كشف تحقيق صحافي إسرائيلي أن الاستثمارات الإسرائيلية في إقليم كردستان العراق تعاظمت بشكل كبير في الآونة الأخيرة، موضحاً أن "شركات إسرائيلية يديرها جنرالات في الاحتياط تؤدي دوراً مركزيّاً في الاستثمار في مجالات الطاقة والإنشاءات والأمن والاتصالات".
وبحسب التحقيق الذي نشرته صحيفة "معاريف" الإسرائيلية في عددها الصادر، الاثنين الماضي، وأعدّه معلّقها للشؤون الاستخبارية، يوسي ميلمان، فإن المئات من رجال الأعمال الإسرائيليين يتوجّهون إلى كردستان بهدف عقد صفقات.
وأشار إلى أن معظم رجال الأعمال الإسرائيليين الذين يديرون الاستثمارات في كردستان هم من الجنرالات المتقاعدين الذين خدموا في الجيش أو جهازي الاستخبارات الداخلية (الشاباك) و"الموساد".
وأوضح أن من أبرز الأشخاص الذين هم على علاقة عمل مع كردستان، الرئيس الأسبق لجهاز "الموساد"، الجنرال داني ياتوم، والذي يرأس شركة للاستشارات الأمنية.
ويُعدّ الجنرال الإسرائيلي المتقاعد، عيدان عوفري، الذي يرأس مجلس إدارة شركة "هحفراه ليسرائيل" ذات اختصاصات العمل المتعددة، من الضيوف الدائمين على حكومة كردستان.
وبحسب التحقيق، فالتعاون بين إقليم كردستان ورجال الأعمال والشركات الإسرائيلية، بدأ عام 2003، بعد الغزو الأميركي للعراق، وولادة الإقليم الكردي في شمال العراق. ودفعت حاجة الإقليم لإقامة مؤسسات "دولة"، لفتح أبوابه أمام الشركات الإسرائيلية.
وكشف أن أكثر الشركات الإسرائيلية حضوراً في كردستان هي شركة "كودو" (مجمع تطوير كردستان)، التي يرأس مجلس إدارتها الجنرال المتقاعد، شلومي ميكليس، الذي سبق له أن قاد "وحدة مكافحة الإرهاب" في الشرطة الإسرائيلية المعروفة بـ"يمام".
وميكليس، وفق تحقيق "معاريف"، على علاقة وثيقة بعائلة رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني، وجنت شركته أرباحاً بعشرات مليارات الدولارات، نتيجة الاستثمار بالإقليم.
وقدّمت "كودو" استشارات أمنية لإقامة المطار الدولي في أربيل عاصمة الإقليم، علاوة على قيامها بتصدير السلاح والعتاد الحربي والتقني من إسرائيل إلى الإقليم.
وأشار التحقيق إلى أن ميكليس استقدم العشرات من الجنرالات المتقاعدين، في الجيش والاستخبارات الإسرائيلية الى كردستان، حيث دشنوا شركات من أجل الاستثمار خصوصاً في الإقليم.
وظلّت نشاطات "كودو" في كردستان العراق سرية حتى عام 2006، عندما نشب خلاف بين ميكليس وأحد العاملين معه في الشركة، فقام العامل بالكشف عن طابع عمل الشركة في كردستان، مما أحرج عائلة البرزاني، التي أوقفت عمل الشركة بشكل مؤقت.
ومن بين الشركات الإسرائيلية التي تستثمر في كردستان، شركة "تيدران" للاتصالات، وشركة "مجيل" المتخصصة في بناء الأسوار الأمنية.
كما تقوم شركة "كمرون"، التي يملكها أبراهام جولان، بتزويد كردستان بالسلاح والعتاد، فيما حصلت شركة "هحفراه ليسرائيل" على ترخيص للتنقيب عن النفط في الإقليم.
ولفت التحقيق إلى أن بعض الجنرالات الإسرائيليين المتقاعدين، الذين يستثمرون في كردستان، سبق لهم أن استثمروا في دول عربية أخرى، مثل الجنرال موشيه شاي، الذي شغل في السابق منصب قائد شعبة العمليات في جهاز "الشاباك"، والذي يرأس شركة لتوريد الغاز إلى كردستان.
وسبق لشاي، أن قام بتوريد الغاز لكل من الصومال والأردن، علاوة على تزويد شركته طائرات الجيش الأميركي في العراق بالوقود.
وعلى الرغم من أن قانون "منع التسلل" لعام 1954، يعتبر العراق "بلداً عدواً"، مثله مثل اليمن، إيران، سورية والسعودية، ويحظر على الإسرائيليين زيارتها، إلا أن وزارة المالية الإسرائيلية أصدرت في 2003 مرسوماً يستثني العراق من الدول التي يحظر على رجال الأعمال والشركات الإسرائيلية الارتباط بعلاقات عمل معها، مع أن القانون ما زال يعتبرها "دولة عدواً".
ويقوم وزراء المالية بتجديد هذا المرسوم بشكل سنوي، إذ إن وزير المالية الحالي، يئير لبيد، وقّع في أكتوبر/تشرين الأول 2013 على المرسوم مجدداً، ويُفترض أن يظل سارياً حتى ديسمبر/كانون الأول 2014.
وأشار معلّق صحيفة معاريف للشؤون الاستخبارية إلى أن ما وصفه بـ"علاقة الحب" بين إسرائيل وإقليم كردستان تعود إلى مطلع ستينيات القرن الماضي، حين قامت إسرائيل وإيران بقيادة الشاه بتقديم الدعم للأكراد، الذين شنوا حرب عصابات على الحكومة العراقية، مطالبين بحكم ذاتي في شمال العراق.
وبحسب معاريف، فإنه كان لإسرائيل وإيران، اللتين كان يربطهما تحالف معلن، مصلحة واضحة في استنزاف الجيش العراقي، وهذا ما دفعهما إلى تقديم الدعم العسكري والاستخباري للمتمردين الأكراد بقيادة مصطفى البرزاني والد رئيس الإقليم.
وأشارت إلى أن جهاز "الموساد" تولى مسؤولية نقل المساعدات إلى كردستان، وحرص على نقل مدربين عسكريين صهاينة إلى كردستان، دربوا الميليشيات الكردية (البشمركة)، علاوة على تزويد هذه الميليشيات بالسلاح والعتاد.
ووفق ميلمان، فقد توقفت العلاقة بين إسرائيل والأكراد عام 1975، عندما وقّعت إيران والعراق على اتفاق يرسم الحدود بين الدولتين، وفرضت إيران على إسرائيل وقف مساعداتها للأكراد.
وكشف الصحافي الإسرائيلي أنه حتى في الوقت الذي توقّف التعاون الإسرائيلي الكردي، فقد عُقدت لقاءات في أوروبا بين ممثلين رسميين إسرائيليين وممثلين للأكراد.
في المقابل، فإن حكومة كردستان لا تخفي قيام وزرائها وممثلين عن دوائرها الحكومية بزيارة إسرائيل بهدف التعلم ونقل الخبرات الإسرائيلية، وقد قام وفد يمثّل وزارة الزراعة في الإقليم بزيارة إسرائيل.
ومن المفارقة أن الوفد لم يتردد في زيارة المستوطنات، التي أقامتها إسرائيل في منطقة غور الأردن بحجة الاطلاع على تجربتها في مجال الزراعة، حسب الصحيفة الإسرائيلية.