عَرَفتُ فِيمَا أَسيرُ
بَينَ جُموعٍ تائِهَة
أَنَّكِ لِلتَّوّ،
عَبَرتِ صَوَبَ الحَرائِقِ
وفي طَريقِكِ
مَسَحتِ عَلَى الغَدائِرِ
كَيْمَا تُعَمِّدينَ بِالنّار
أُولَئِكَ الذِينَ انحَدَروا
مِنْ سُلَالَاتِ الوِحدَةِ
ومِنْ سُلَالَاتِ اليَقِين
■ ■ ■
مَضَى عَهدُ وِحدَتِكِ
رَأيتُ في الغَابَةِ التي اجتزتُهَا
رِفَاقِي العُشَّاق
ولَأَنَّكِ مَسَسْتِني مَرّةً
نَطَقَتْ شِفاهي كَلاماً عَجِيباً
جَمَعَ إِليَّ الأَغْصانَ ومَدّ بَيْنَ جَنَباتِي الطُيُور
قِيْلَ إِنَّنَي أَستَخدِمُ حُنجُرَتَكِ لِلغِناء
وجيُوبَكِ لِلّدِفء
أَصَابِعَكِ وشَفَتَيكِ لِلصَفِير
وعَينَيكِ لِلقُبَل،
قِيْلَ إِنَّنَي أَستَعير الطَريقَ الذِي تَسلُكِينَهُ
وأَمشي بقَدَمَيكِ عَلَى الماء
■ ■ ■
مَا كَانَ لي أَنْ أَستاءَ
مِنْ أَنّكِ لَمْ تَدعني إِلى سَفينَةِ غَدِكِ
فأنا مُقيمٌ حَيْثُ تَركتِ بِذارَكِ
أَهشُّ الغِربَانَ وأَرقَبُ عَودةَ الطَوفَانْ
تَجيءُ حَمائم وتأخُذُ مِنْ أَغصانِي
ورِجالٌ لَا يَنتَمونَ إِلى زَمانٍ واحِدٍ
يَجْلِسُونَ في ظِلالي
في طَريقِهِم إِلى حَرْبٍ واحِدَة
■ ■ ■
تَحَدّثتُ مَع الوَردَةِ عَنْكِ
وأَخبَرتنِي عَن افَتقْادِها لِلأَصَابِعِ
التي أَخَذتها مِنْ أُمِّها النَبْتَة
ووَضَعَتْها في الآنيَة
حَيْثُ وَقَفتُ في ساعاتِ النّهار
وعَبْرَ الليلِ أَشفَقتُ على العاشِقِ
الذي يتفَقّدُ في مَكانٍ ما مِنَ العالم،
أَصابِعَهُ الخالية، لَا مِنَ الأَزهار
وإنّما مِنَ العِناق
■ ■ ■
الوَردةُ تَذبُلُ
يَوماً بَعدَ آخَر
العاشِقُ يَستَاء، لَا مِنْ ذُبولِها
وإنّما لأَنَّ جَمَالكِ يَزدادُ وِحدَةً
يَزدادُ إِشراقاً
حَتّى يُخالَ أَنَّكِ عاشِقَة
تَنتَظِرينَ قُعُودَ الرِجالِ عَنِ الحَربِ
التي جَلَستُ عَنها
أنْتَظِرُ
عُبورَكِ
مَرةً ثانية
فِي حَياتِي،
وَلَوْ خَارِجَةً مِنْها.
* كاتب وشاعر سوري من مواليد اللاذقية عام 1989. صدرت له روايتان: "حقول الذرة" التي نالت "جائزة الطيب صالح" عام 2016، وصدرت طبعتها الثانية عن "دار ممدوح عدوان" عام 2017، و"الهجران" عن "دار التنوير" عام 2019.