14 نوفمبر 2024
إسرائيل إلى احتلال أفريقيا
باستثناء الجهود الشعبية التي يبذلها المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، لعرقلة الجهد الصهيوني المحموم لعقد مؤتمر كبير في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، تحت عنوان "القمة الإسرائيلية - الأفريقية" في توغو، لا نكاد نشهد أي جهد عربي رسمي أو شعبي بهذا الاتجاه، على الرغم من خطورة عقد هذه القمة التي عملت إسرائيل على تهيئة الأرض لعقدها منذ سنوات في غيابٍ شبه كامل للعرب، باعتبارها تطوّراً غير مسبوق لمساعي الكيان الصهيوني الدؤوبة للالتفاف على جدار العزلة الواسعة والرفض المبدئي الذي يواجهه في أفريقيا، وإظهار نفسه شريكاً موثوقاً لأمم القارة.
نظر المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج إلى هذه القمة، وهو محق، باعتبارها إهانة لنضالات أمم القارة الأفريقية، واستهتارا بكفاح أجيالها العادل للتحرّر من الاستعمار والعنصرية. كما أنها محاولة من نظام الاحتلال لإظهار نفسه شريكاً موثوقاً لبلدان أفريقيا، لتزييف حقيقته، فهو لن يأتي لأفريقيا لنشر قيم الحب والسلام والوئام، بل يطمح لتكون أفريقيا سوقا لمنتجات الموت والقتل التي ينتجها، ومجالا لتصدير مرتزقته لإعانة دكتاتوريي القارة السوداء، على الرغم من أنّ مصالح الأمم الأفريقية الحقيقية، ومساعيها للتنمية المستدامة وتدعيم الازدهار والتطوير؛ لا تلتقيان مع نظام الاحتلال الاستعماري العنصري في فلسطين، بسجلِّه العدواني والإرهابي
الحافل، وهو ما توثقه تقارير دولية، ومستقلة متعدّدة، ومنها مثلاً تقرير لجنة الأمم المتحدة لغربي آسيا عن تفاقم سياسات الأبارتهايد "الإسرائيلية" الصادر في العام الجاري. كما أنّ الكيان الصهيوني الذي يمارس جرائم الحرب والقتل الجماعي والانتهاكات الجسيمة وأساليب الترويع، ويسلب الشعب الفلسطيني أرضه وموارده، ويرعى عصابات الاستيطان غير الشرعي المتشدّدة، لا يحق له أن يكون شريكاً لأممٍ ناهضة تسعى إلى التقدم والرفاه ومكافحة الإرهاب.
تنصب جهود مؤتمر فلسطينيي الخارج اليوم على استنفار الحكومات والمؤسسات الرسمية والشعبية والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات العامة والقيادات المجتمعية ووسائل الإعلام في عموم أفريقيا، وفي العالم كله، لحشد الجهود ضد هذه التحرّكات التي يباشرها نظام الاحتلال الصهيوني، والتي يحاول من خلالها تسويق نفسه في القارّة بأساليب مضللة، متجاهلاً مبادئ الحق والعدل وحريات الشعوب والمواثيق والقوانين الدولية. وقد باشر المؤتمر بالفعل، بما توافر له من جهد، تحرّكاته والتواصل مع الأطراف المعنية، وخصوصا القوى المؤثرة في الأمم الأفريقية، لمواجهة هذه المساعي ومحاولات الاستغلال والتضليل الصهيونية، وهو جهد مشكور، ولكنه بالطبع لا يكفي لوقف تلك التظاهرة العنصرية البغيضة في إفريقيا، إذ إن تعطيل عقد المؤتمر واجب، بشكل خاص، على الدول الأفريقية ومنظماتها وهيئاتها ومواطنيها، والدول العربية والإسلامية بشكل عام.. ذلك أن حضور كيان العدو الصهيوني في القارّة لن يكون لصالح أهلها، بل لصالحه، وهو الذي يصدّر الموت والمرتزقة والاستبداد إلى كل دول العالم، ويدعم الأنظمة الشمولية التي تمارس ضد شعوبها أبشع صور العدوان والسلب والنهب. من هنا، تصبح مقاومة عقد هذا المؤتمر، والتشويش عليه بكل السبل المتاحة، واجبا وطنيا وقوميا وإنسانيا على كل أمم الأرض الحية.
ولا بد هنا من التنويه إلى أن التحرّك العربي الوحيد ضد عقد هذه القمة كان من رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، في زيارته الخرطوم في يوليو/ تموز 2016، ولقائه مع الرئيس السوداني عمر البشير، حيث أثار مسألة تطوير الاستراتيجية العربية في القارة الأفريقية، والتنسيق من أجل وقف محاولات إسرائيل لتحقيق اختراق لها في أفريقيا. ولا يُتوقع استطاعة السلطة أو السودان فعل شيء الآن، فالوقت متأخر وإمكاناتهما السياسية/ الدبلوماسية محدودة، ومشكلاتهما ومصائبهما أكثر من أن تُحصى، على حد تعبير سفير مصر السابق في أنغولا
وساوتومي والنيجر، بلال الــمصري، الذي أحصى، في مقال مهم نشره الموقع الإلكتروني للمركز الديمقراطي العربي، خمسة أسباب لخطورة المؤتمر الصهيوني في أفريقيا، وهي جديرة بالمراجعة والتأمل، ومن أهمها أن غرض المؤتمر استعادة الكتلة التصويتية الأفريقية وتنميتها، لاستخدامها في دعم مكانة إسرائيل الدولية، حيث تنظر إسرائيل إلى دول القارّة على أنها كتلة تصويتية، تتكون مما لا يقل عن 50 صوتا. وأكد ذلك رئيس وزراء العدو الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لسبعة رؤساء أفارقة اجتمع بهم في رواندا في يوليو/ تموز 2016، وهو الأمر الذي هدفت إليه في كلمته أمام قمة المنظمة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في مونروفيا في يونيو/ حزيران 2017. ولهذا لم يكن بعيدا عن الحقيقة، عندما قال في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها العادية في سبتمبر/ أيلول 2016 إن لإسرائيل مستقبلا مشرقا في الأمم المتحدة، وإن هدفه الدبلوماسي الأهم هو وقف التصويت التلقائي للدول الأفريقية ضد إسرائيل في الأمم المُتحدة، وأن هذا اليوم الذي سيحدث فيه ذلك ليس بعيدا. إلى ذلك سيكون عقد مؤتمر إسرائيل في أفريقيا إيذانا بانتهاء الدور المصري، والعربي عموما في أفريقيا، وستنضم إسرائيل إلى قوى دولية التي تتنافس على النفوذ في القارة السوداء، وهي الصين والولايات المتحدة وفرنسا والهند وروسيا وإيران.. وتركيا أخيرا.
