في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين تاريخ الطب والفكر المعاصر والسيمياء والفنون الحديثة والفلسفة وعلم الاجتماع.
■ ■ ■
عن "المركز القومي للترجمة" في القاهرة، صدر حديثاً كتاب "مخطوطة الطب" بترجمة شادية توفيق عن السريانية، والذي يعود إلى القرن الخامس الميلادي حين كان حضور الأطباء السريان بارزاً في ترجمة عدد من المؤلّفات الطبية عن اليونانية، وفي إنشاء مدرسة جنديسابور في الأهواز أواخر حكم الإمبراطورية الفارسية، وانتقلوا بعدها لتأسيس دار الحكمة في بغداد. يقدّم الكتاب عرضاً لمختلف الأمراض التي يتعرض لها الإنسان وكيفية الوقاية منها، ويتناول تأثير النجوم والكواكب على المريض، كما يضم أكثر من أربعمائة وصفة علاجية.
صدر حديثاً كتاب "سياسات العداوة" للمفكر الكاميروني أشيل مبمبي عن داري "ابن النديم" و"الروافد الثقافية" بترجمة طواهري ميلود. يعود العمل إلى فكر فرانز فانون لتفسير الآليات التي تهيمن على المجتمع المعاصر وتبدو كما لو كانت "سباقاً للانفصال والانفكاك". يرى الكاتب أن ما يعرفه المجتمع المعاصر اليوم من كراهية وإرهاب وعنصرية ليس إلا جزءاً من آثار الكولونيالية، ويتطرق إلى فئات الضحايا في القرنين الماضي والحالي، وحين يتناول الإرهابيين يعتبر أنه ورغم كونهم فئة ذات طبيعة مختلفة لكنهم ضحايا أيضاً من صنع سياسات الكراهية.
يتتبّع الباحث الأميركي مايلز ج. ونغر في كتابه "بيكاسو واللوحة التي صدمت العالم" الذي صدر حديثاً عن "منشورات سايمون وشوستر"، سيرة الفنان الإسباني (1881 – 1973) منذ أن قرّر وهو في الثامنة عشر من عمره أن يغادر برشلونة ويقوم بأول زيارة إلى باريس بعد سنوات من الفقر والإهمال، وكيف أصبح قائداً لمجموعة من الرسامين والنحاتين والشعراء البوهيميين في تلك الفترة، ثم كيف تحقق الاعتراف به ببطء ضمن الدوائر الطليعية أولاً حتى قلبت لوحة "آنسات أفينيون" حياته عام 1907، وصولاً إلى تأثيره القوي في اتجاهات الحداثة الأكثر ثورية.
صدر عن "منشورات المتوسط"، كتاب "الصَّفْح، ما لا يقبل الصفح وما لا يتقادم"، للفيلسوف الفرنسي الراحل جاك دريدا بترجمة مصطفى العارف وعبد الرحيم نور الدين. يناقش الكتاب مفهوم الصَّفْح، من حيث أنه مفهوم استثنائي. فالجرائم التي ارتُكبت باسم الإنسان وفي حقه، وتصل إلى حد الشر الجذري والمطلق، لا يمكنها أن تستقيم مع الفكرة الساذجة عن الصفح بما هو توافق سياسي أو قانوني أو تشريعي أو دِيني. قراءات قدّمها دريدا محاوراً أطروحات فلاديمير جانكليفيتش، الذي عالج مسألة الصفح عن مقترفي المحرقة النازية بحدة مفرطة.
عن "دار الجنوب"، صدر مؤخراً كتاب "مسار توليد الدلالة في مدن الملح" للباحث التونسي عبد الرزاق الحيدري. تعتمد هذه الدراسة المقاربة السيميائية وتطبيقاتها على السرديات، خصوصاً ما عُرف بـ"مدرسة باريس السيميائية" في قراءة لخماسية عبد الرحمن منيف. ينفتح العمل على السياق التاريخي الذي جرى فيه إنتاج هذا الأثر الروائي للكشف عن القضايا الفكرية والسياسية والاجتماعية التي شغلت مؤلفه. الدراسة بحسب الناشر "اختبار لطاقات النظرية السيميائية" ومحاولة لـ"اكتشاف أبعادها الدلالية المحيلة على المرجعية الواقعية التاريخية".
"إرنست بينيون-إرنست.. في مواجهة الجدران" عنوان كتاب جماعي صدر مؤخراً عن منشورات "ديلبير" يجمع قراءات حول تجربة رسام الغرافيتي الفرنسي إضافة إلى صور فوتوغرافية لأعماله في مدن متفرقة من العالم مثل نابولي الإيطالية وسويتو في جنوب أفريقيا ورام الله في فلسطين. تمتد تجربة بينيون-إرنست على مدى ثلاثة عقود عرف فيها كيف يؤسس هوية بصرية لأعماله تمثل في نفس الوقت امتداداً لإرث فن الغرافيتي وقطيعة معه، خصوصاً حين يجعل من الفضاء العمومي ورشة فنية مفتوحة معتمداً على مرجعيات "ثقافة المقاومة" مثل استدعاء أشعار نيرودا ورامبو.
"الفلسفة الإنسانوية: العلمنالوجيا والعقلنالوجيا" عنوان الكتاب الصادر حديثاً عن "الدار العربية للعلوم – ناشرون" في بيروت للباحث اللبناني حسن عجمي، الذي يعيد تعريف عدد من المفاهيم والظواهر كالحقيقة والعقل واللغة والمعنى ضمن المنظور المشترك إليها الثقافات والحضارات والأديان. ينتقل الكتاب إلى مقاربة الفلسفة الإنسانوية عبر التفريق بين العلمنالوجيا؛ أي علم العلمنة التي تهدف إلى علمنة كل الظواهر، والعقلنالوجيا أي علم العقلنة التي تهدف إلى عقلنة الظواهر كافة من خلال تحليلها على أنها قرارات إنسانوية عقلانية.
صدر مؤخراً للباحث التونسي جوهر الجموسي كتاب "حقائق واضحة/ نزيهة حول الإنترنت" عن "المنشورات الجامعية الأوروبية". انطلاقاً من اختصاصه في علم الاجتماع، يدرس الجموسي أثر الإنترنت على المجتمع والأفراد والمؤسسات والدول مبيّناً أن وسيلة التواصل هذه ليست مجرّد ناقل فقد غيّرت جوهر التواصل نفسه وبشكل شامل في العالم، وهو ما يسميه المؤلف بـ"السلطة السيبرنية". يأتي هذا الكتاب بعد أعمال أخرى للمؤلف ضن نفس المحور، نذكر منها: "الثقافة الافتراضية" و"الافتراضي والثورة.. مكانة الإنترنت في نشأة مجتمع مدني عربي".