وثّق "مرصد الحريات الصحافية" (JFO) إصابة أربعة صحافيين خلال الأسبوع الحالي في اعتداءات متفرقة، خطط لها "تنظيم الدولة الإسلامية" (داعش) بأسلوب متقن، في محافظة نينوى، أثناء تغطية المعارك لاستعادة مدينة الموصل.
ويرجع "مرصد الحريات الصحافية" ذلك إلى عدم اهتمام وسائل الإعلام في العراق بتوفير وسائل الحماية الضرورية والاسترشاد بقواعد السلامة المهنية أثناء تغطية المعارك.
وكان مراسل قناة "الحرة"، عبدالحميد زيباري، ومساعد المصور الذي كان يرافقه، ياسر سالم، قد أصيبا أثناء تغطيتهما عمليات تحرير مدينة الموصل من "داعش"، في السادس عشر من كانون الثاني/يناير الحالي.
وقال مصور "الحرة"، جوهان توفيق، إن "الزميلين كانا متواجدين في حي الفيصلية لتغطية المعارك. بعد الساعة الثانية ظهراً من أمس الأول الإثنين، أصيبا بشظايا قنبلة ألقيت من طائرة مسيرة تابعة لتنظيم "داعش"".
وأضاف جوهان أن "إصابة المراسل عبدالحميد زيباري أكبر من إصابة زميله المصور ياسر سالم، إذ أصيب زيباري في قدمه، ودخلت بعض الشظايا في بطنه". ويخضع زيباري وسالم الآن للعلاج في "المستشفى الأميركي" في بلدة برطلة التابعة لمحافظة نينوى.
وفي اليوم نفسه، نجا فريق قناة "الغدير" الفضائية، ومقرها العاصمة بغداد، من استهداف آخر بطائرة مسيرة، أثناء تغطيتهم المعارك التي جرت في الساحل الأيسر من مدينة الموصل بين القوات الحكومية العراقية و"داعش".
ولم يلحق بفريق عمل "الغدير" أي ضرر، لكن سيارة البث المباشر (SNG) التي كانت ترافقهم، تضررت.
وفي 15 كانون الثاني/يناير الحالي، أصيب مراسل فضائية "كوردسات"، التابعة لـ"الاتحاد الوطني الكردستاني"، وتتخذ من مدينة السُليمانية مقراً لها، أثناء تغطيته معارك دارت بين جهاز مكافحة الإرهاب ومسلحين تابعين لـ"داعش" داخل جامعة الموصل.
وأصيب الصحافي كيلان بوتاني بشظايا في يده اليمنى، عندما حوصروا ثلاث ساعات داخل أحدى مباني الجامعة التي أعلن تحريرها لاحقاً. وبحسب زملاء له، فإن إصابته خفيفة وحالته مستقرة الآن.
وفي 14 كانون الثاني/يناير الحالي، أصيب مراسل قناة "الاتجاه" الفضائية، علي مطير، أثناء تغطية معارك تحرير جامعة الموصل. ويُظهر مقطع فيديو بثته "الاتجاه" لحظة إصابة مراسلها برصاصة قناص "داعش"، أثناء وقوفه على سطح أحد المنازل في مدينة الموصل. وكان مطير يرتدي درعاً ساعد على تخفيف أثر الإصابة التي لحقت به.
وقال رئيس مرصد الحريات الصحفية، زياد العجيلي، إن "المراسلين الحربيين ما زالوا يتعرضون للإصابات أثناء تغطيتهم المعارك في مناطق النزاع. هناك ضرورة للحفاظ على سلامتهم، وعلى مؤسساتهم أن تولي الاهتمام الكبير بذلك".
وأشار المراسل الحربي، وليد الشيخ، الذي يعمل لصالح قناة "الحرة" الفضائية، إلى أن "تنظيم داعش يتعمد استهداف الصحافيين الذين يغطون المعارك. هذا الاستهداف متوقع، ويجب الحذر منه والعمل بأسس السلامة المهنية".
ومنذ انطلاق عملية "قادمون يا نينوى" العسكرية في السابع عشر من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، تعرض الصحافيون العراقيون والأجانب لمخاطر حقيقية بسبب قلة تجهيزات السلامة الجسدية المتمثلة بالستر الواقية من الرصاص وخوذ حماية الرأس، ما تسبب بمقتل مصور وصحافي وإصابة 14 آخرين.
وكان تنظيم داعش قد استخدم بدقة طريقة استهداف الصحافيين بالقنص المباشر لمنع باقي المراسلين من تغطية تقدم القوات العراقية في شمال العراق، الأمر الذي يوليه التنظيم اهتماماً كبيراً.
وانطلاقاً من معرفة "مرصد الحريات الصحافية" بأهمية تأمين قواعد السلامة المهنية للإعلاميين والصحافيين في العراق بصورة عامة، ومن يعمل على تغطية الأحداث في مناطق النزاع العسكري خاصة، أطلق مشروع "سلامة"، وهو عبارة عن موقع إلكتروني يضم مجموعة أدوات أمنية صممت على الإنترنت بغرض مساعدة الصحافيين من خلال توفير خدمة "تقييم المخاطر الشخصية" التي تحدد مستوى تعرض المراسلين للمخاطر عند تغطية الأحداث في الأماكن بالغة الخطورة.
ويتميز مشروع "سلامة" بأنه يقوم بإرسال تنبيهات أمنية لنطاق عمل الصحافي الموجود في البقعة المحددة التي تحتاج إلى تحسين أمني، ويقدم نصائح مخصصة للبقاء في مأمن أثناء التغطية، مما يساعد المستخدمين للإجابة على أسئلة أساسية من ضمن تلك الأدوات الرقمية.
كذلك يسمح المشروع للمستخدم بتحليل نقاط الضعف الخاصة به وقدراته الفردية في الأجواء الخطرة للحصول على البيانات المطلوبة لوضع خطة للحد من المخاطر المحيطة بالصحافي.
وتتضمن منهجية عمل تلك الأدوات إرشادات لتوجيه هؤلاء المستخدمين لتحديد الأدوات المناسبة ووضع خطة للحد من المخاطر التي قد تعترضهم.
وطوّر "سلامة" من قبل الصحافي جورج لويس سييرا، خلال فترة زمالته لدى "المركز الدولي للصحافيين"، بالتعاون مع مطورين من "بيس-تك" و "سبايس-شب". وقدم شراكته الصحافي بشار المندلاوي من "مرصد الحريات الصحافية". و"سلامة" متوفر بلغات ثلاث هي العربية والإنكليزية والإسبانية.
(العربي الجديد)