإباحية ستورمي دانييلز، في قضية أفضت إلى إدانة دونالد ترامب أمام القضاء الجنائي في نيويورك.

وصرّح الأستاذ المحاضر في أصول الصحافة في جامعة نورث إيسترن في بوسطن أدان كينيدي: "لا أدري إن كنا سنشهد الاتجاه التعاظمي نفسه الذي شهدناه خلال الولاية الأولى لترامب، لأن الناس سئموا من الأمر". ولفت مارك فلدستين بدوره إلى أن "التبرّم بلغ حدّاً بحيث سيتعذّر على وسائل الإعلام التعويل على هذه الانتعاشة الاقتصادية في المستقبل".

وخلال الحملة الانتخابية الأخيرة، قرّرت صحيفة واشنطن بوست ألا تدعم أيّاً من المرشّحين، في قرار لقي انتقاداً لاذعاً، وفُسّر على أنه أتى نتيجة ضغوط مارسها صاحبها الملياردير جيف بيزوس مؤسس "أمازون" كي لا يناصبه ترامب العداء. ودافع بيزوس عن هذا الموقف باعتباره أفضل ما يمكن فعله في وقت "لم يعد الأميركيون يثقون بوسائل الإعلام الإخبارية".

(فرانس برس)

المساهمون