في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الدراسات التاريخية والفكرية والإعلام الجديد وتاريخ الفن.
■ ■ ■
"مجتمع القرن الرابع في مؤلّفات أبي حيّان التوحيدي"، عنوان الكتاب الذي صدر عن "دار المشرق" للباحثة اللبنانية وداد القاضي بتحرير بلال الأرفه لي. يعرض العمل صورة شديدة الحيوية مليئة بالتفاصيل التي يتفرّد بها التوحيدي في وصف مجتمعه خلال تلك الحقبة، والتي لا يجدها الدارس عند غيره من المؤرخين، وقد ساهم صاحب "الإمتاع والمؤانسة" في رسم تلك الصورة مستنداً إلى ثقافة عريضة تجمع بين الإسلامي والفلسفي، وسفر متصل في شتى أرجاء البلاد الإسلامية، ومتابعة الظواهر والبحث عن البواعث الخفية القابعة خلف التصرفات البشرية.
صدر عن منشورات "دوتون" كتاب "حرب أينشتاين.. كيف انتصرت النسبية وسط القومية الشريرة في الحرب العالمية الأولى" للباحث ماثيو ستانلي. يعود العمل إلى الحملة التي قادها العالم البريطاني آرثر إدينغتون عام 1919 للترويج للنظرية النسبية التي وضعها العالم الألماني ألبرت أينشتاين (1879 – 1955) في وقت ساد فيه التعصّب القومي على كل اعتبارات علمية بسبب العداء بين بريطانيا وألمانيا في الحرب العالمية الأولى، وقد انتقد إدينغتون واتهم بالخيانة على خلفية أن انتصار النسبية كان عبارة على انتصار نظرية ألمانية على فيزياء نيوتن.
"إدوارد سعيد ونقد تناسخ الاستشراق: الخطاب، الآخر، الصورة"، عنوان الكتاب الذي صدرت طبعته الثانية عن "الدار الأهلية" للباحث الفلسطيني وليد الشرفا. يتقصّى الكتاب معالم تأسيس هوية معرفية (غربية) لدى سعيد، حيث ستكون هذه المرحلة بحثية بامتياز، نُشر خلالها مئة وستون ألف مطبوعة، وكيف تطوّرت هذه الهوية في تعاملها مع الآخر في مراحل لاحقة، مشيراً إلى أن معظم النقد الموجّه ضد سعيد في هذا السياق كان أيديولوجياً حاداً، ولم يكن هناك نقد معرفي أو أدبي، وكان التيار الماركسي في العالم العربي هو الأبرز في هذه الانتقادات.
صدر حديثاً كتاب "الدور الحضاري لمدينة الحيرة قبل الإسلام" للباحثة أزهار الحسناوي عن وزارة الثقافة العراقية. يتناول العمل تأسيس مدينة الحيرة وأهم مكوّناتها السكانية وتنوعها الديمغرافي وعلاقاتها السياسية مع جوارها، فضلاً عن الجوانب الاقتصادية من زراعة وصناعة وتجارة. وتطرّقت الباحثة إلى الحركة الفكرية والثقافية، حيث أُنشئت العديد من المدارس، وتطوّر الخط الحيري كما نمت الحياة الأدبية واستُقطب أبرز الشعراء والعلماء من بلاد الشام والجزيرة العربية، وازدهرت الحركة العمرانية فشُيّدت أهم القصور والمباني.
صدر حديثاً عن "الشبكة العربية للأبحاث"، كتاب "دين الليبرالية" للمؤلفة سيسيل لابورد ومن ترجمة عبيدة عامر، وفيه تعيد الباحثة البريطانية النظر في الفصل الجذري بين الدين والدولة معتبرة أن تصنيف الدين يمكن الاستغاء عنه في النظرية السياسية من دون إنكار مركزيته، إذ إنه من المستحيل الاستغناء عنه في تجربتنا الأخلاقية والروحية والاجتماعية، ومن دون إنكار تصنيفه الدلالي كأداة استكشافية مفيدة في عدة مجالات علمية. تقترح لابورد تفسيرات للقيم الكامنة في حرية الدين والمساواة بين الأديان وحيادية الدولة تجاه الدين.
صدر حديثاً عن دار "غاليمار" كتاب "مع بيكون" للكاتب الفرنسي فرانك موبير (1955) والذي يتناول فيه سلسلة لقاءات جمعته بالرسام فرانسيس بيكون (1909-1992) في ثمانينيات القرن الماضي، إذ قابله الكاتب في لندن أول مرة، في الاستوديو الخاص به في جنوب كنسينغتون، ثم في مناسبات مختلفة خلال زياراته لباريس، وتكونت بينهما صداقة وأصبحا يتواصلان للحديث عن مختلف القضايا في الفن والحياة العامة. يقدّم الكتاب أيضاً إضاءات على العالم الفنّي لبيكون الذي اعتبره النقاد عدمياً وإن لم تخل أعماله من مرح.
صدر حديثاً عن "الهيئة المصرية العامة للكتاب" كتاب بعنوان "تاريخ المنيا منذ الفراعنة حتى العصر الحديث" تأليف عثمان فيظ الله محمد وأحمد فيظ الله عثمان. يتناول العمل مجالات متعدّدة لهذه المنطقة منذ قدماء المصريين حتى العصر الحديث، وهو بذلك يشبه موسوعة حولها، وينطلق من المظاهر الطبيعية، ليقارب أهم المحطات التاريخية التي جرى تدوينها في المنطقة، ومن ثمّ يتناول النشاط الاقتصادي، والتركيبة السكانية وتطوّرها، وملامح الحياة الاجتماعية، ومنظومة الخدمات الصحية، وصولاً إلى قراءات في مشروعات التنمية الحديثة.
صدر حديثاً عن "منشورات جامعة هارفرد كتاب" "نهاية النسيان: أن تكبر في عصر السوشال ميديا" للمؤلفة كيت إيتشهورن، والتي ترى أنه وحتى وقت قريب كان من الممكن نسيان ما عشناه، ولكن قد نكون اليوم على وشك فقدان القدرة على ترك ماضينا وراءنا. تستكشف الكاتبة ما يحدث عندما يسجل الإنترنت الطفولة ويحفظها إلى الأبد بالصوت والصورة، وترى أن الابتكارات الجديدة مثل التعرف التلقائي على الوجه تعني أيضاً أن ظهور ماضينا أصبح خارج نطاق سيطرتنا بشكل متزايد، محذّرة مما تسمّيه بـ"شبح الطفولة التي لا يمكن نسيانها".
صدرت مؤخراً عن "دار كتوبيا" ترجمة عربية لـ"بابا ياجا" وهي مجموعة قصص فولكلورية للكاتب الروسى ألكسندر أفاناسييف، بترجمة عن الروسية أنجزتها رولا عادل. "بابا ياجا" هي كائنٌ فى الفلكلور السلافي نُسجت حولها الكثير الأساطير ضمن تنويعات مختلفة بعضها تقاطع مع شخصيات تاريخية. تمتزج خرافات الشعبية المقدّمة مع عدد من الأساطير اليونانية والرومانية الشائعة في الثقافة الغربية، وبالتالي فإن هذه المجموعة تمثل إطاراً لقراءة موسّعة في التبادل الثقافي بين شعوب أوروبا القديمة رغم الحروب الكثيرة التي دارت بينها.