بدا كأنّ كل شيء حضّر قبل وقت طويل: العناوين الإخبارية، مانشيتات الصحف، الوسوم المستخدمة، والتهم التي ستوزّع يميناً ويساراً. بدأ كل شيء عند اختراق وكالة الأنباء القطرية "قنا" فجر 24/23 مايو/أيار 2017. رغم سرعة نفي التصريحات المنسوبة لأمير دولة قطر الشيح تميم بن حمد آل ثاني، ورغم إعلان مدير مكتب الاتصال الحكومي، سيف بن أحمد آل ثاني أن الوكالة تعرضت للاختراق، كان للإعلام المحسوب على الإمارات والسعودية ومصر رأي آخر: إصرار على لصق التصريحات المريبة بأمير قطر، والتحريض المباشر على الدولة القطرية. في الواجهة طبعاً كانت "العربية" و"سكاي نيوز عربية". لم تعمل الفضائيتان (مقرهما الإمارات العربية المتحدة) على إخفاء نواياهما ولا نوايا الجهات السياسية التي تقف خلفهما. فكانت هذه الشرارة الأولى للحرب الإعلامية على دولة قطر. بسرعة انضمّت الصحف الخليجية عبر "مانشيتات" طنانة، لتلحق بها الفضائيات والصحف المصرية التي أضافت لمستها الخاصة للحرب الإعلامية من خلال اختلاق أكاذيب من دون أي مجهود يذكر، فبدت اتهاماتها أقرب إلى الكوميديا.
أيام قليلة وبدا واضحاً أن إعلام دول الحصار قد فقد عقله، لتبدأ حفلة الجنون. جنون عموده الأوّل الأخبار الكاذبة والتقارير المفبركة ضد قطر، والتي بلغت حداً يصعب على عقل راشد أن يتقبّله: صور لمقاتلين ومسؤولين في تنظيم القاعدة، على اعتبارهم مطلوبين موجودين في قطر، الحرس الثوري الإيراني يقوم بحراسة قصر الشيخ تميم بن حمد، أخبار عاجلة يومية عن عزل أمير قطر وتشكيل مجلس أعلى لإدارة شؤون البلاد.
ثمّ جاءت نقطة اللاعودة، أقلّه مرحلياً، في الحرب الإعلامية: قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، وبدء الحصار الرباعي للدولة القطرية. هنا، سقطت كل الخطوط الإعلامية الحمراء، وباتت كل أسلحة الكذب والتلفيق مباحة. "سكاي نيوز عربية" على سبيل المثال استضافت بشكل متكرر مليشياويين عراقيين لمهاجمة قطر، اتهام قطر بتوزيع وجبات إفطار فاسدة على العراقيين، نشر قائمة بأسماء مطلوبين والادعاء أن قطر تؤويهم، تقارير وأرقام ووثائق مزوّرة حول تمويل قطر لمجموعات مختلفة في مصر والسودان والمغرب العربي لإذكاء الخلافات في هذه الدول... إلى جانب أخبار شبه يومية، تدخل في إطار التهريج الإعلامي، مثل حصول انقلاب في قطر، أو انهيار الاقتصاد القطري، أو خروج تظاهرات قطرية تطالب بعزل الشيخ تميم بن حمد، فيما كان القطريون ينظمون مسيرات في شوارع الدوحة تأييداً لأمير البلاد ودفاعاً عن بلدهم في وجه الحملة الشعواء.
وبالتزامن مع تلك الحملة تمّ حجب عشرات المواقع الإلكترونية التي رفضت خوض حرب الأخبار الكاذبة، في واحدة من حملات قمع حرية التعبير والصحافة المستمرة في السعودية والإمارات والبحرين ومصر.
لكن يبدو أن الحجب لم يكن كافياً، ففي لائحة المطالب التي قدمتها دول الحصار إلى الوسيط الكويتي، كان هناك بند خاص يطالب بإقفال قناة الجزيرة القطرية، ومعها عدد من وسائل الإعلام بينها موقع وصحيفة "العربي الجديد". ضربت دول الحصار عرض الحائط بكل التشريعات والقوانين التي تصون حرية الإعلام حول العالم، وقاد إعلامها بشكل مباشر حرباً هستيرية ضد الإعلام القطري أو الإعلام العربي الرافض للانجرار إلى حفلة التلفيق.
ومع مرور أسابيع على بدء الحصار، بدأت وتيرة الأخبار تختلف باختلاف التطورات السياسية، فراحت تخفت تارة، وتشتعل تارة أخرى. بينما كانت الحملات في الإعلام الغربي مستمرّة على شكل مقالات مدفوعة، في صحف ومجلات غربية، إلى جانب دفع ملايين الدولارات من قبل الإمارات والسعودية لشركات علاقات عامة أميركية، هدفها تشويه سمعة قطر على مواقع التواصل وفي الإعلام من خلال تركيز على أكثر من نقطة، أبرزها ما يسمّى "دعم قطر للإرهاب" والنقطة الثانية والمهمة جداً أيضاً وهي التحريض لمنع قطر من استضافة كأس العالم لكرة القدم في العام 2022.
