إلى ممثل مصري
صادفت، في أثناء تجوالي بين القنوات الفضائية، ممثلاً مصرياً، ظهر على قناة روتانا خليجية، فرحاً مسروراً، كان يقول: "أنا سعيد بتكريم المغرب لي في هذا المهرجان، في أكثر بلد عربي يهتم بالمهرجانات، وهو أول بلد هنأ الرئيس عبد الفتاح السيسي بفوزه بالانتخابات. أنا سعيد بما يعيشه المغرب من احتفال بالفن..".
في هذا الصدد، جاءت إلى ذهني عدة ملاحظات، أولها، أن الشعب المغربي ليس سعيداً بالمهرجانات التي تكرم هذا الممثل وزملاءه، لأنها ليست ممولة من جمعيات مدنية مستقلة، تمثل هموم واهتمامات المواطنين، إنما من جمعيات تدعمها الدولة من أموال وموارد الشعب، فيصب في هذه المهرجانات ما يستخرج من أرض المغرب وبحره، وعلى حساب تنمية واقع من يعيشون في العشوائيات، ويفتقر إلى أبسط الخدمات، مما يعني أن المال الذي يصرف لأجل فندقة الممثلين وحسن وفادتهم، لا يستحقه أحد، بقدر ما يستحقه أبناء الشعب المغربي.
أما ثانياً، فإن الشعب المغربي، بكامل أطيافه، من يمينه إلى يساره، يرفض الانقلاب العسكري، ولا أحد يرى فيما وقع من تصفية للثورة المصرية، على أساس انتهاك حقوق الإنسان، وعبر سجن المتظاهرين المسالمين، ومن قمع للحريات عبر تقويض الإعلام، وإلغاء المعارضة، وتلك المسرحية الانتخابية المزورة، سبباً أو داعياً نهنئ الأشقاء المصريين عليه، وإلا نقع في خانة الشماتة بثورة خُطفت وقُتلت.
وثالثاً، إن المغرب لا يعيش احتفالاً بالفن، بل إن الصورة التي تروج عن المغرب أنه بلد الحداثة واحتضان الإبداع، ستنهار عندما نعلم أن وزارة الثقافة، تخصص 60 مليون درهم، لأجل تمويل ألبوم "راب"، مثلاً. بينما لاتزال هناك طبقات اجتماعية بأكملها، مهددة بالانهيار، بل بالاندثار، بسبب الزيادات في الأسعار وغلاء المعيشة، مقابل رواتبها الضعيفة. فلو كانت شركات خاصة، أو جمعيات مستقلة، هي التي ترعى هذا النوع من الإبداع السياحي، لكنا قد صمتنا، وتركنا لهم حرية التصرف بأموالهم، لكن أن تصرف الدولة على هذا الشكل من التسطيح الثقافي، باسم الفن، بينما الشعب يفتقر للماء والكهرباء في ريف المغرب العميق، فإن هذا لا يشكل تشريفاً لأحد. فلتعدْ أيها الممثل البارع، إلى بلدك المخطوفة من العسكر، وأنت تحمل تكريماً مجبولاً بدم وعرق المغاربة، وكل سنة وحضرتك طيب.