تعاني ثلاث شقيقات أردنيات بعمر الزهور من عائلة واحدة، من داء السكري النوع الأول المعتمد على حقن الأنسولين، وسط أسرة تتكون من خمس فتيات والوالدين، وهو ما يجعلهم جميعاً في مواجهة مريرة مع هذا المرض المزمن، وحرصٍ ومراقبةٍ مستمرَّين مخافة أن يصيب باقي الأفراد.
ويشكّل الأطفالُ المصابون بالسكري، النوع الأول، حوالى 10 بالمائة من المجموع الكلي لمصابي السكري في الأردن، وهو ما يجعلهم في تحدٍّ كبيرٍ ومستمر مع هذا الداء المزمن، الذي يهدد أغلب الأعضاء الحيوية في جسم الإنسان، ويزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب، والعمى والفشل الكلوي، وغيرها في حال عدم مراقبته بالشكل الأمثل.
وتقول رشا القضماني، والدة الفتيات المصابات لـ"العربي الجديد": "لديَّ ثلاث فتيات مصابات بالسكري، أعمارهن على التوالي 12 سنة، و10 سنوات و8 سنوات، اكتشفت إصابتهن بأعراض مختلفة، فمثلاً بالنسبة لأصغرهن كان السبب هو التبول والعطش المستمر، أما الثانية فقد أصيبت بالجدري، فيما اكتشفت مرض الأولى بعد إصابتها بالتهاب اللوزتين".
وتضيف الأمّ: "تعاني بناتي من المرض، لكنهن تعلمن كيف يتحدينه ويعتمدن على أنفسهن، في أغلب متطلبات الحياة، حتى أنهن يأخذن حقن الأنسولين بأنفسهن".
وحول التحكم في رغبتهن في تناول الحلويات والسكريات، تقول والدتهن: "لا أحرمهن من شيء، لكن بمقدار، مع الالتزام بأخذ حقنة الأنسولين وفق كميات السكر الموجودة في أي مادة يتناولنها"، لافتة إلى أهمية احتساب الكميات بشكل يمنع التأثير السلبي على صحتهن.
وتوضح أنّ الأطفال يحتاجون إلى تجهيزات طبية متطورة ومكلفة ونحن لا نستطيع مواكبتها، مطالبة الجهات الصحية المعنية بتوفير مضخات أنسولين بدل الإبر الحالية، كما تطالب الدولة بتوفير أجهزة فحص سكري عن بعد، بدل الأجهزة الحالية التي تعتمد وخز الإبر للحصول على عينة من الدم.
وتتابع "في السابق كانت أغلب المدارس ترفض استقبال الأطفال المصابين بالسكري خوفاً من حالات هبوط السكر وعدم القدرة على التعامل معهم"، مشيرة إلى أنه حالياً المدارس الحكومية تستقبلهم بشكل جيد، لكن بصعوبات كبيرة عند الالتحاق بالمدارس الخاصة.
وتضيف: "ابنتي الكبرى هذا العام وبعد سبع سنوات دراسية تخرج للمرة الأولى في رحلة مدرسية، نعم هناك تحسن في الخدمات لكن لا يزال غير كافٍ، وفي بعض المدارس يعاني الطلاب المصابون بالسكري من التمييز".
بدورها تقول فاطمة الصرايرة، والدة الطفل يحيى لـ"العربي الجديد"، إنها اكتشفت مرضه في سن الثالثة بسبب التبول والعطش، وبعد إجراء الفحوصات الطبية تبين أنه مصاب بمرض السكري.
وتضيف: "يتناول جميع أنواع الطعام لكن بكميات محددة، مع أخذ حقن الأنسولين التي تتناسب مع كميات الأطعمة التي يتناولها"، وتوضح أنه تلميذ متفوق، ويمارس الرياضة والتحق بإحدى المدارس الخاصة، ويتلقى معاملة حسنة.
بدوره يقول رئيس اللجنة العلمية في الجمعية الأردنية للعناية بالسكري، الدكتور موريس برهم، لـ"العربي الجديد" لا يوجد إحصاء دقيق لعدد المصابين بالسكري من النوع الأول، لكن التقديرات تشير إلى أن عدد المصابين بالسكري من النوع الأول يشكل 10 في المائة من عدد الأردنيين المصابين بشكل عام.
ويضيف أنّ التعامل مع النوع الأول من المرض صعب، لكون الأطفال المصابين به يحتاجون إلى رعاية نوعية من الأطباء والأهل، بسبب حاجتهم إلى العلاج بالأنسولين مع بداية الإصابة بالمرض.
بدورها تقول الاختصاصية بمرضى السكري، منال أدهم لـ"العربي الجديد": "كل طفل بحاجة إلى عناية يومية مستمرة، وهي مكلفة مادياً". وتضيف "يعاني الأطفال المصابون بالسكري من التمييز في المدارس، ويتم منعهم في كثير من الأحيان من ممارسة النشاطات الرياضية، أو حتى منعهم من الشرب في الوقت الذي يحتاجونه، وكذا السماح لهم بالذهاب إلى المرافق الصحية".
وتطالب أدهم بوجود عناية طبية في المدارس، كوجود ممرضين ومرشدين نفسيين للتعامل مع الأطفال المرضى.
من جهته، يقول رئيس المركز الوطني للسكري والغدد الصم والوراثة، الدكتور كامل العجلوني، خلال الاحتفال الوطني باليوم العالمي للسكري والذي نظمته الجمعية الأردنية للعناية بالسكري الأربعاء، إن أحدث إحصائية علمية عالمية، تُظهر أن الأردن من أسمن عشر دول في العالم. كما أن نسبة مرض السكري والسكري الكامن فيه تبلغ 45 بالمائة ضمن الفئة العمرية 25 عاماً فما فوق، وفق إحصائية وطنية 2016، مشيراً إلى أن الدول العربية تسبق عادة الدول الغربية بالإحصائيات السلبية.
ويوضح أن التكلفة الاقتصادية لمرض السكري تعتبر الأعلى بين الأمراض كافة على المستوى العالمي إذا ما قيست الكلفة باقتصاديات الدولة، مشيراً إلى أن 20 في المائة من موازنة الأردن تُصرف على الأمراض غير السارية.
من جهته، أعلن الأمين العام للشؤون التعليمية في وزراة التربية والتعليم الأردنية، محمد العكور، عن تجاوب الوزارة مع دعوة المركز الوطني للسكري، بتقديم خطين ساخنين لأي ملاحظات أو شكاوى خاصة بطلاب وأهالي مرضى السكري.
وكانت رئيسة الجمعية للعناية بالسكري، الدكتورة نديمة شقم، أكدت على سَهَر الجمعية ومنذ 27 عاماً، على التوعية الصحية والكشف المبكر على مرض السكري، وتقديم كل ما هو جديد لمكافحة المرض طبقاً لأحدث الدراسات العالمية، مشيدة بدور وزارة الثقافة بمساعدة الأطفال المصابين بالمرض من خلال المشاركة بالفعاليات الثقافية والورش التدريبية الفنية والثقافية.
وتضمنت فقرات الاحتفال، عرض فيديو عن نشاطات الجمعية، وكلمات لأطفال السكري، وعرضاً مسرحياً أداه أطفال مصابون بالمرض، وأغنية ومسرحية من إنتاج وزارة الثقافة، ومعرضاً فنياً تثقيفياً عن مرض السكري.