وتعيش محافظة شمال سيناء تحت وطأة حالة الطوارئ منذ الانقلاب في صيف 2013. ولاقى خلالها سكان المحافظة صنوفاً من الانتهاكات، كالقتل خارج إطار القانون، والاختفاء القسري، والاعتقال بدون تهمة، وتدمير المنازل، وتجريف الأراضي الزراعية.
وما أنْ تنتهي مدة الطوارئ في سيناء، حتى يُجدد لها مرة أخرى بقرارات جمهورية. ومع التجديد تزداد الانتهاكات بحق المدنيين، وتزداد أعداد القتلى والجرحى والمعتقلين والمهجّرين، من دون أي موعد لانتهاء هذه الأزمة الإنسانية المتفاقمة.
وفور صدور القرار الجمهوري بإعلان حالة الطوارئ، يوم الأحد الماضي، بعد تفجيري الكنيستين في طنطا والإسكندرية، تناقل سكان محافظة شمال سيناء الخبر عبر صفحات التواصل الاجتماعي، وفي شوارع المحافظة، وخصوصاً مدينة العريش التي تعتبر عاصمة المحافظة.
ويقول أحد مشايخ سيناء، في حديث مع "العربي الجديد"، تعليقاً على قرار "الطوارئ" في محافظات مصر: "أصبحت حياتنا كلها طوارئ، وكنا نصرخ بضرورة أن تتوقف هذه المعاناة، إلا أنه لا حياة لمن تنادي. جاء اليوم الذي يشعر فيه كل مصري بمعاناة أهل سيناء". وأوضح أنه مع مرور الأيام يزداد المشهد الأمني تعقيداً، والمتضرر الأول هو المواطن في سيناء، الذي تعرض للقتل والإصابة والاعتقال، وفقدان مصدر لقمة العيش، ما يثبت فشل التعامل الأمني في القضية ككل، بما فيها فرض حالة الطوارئ. ويعتبر أن "النظام المصري واهم إذا ظنّ أن حالة الطوارئ ستأتي له بالأمان، هذه مجرد شماعة لتعليق الانتهاكات التي ستأتي في الأيام المقبلة، ولينتظر المصريون ما ستحمله الفترة المقبلة من تجاوزات بحقهم، وكله بما يرضي القانون".
وتناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي من أبناء سيناء القرار الجمهوري متهكمين، ويقول أحمد يوسف: "إحنا السيناويين متعودين ع كده، إذا عايزين خطوات التعوّد على الطوارئ نرسلها ليكم". من جهته، تساءل الشاب فادي عودة "مين المحافظة المصرية اللي مش حيفرق معها القرار؟"، في إشارة إلى أن محافظة شمال سيناء تعيش القرار الجمهوري منذ سنوات، واعتادت على تفاصيله وما تبعه من انتهاكات.
وبحسب منظمة سيناء لحقوق الإنسان، التي أصدرت تقريرها الشهري الرابع، قبل أيام، والذي رصدت فيه الانتهاكات التي حدثت في جميع مدن وقرى شبه جزيرة سيناء خلال شهر مارس/ آذار 2017، فإنه قُتل ما لا يقل عن 28 مدنياً، من بينهم 3 أطفال وامرأتان.
وأوضحت المنظمة في بيانها، أن 45 مدنياً أصيبوا، جراء انتهاكات مختلفة ارتكبت من قبل القوات المسلحة المصرية ومجاميع مسلحة، تركزت أغلبها في مدينتي رفح والعريش في شمالي سيناء، إذ تم تسجيل 72 انتهاكاً فيهما من أصل 96 انتهاكاً وقع شمال ووسط وجنوب سيناء.
وأشارت المنظمة إلى أن الاعتقالات التعسفية والتضييق المستمر على المدنيين في سيناء طاولا الجميع بمختلف الفئات. ووفقاً لشهادات مؤكدة، فإن عرض مواطني سيناء هوياتهم الرسمية على الكمائن والحواجز الأمنية يجعلهم أكثر عرضة للمساءلة والتدقيق والتفتيش من قبل القوات الأمنية، وفي أحيان كثيرة يعرضهم ذلك للاعتقال، إذ تنظر إليهم السلطات الأمنية بعين الشك والريبة، وهو ما يصفه سكانٌ محليون بأنه "عقاب على الهوية".
ومن بين الانتهاكات الإضافية التي تم رصدها، سقوط قذائف وهجمات عشوائية على مناطق آهلة بالسكان المحليين في العريش ومدن ومناطق أخرى من قبل القوات المسلحة المصرية، أدت إلى إصابة مدنيين، من بينهم 10 نساء و11 طفلاً. وهذه المناطق تخلو من أهداف عسكرية. كما لوحظ أن القذائف المستخدمة ذات طبيعة استهداف عشوائية غير دقيقة، ما يؤدي إلى وقوع خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات، وهو ما يعتبر من الجرائم المُحاسب عليها قانوناً.