مع اقتراب عيد الأضحى، جال "العربي الجديد" للتعرف على أوضاع المقيمين العرب في بريطانيا، وعلى كيفية احتفالهم بالعيد. وواجه في شارع "إدوارد روود" الذي يكتظ بالعرب ومحالهم، أجواء لا تختلف كثيرا عن مدننا العربية.
وتكاد الأجواء تعود بنا إلى حاراتنا وشوارعنا في بلادنا العربية، لولا حافلاته. وبينهم أشخاص جدد، حالفهم الحظ ووصلوا إلى برّ الأمان، وآخرون ما زالوا يعانون لوعة فراق الأحبّة أو فقدان ذويهم، ومن بقوا في مخيّمات اللاجئين.
يبقى المهاجر العربي صاحب حس مرهف كلما أتت ذكرى تذكره بالوطن الأم. قد يخرج بعضهم عن إطار الحديث عن مجرد العيد وما يعايشه في مهجره، لكنه يبقى ورغم كل الانتقادات عيدا يستذكره، أحيانا بشوق وأحيانا بدفعه بعيدا.
اختلاط السياسة بأجواء العيد في الحديث مع مهاجرين عرب في لندن ليس اختيارا، بل هو تدفق تلقائي يراه المتحدث فرصة ليقول لصحيفة عربية ما بداخله، سواء تعلق الأمر بمشاعر حياته اليومية في بلد المهجر بريطانيا أو حول أوضاع عربية ليست بالضرورة أوضاع بلده.
فحين يقول "أبو يوسف" المقيم في بريطانيا منذ 3 سنوات فقط شيئا عن العيد، فهو وإن قال بأن بريطانيا "بلد ممتاز والناس تقدّر أعيادنا ومناسباتنا"، ورغم أنه بفعل عمله كجزار لن يستطيع الاحتفال بالعيد إلا أنه لا يتردد في الدعاء للشعب المصري، ثم يعرج على الشعبين السوري والعراقي متمنيا أن تبتعد عنهما المشاكل. مهما حاول العرب في المهجر الابتعاد عن السياسة فهي حاضرة حتى في الحديث عن العيد.
ساعات ويطلّ علينا عيد الأضحى المبارك، في عام تبدّلت فيه أوضاع مئات آلاف الأشخاص، نتيجة الحرب الدائرة في مناطق مختلفة من العالم، وخصوصاً في بلادنا العربية.
طغت النزعة إلى الحديث عن السياسة وحقوق الإنسان، لدى بعض أبناء الجالية العربية، على الرّغم من أن سؤالنا كان عن مناسبة عيد سعيدة، إذ استرسل صاحب مصبغة عراقي في الخمسينيات من العمر، في إلقاء اللوم على حكّام دولة عربية واتّهامهم بما يجري في الدول العربية من خراب وقتل للناس. وبالكاد تحدّث عن عيد الأضحى وعبّر عن اشتياقه لأهله في بلده الذي غادره منذ أربعين عاماً، وعاد ليؤكّد احتمالية وقوع تفجيرات في العراق بهذه المناسبة، ليوجّه أصابع الاتّهام إلى الجهة ذاتها.
ومن لبنان، تحدث لـ "العربي الجديد"، الشاب مارك حايك المقيم في بريطانيا منذ 15 عاماً، ولفت إلى الحنان الموجود في الدول العربية أيّام الأعياد، وأنّ الأعياد في بريطانيا "تمرّ كأي يوم عادي فالناس لا تحتفل كثيراً بها".
وأكّد مارك أنّه لا يهتم بالديانات بتاتاً، وأنّ الإنسانية وحدها هي التي تعنيه، وأضاف أنّه "على الرّغم من تهجير المسيحيين في العراق، لكن الإسلام هو دين حق وليس دين تهجير". وانتقد الدول العربية وأحكامها على الناس، وقال إنّه يفضّل الحياة في بريطانيا على جميع الدول العربية، لأنّها بلد الحرّيات في العبادة وفي جميع الأمور.
من جانبه قال سعيد، عراقي يقارب السبعين من العمر، مقيم في بريطانيا منذ 15 عاماً، إنّه لا يوجد اختلاف في العيد بين هذه البلاد ووطنه، فالحريّة متوفّرة، ومعظم أهله معه، وعن ذكرياته في العراق، قال لم تعد تهم حين يجد الإنسان الأمن والأمان وحقوق الإنسان هي الأهم. وأكّد على أنّه منذ دخل بريطانيا شعر بأنّه إنسان لديه كرامة وقيمة في الحياة وأنّه بشر. وعن يوم العيد أضاف أنّهم يذبحون الذبائح ويزورون الأهل ويتمتّعون بكامل الحريّة للقيام بما يشاؤون.
ومن الجزائر، قال رضوان أبو جمعة، المقيم في بريطانيا، إنّ العيد هو المناسبة الوحيدة التي يلتقي بها الأهل والأصدقاء حين يتذكّر الناس بعضهم البعض، وأنّه يشعر بالفرح مع اقترابها. واستدرك أنّ "هناك جرحا دائما حين يفكّر الإنسان بإخوانه العاجزين عن الاستمتاع بفرحة العيد، مثل سورية والعراق والبلدان الأخرى التي تعاني من المشاكل".
وتمنّى لهم الخير وأن تنطفئ نار الفتنة بين المسلمين كما انطفأت في الجزائر. وعن العيد قال: "لا طعم له هنا، وأنّه حين يشتري خروفاً لا يميّز رأسه من فخذه، وأنّه سيفاجئ أهله في الجزائر ليحتفل معهم. وإنّ "العيد في الجزائر عالم آخر فهو كمن يزور مكّة".
ومن سورية، من حلب تحديدا، تحدّث ياسر نعناع، صاحب محل "أسواق وأفران فرح"، عن إقبال الناس على شراء الأضاحي، التي تعتبر من المراسم المهمّة. جاء نعناع إلى بريطانيا منذ 3 سنوات، وقال إنّه يحاول أن يعيش أجواء بلده، والتأقلم مع الواقع الذي هم فيه. وعن حلب أخبرنا نعناع عن معالمها السياحية والطعام والطرب وقال إنّه يعجز عن وصفها بكلمات فهي "أم الدنيا بحق".
أمّا اسماعيل مصطفى عبد الله، عراقي مقيم في بريطانيا، فقال إنّه يشتاق للأهل في بلده، وبما أنّه صاحب محل إلكترونيات، لفت إلى ارتفاع نسبة البيع مع اقتراب العيد. وكذلك هنّأ حكمت أحمد موسى، من العراق، المسلمين بعيد الأضحى، وقال إنّه يفتقد للزيارات الأهلية.
بدوره قال أبو وليد، إنّ العيد في العراق أجمل بسبب التقاليد والعادات والأهل، وهنّأ جميع المسلمين بالمناسبة. وأيضاً تحدّث عايد المطيري، سائح من الكويت، عن تمضيته العيد في بريطانيا بعد وصوله من ألمانيا. وهنّاً أهل الكويت بالمناسبة، وتمنّى لو كان باستطاعته تمضية العيد في الكويت، لكنه لم يجد حجزاً.
وعايشة، من المغرب، بدت سعيدة في التعبير عن رأيها، وقالت إنّها تحتفل بالعيد وحدها، والاحتفال مع العائلة في بلدها أكثر متعة بالطبع، ولكنّها تستمتع بحياتها في لندن. وتمنّت أن يعم الأمن جميع الدول العربية.
وبدوره أبدى مساعد الجوراني، من العراق، رغبته في تهنئة المسلمين بالمناسبة.