أكثر من 1.6 مليار ريال أنفقتها أرامكو على مبنى الملك عبد العزيز الثقافي الضخم الواقع في بداية طريق الخبر الجبيل، لكن دقائق من الأمطار المتوسطة حولت المبني إلى بركة سباحة في الداخل والخارج، الأمر الذي تسبّب في تأجيل تدشين المشروع على يد الملك سلمان الذي كان يزور المنطقة الشرقية، فلم تصمد المليارات أمام مليمترات قليلة من الأمطار.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تكرر في العاصمة الرياض التي تحوّلت شوارع فيها تم افتتاحها منذ أيام قليلة إلى بحيرات تعذّر السير فيها.
ومنذ الدقائق الأولى لهطول الأمطار، شهدت الكثير من شوارع العاصمة الرئيسية توقّفاً تاماً في حركة السير، بعد أن فشلت حتى صهاريج سحب المياه في إعادتها للعمل، فعجّ شارع الحسن بن الحسين، الواقع في شرق الرياض، بالصهاريج العملاقة التي تسببت في إعاقة حركة السير في الشارع المهم الذي لم يمض على افتتاحه سوى أسابيع قليلة.
أما النفق الجنوبي الذي يربط جنوب العاصمة بشمالها فلم تمض سوى ستة أيام على بدء استخدامه بعد 50 يوماً من الصيانة حتى ظهرت العيوب فيه، وتحول إلى بحيرة عميقة، وفشلت مضخات الشفط في تصريف الكميات الضخمة من الأمطار، ليتم إغلاقه وتحويل المسار إلى شوارع أخرى، كما تم إغلاق تقاطع طريق سعود بن مقرن مع الدائري الشرقي، جنوب جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وتحويل المسارات هناك، في محاولة لمعالجة مشكلة تجمع المياه.
تكرر الأمر في مخرج 19 الواقع غرباً، وفي مخرج 13 الذي يعرف المشكلة نفسها منذ عشرين عاما بلا حل. وتسبب ارتفاع منسوب المياه وفشل مضخات السحب في التعامل مع الأمطار، مثل كل عام، في غرق سيارات كاملة داخله. المشهد تكرر في مخرج خمسة الشمالي، وأيضا في مخارج 24 و27 و34 غربا، ونفق جامعة الملك سعود وسط العاصمة، ومع توقع عودة الأمطار الأسبوع المقبل، لا يستبعد سكان العاصمة، تكرار حالات غرق الشوارع. وخلال الأيام الماضية، ظهرت عدة مقاطع تكشف فساد أعمال المقاولات في مشاريع ضخمة، كان أبرزها الصالة رقم خمسة في مطار الرياض، التي لم يمر على إنشائها أكثر من أشهر قليلة.
الحوادث ذاتها تكررت في جدّة التي ماتزال تغرق كل عام، وتسببت الأمطار التي هطلت بالأمس في احتجاز أكثر من 380 شخصا. ساعة واحدة من الأمطار كانت كافية لكشف ضعف البنى التحتية ومشاريع التصريف التي أُنشئت بعد كارثة جدة عام 2009، خصوصاً في جنوب المدينة الواقعة على البحر الأحمر، التي يسكنها نحو 2.8 مليون نسمة، فسرعان ما أُغلقت الكثير من الطرق الرئيسية خاصة طريق مكة، وطريق المدينة، وغرقت أحياء مهمة وعريقة في بحيرات ضحلة.
ويتّهم مواطنون أمانة جدّة بالتسبب في تكرار الحوادث، لفشل مشاريعها، ووصلت الاتهامات إلى مستوى الفساد. وقال الحقوقي أحمد العبد الله لـ"العربي الجديد": "في كل عام ومع أول قطرة مطر، تغرق جدة، وكأن الأمانة لا تتعلم من أخطائها التي تتكرر منذ الأربعاء الأسود قبل سبع سنوات".
وأضاف: "في كل عام يتم إطلاق الوعود من قبل البلديات والأمانة بأنه تم حلّ المشكلة، وأن مشاريع التصريف دخلت حيز العمل، ولكن مع أول قطرة مطر نكتشف أن ذلك كله مجرد كلام في الهواء، لأن هذه المشاريع لا نشاهدها على أرض الواقع".
التساقطات المطرية أغرقت الأحساء (شرق السعودية) أيضا، ودفع ذلك المجلس البلدي في المنطقة على مواقع تجمع مياه الأمطار والمناطق غير المزودة بشبكات تصريف السيول والأمطار والخطط التي اتخذتها الأمانة في معالجة التصريف وسحب تجمعات المياه.
وقال رئيس بلدي الأحساء، أحمد الجعفري، إنّهم "يسعون لحلّ المشكلة التي تتكرر كل عام بشكل جذري"، وأضاف "حدوث تجمعات المياه في بعض الطرق ناتج عن عدم استكمال مشاريع تصريف السيول والأمطار، والتي هي في طور العمل والانتهاء منها في القريب العاجل، وتعكف الأمانة حالياً على إيجاد حلول مؤقتة تفاديا لتجمعات المياه خلال موجات المطر القادمة".
وتكررت الصورة السلبية في شقراء (وسط السعودية)، عندما تسببت أمطار لم تستمر لأكثر من ثلاثين دقيقة في انهيار الطريق الزراعي شرقي شقراء خط البطين، وهو مشروع لم يمض على تدشينه أكثر من شهر.