لكن هذه الحملات سرعان ما فقدت بريقها، بعدما تبيّن خلال عام كامل من الحصار أن كل ما سيق ضدّ قطر مجرد أكاذيب غير مبنية على وقائع ولا على دلائل سياسية أو تاريخية.
اليوم يبدو المشهد أهدأ مما كان عليه قبل عام. إعلام دول الحصار فقد كل أسلحته، بعدما استهلك كل الأخبار الكاذبة الممكنة في الأسابيع الأولى لبدء الأزمة الخليجية. وحده الإعلام المصري بقي خلّاقاً، وإن كانت مصداقيته قد تدهورت بشكل جعل المصريين أنفسهم يسخرون من فبركاته على مواقع التواصل.
ثمّ جاءت نقطة اللاعودة، أقلّه مرحلياً، في الحرب الإعلامية: قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، وبدء الحصار الرباعي للدولة القطرية. هنا، سقطت كل الخطوط الإعلامية الحمراء، وباتت كل أسلحة الكذب والتلفيق مباحة. "سكاي نيوز عربية" على سبيل المثال استضافت بشكل متكرر مليشياويين عراقيين لمهاجمة قطر، اتهام قطر بتوزيع وجبات إفطار فاسدة على العراقيين، نشر قائمة بأسماء مطلوبين والادعاء أن قطر تؤويهم، تقارير وأرقام ووثائق مزوّرة حول تمويل قطر لمجموعات مختلفة في مصر والسودان والمغرب العربي لإذكاء الخلافات في هذه الدول... إلى جانب أخبار شبه يومية، تدخل في إطار التهريج الإعلامي، مثل حصول انقلاب في قطر، أو انهيار الاقتصاد القطري، أو خروج تظاهرات قطرية تطالب بعزل الشيخ تميم بن حمد، فيما كان القطريون ينظمون مسيرات في شوارع الدوحة تأييداً لأمير البلاد ودفاعاً عن بلدهم في وجه الحملة الشعواء.
وبالتزامن مع تلك الحملة تمّ حجب عشرات المواقع الإلكترونية التي رفضت خوض حرب الأخبار الكاذبة، في واحدة من حملات قمع حرية التعبير والصحافة المستمرة في السعودية والإمارات والبحرين ومصر.
لكن يبدو أن الحجب لم يكن كافياً، ففي لائحة المطالب التي قدمتها دول الحصار إلى الوسيط الكويتي، كان هناك بند خاص يطالب بإقفال قناة الجزيرة القطرية، ومعها عدد من وسائل الإعلام بينها موقع وصحيفة "العربي الجديد". ضربت دول الحصار عرض الحائط بكل التشريعات والقوانين التي تصون حرية الإعلام حول العالم، وقاد إعلامها بشكل مباشر حرباً هستيرية ضد الإعلام القطري أو الإعلام العربي الرافض للانجرار إلى حفلة التلفيق.
ومع مرور أسابيع على بدء الحصار، بدأت وتيرة الأخبار تختلف باختلاف التطورات السياسية، فراحت تخفت تارة، وتشتعل تارة أخرى. بينما كانت الحملات في الإعلام الغربي مستمرّة على شكل مقالات مدفوعة، في صحف ومجلات غربية، إلى جانب دفع ملايين الدولارات من قبل الإمارات والسعودية لشركات علاقات عامة أميركية، هدفها تشويه سمعة قطر على مواقع التواصل وفي الإعلام من خلال تركيز على أكثر من نقطة، أبرزها ما يسمّى "دعم قطر للإرهاب" والنقطة الثانية والمهمة جداً أيضاً وهي التحريض لمنع قطر من استضافة كأس العالم لكرة القدم في العام 2022.
لكن هذه الحملات سرعان ما فقدت بريقها، بعدما تبيّن خلال عام كامل من الحصار أن كل ما سيق ضدّ قطر مجرد أكاذيب غير مبنية على وقائع ولا على دلائل سياسية أو تاريخية.
اليوم يبدو المشهد أهدأ مما كان عليه قبل عام. إعلام دول الحصار فقد كل أسلحته، بعدما استهلك كل الأخبار الكاذبة الممكنة في الأسابيع الأولى لبدء الأزمة الخليجية. وحده الإعلام المصري بقي خلّاقاً، وإن كانت مصداقيته قد تدهورت بشكل جعل المصريين أنفسهم يسخرون من فبركاته على مواقع التواصل.