لا تجاوز للحقيقة هنا في القول إن مؤتمر توغو الصهيوني سيمهد الطريق لإسرائيل لإعادة احتلال أفريقيا، أو لجزء كبير منها، سياسيا واقتصاديا وعسكريا، وهو ما سيعزّز مكانة إسرائيل الدولية والإقليمية أكثر فأكثر، وما سيزيد من معاناة الشعب الفلسطيني الذي يدفع ثمن تمزّق النظام العربي، وانشغاله بمقاومة آثار ثورات الربيع العربي.
نظر المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج إلى هذه القمة، وهو محق، باعتبارها إهانة لنضالات أمم القارة الأفريقية، واستهتارا بكفاح أجيالها العادل للتحرّر من الاستعمار والعنصرية. كما أنها محاولة من نظام الاحتلال لإظهار نفسه شريكاً موثوقاً لبلدان أفريقيا، لتزييف حقيقته، فهو لن يأتي لأفريقيا لنشر قيم الحب والسلام والوئام، بل يطمح لتكون أفريقيا سوقا لمنتجات الموت والقتل التي ينتجها، ومجالا لتصدير مرتزقته لإعانة دكتاتوريي القارة السوداء، على الرغم من أنّ مصالح الأمم الأفريقية الحقيقية، ومساعيها للتنمية المستدامة وتدعيم الازدهار والتطوير؛ لا تلتقيان مع نظام الاحتلال الاستعماري العنصري في فلسطين، بسجلِّه العدواني والإرهابي
تنصب جهود مؤتمر فلسطينيي الخارج اليوم على استنفار الحكومات والمؤسسات الرسمية والشعبية والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات العامة والقيادات المجتمعية ووسائل الإعلام في عموم أفريقيا، وفي العالم كله، لحشد الجهود ضد هذه التحرّكات التي يباشرها نظام الاحتلال الصهيوني، والتي يحاول من خلالها تسويق نفسه في القارّة بأساليب مضللة، متجاهلاً مبادئ الحق والعدل وحريات الشعوب والمواثيق والقوانين الدولية. وقد باشر المؤتمر بالفعل، بما توافر له من جهد، تحرّكاته والتواصل مع الأطراف المعنية، وخصوصا القوى المؤثرة في الأمم الأفريقية، لمواجهة هذه المساعي ومحاولات الاستغلال والتضليل الصهيونية، وهو جهد مشكور، ولكنه بالطبع لا يكفي لوقف تلك التظاهرة العنصرية البغيضة في إفريقيا، إذ إن تعطيل عقد المؤتمر واجب، بشكل خاص، على الدول الأفريقية ومنظماتها وهيئاتها ومواطنيها، والدول العربية والإسلامية بشكل عام.. ذلك أن حضور كيان العدو الصهيوني في القارّة لن يكون لصالح أهلها، بل لصالحه، وهو الذي يصدّر الموت والمرتزقة والاستبداد إلى كل دول العالم، ويدعم الأنظمة الشمولية التي تمارس ضد شعوبها أبشع صور العدوان والسلب والنهب. من هنا، تصبح مقاومة عقد هذا المؤتمر، والتشويش عليه بكل السبل المتاحة، واجبا وطنيا وقوميا وإنسانيا على كل أمم الأرض الحية.
ولا بد هنا من التنويه إلى أن التحرّك العربي الوحيد ضد عقد هذه القمة كان من رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، في زيارته الخرطوم في يوليو/ تموز 2016، ولقائه مع الرئيس السوداني عمر البشير، حيث أثار مسألة تطوير الاستراتيجية العربية في القارة الأفريقية، والتنسيق من أجل وقف محاولات إسرائيل لتحقيق اختراق لها في أفريقيا. ولا يُتوقع استطاعة السلطة أو السودان فعل شيء الآن، فالوقت متأخر وإمكاناتهما السياسية/ الدبلوماسية محدودة، ومشكلاتهما ومصائبهما أكثر من أن تُحصى، على حد تعبير سفير مصر السابق في أنغولا
لا تجاوز للحقيقة هنا في القول إن مؤتمر توغو الصهيوني سيمهد الطريق لإسرائيل لإعادة احتلال أفريقيا، أو لجزء كبير منها، سياسيا واقتصاديا وعسكريا، وهو ما سيعزّز مكانة إسرائيل الدولية والإقليمية أكثر فأكثر، وما سيزيد من معاناة الشعب الفلسطيني الذي يدفع ثمن تمزّق النظام العربي، وانشغاله بمقاومة آثار ثورات الربيع العربي.