بخطوط منحنية، جذبت أوغيت الخوري كالان الأنظار إلى أعمالها منذ ستينيات القرن الماضي، والتي لم تكن دلالاتها الحسّية مجرّد تعبير فني جمالي خالص، إنما عكست أفكارها في تحرير المرأة من قيود تقاليد وأعراف تكبّلها وتمنعها من الإبداع، واستطاعت أن تطوّر أدواتها وتقنياتها ضمن مسارات متعدّدة.
استندت الفنانة اللبنانية (1931 – 2019) إلى معرفة معمّقة بالفنون البيزنطية من فسيفساء وسجّاد وتطريز وممارسة حداثوية للفن، عبر رسوماتها التجريدية التي تمتلك طاقة تعبيرية مكثّفة عن الجسد الذي ترسمه كمنظر طبيعي بفراغات وأشكال تقترب من الجبال والوديان.
"أوغيت الخوري كالان: وجوه وأماكن" عنوان المعرض الذي يفتتح في الثاني من آب/ أغسطس المقبل في "متحف: المتحف العربي للفن الحديث" بالدوحة ويتواصل حتى الثلاثين من تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، بعد أن تأخر إطلاقه في آذار/ مارس بسبب تفشّي فيروس "كوفيد – 19".
تحوّلت من التصوير التجريدي إلى أسلوب رسم يُعنى بالتفاصيل
يستعيد المعرض ستّة عقود من تجربتها، التي قدّمت خلالها لوحات ورسومات ومنحوتات وتصميمات ملابس وأزياء، ومنها أول قفطان صمّمته الفنانة، إلى مجموعة مختارة من الرسومات التي لم تعرض من قبل. المعرض بذلك هو "بمثابة رحلة تشمل ثلاث قارات تسلّط الضوء على الوجوه والأماكن التي أثْرت الحصيلة الفنية الغنية لهذه الفنانة دون أن يحيد نظرها عن مفهوم مهيمن على أعمالها، ألا وهو الخط"، بحسب بيان المنظّمين.
من أعمالها المتأخرة التي يقدّمها المعرض عمل بعنوان "شوارب ﺧﻀﺮاء" الذي نفّذته عام 2011، باستخدام وسائط متعدّدة على القماش، وفيه تلامس التركيب الفسيفسائي بغنى لوني يقترب من المنسوجات التقليدية القديمة.
أيضاً يقدّم عملاً بعنوان "وجوه وأماكن 2" (2010) ومنه اقتبس عنوان المعرض، وفيه تتداخل الأجزاء المتناثرة المأخوذة من عدد كبير من الأشخاص والفضاءات، ويمثّل إلى حد كبير مراحل مختلفة مرّت بها كالان وعبّرت عنها في عمل واحدٍ.
من السبعينيات، سيلتقي الزائر بأعمال مثل: "هُمْ" (1975) و"أعضاء الجسم" (1973)، وفيهما نزوع أكبر نحو التجريد المبني على انحناءات الخطوط ضمن تكوينات متحرّرة من ثقل الكتلة وتوزيعها.
وبخصوص الأزياء التي صممّتها كالان، يضعنا بيان المنظّمين ضمن سياق تاريخي حين يشير إلى أن الفنانة "وُلدت في بيروت لأب شغل منصب أول رئيس للجمهورية اللبنانية عقب استقلالها. مفهوم الاستقلالية كان بغاية الأهمية بالنسبة إلى كالان، فعند بلوغها الرابعة والثلاثين من العمر رفضت الملابس الغربية التي يرتديها أقرانها واختارت كرِداء لها العباءة أو القفطان الذي تحوّل إلى عنصر هام في مسيرتها الفنية".
يضيف البيان: "انتقلت الخوري كالان إلى كاليفورنيا عام 1987، حيث تحوّلت من التصوير التجريدي إلى أسلوب رسم يُعنى بالتفاصيل أكثر ويوظّف تقنيات تطريز مختلفة. كانت ذكريات باريس وبيروت وتاريخها مع الأصدقاء وأفراد العائلة وصور الحنين حاضرة دوماً في اللوحات التي أعدّتها في أميركا، ولكن الخط بقي العنصر الحاضر أبداً في أعمالها".