إليك
على صفحة بيضاء تشبهك أكتب؛ كي أرتحل إليك علني أجد في أقاليم الخيال ودروب الكلم ما يأخذني من هزائم الواقع لانتصار جوارك! من هنا أقرئك سلامي، سلام عليك وإليك.. أتعلم "يا حبيبا رأتك عيون القلب قبل أن تكون!" أين "هنا"، أين أنا؟!.. أنا حيث علقت بأرض لا تسع إلى الآن لقيانا وحسب، ولكن قيل بأرضنا هذه "رؤية القلب لقاء".
أشعر وأنا أكتب إليك باعتصار قلبي في انقباضه، وكأنه يا بني لا يود أن ينبسط أبدا إلا وقد كفاك ريا من دمه وتشبعت ثناياك بقطره المحمل بحبك وأنا أتساءل حقا هل قوة اعتصاره مهما بلغت، تكفي لتجاوز العوالم بيننا؟ وهل، وأنت بعالمك موصولاً بي بلا حبل سري ينغرس في أحشائك حاملاً وريدي؟ هل يكفي هذا لتشعر بي، هل يكفي لتفقه وجودي، لتعرف أني طالما تحدثت وحكيت عنك؟
كنت أغمض عينيّ وأشتم رائحتك وألقنك الأذان، أذان من الله يتخلل مسامعك ويسري بك إلى أن يستقر بقلبك الصغير الذي لا ينبض إلا بي ولي فيكون أول علمك بالدنيا "الله أكبر"، ويكون الله حاضرا فيك منذ زمنك الأول وتهتدي به منذ فطرتك وسيرتك الأولى، فيضاء عالمي بنور وجهك، وأشعر حينها بأنفاسك تهمس لي أن غضي الطرف وتناسي أي شيء، وتذكري أني الحياة المهداة إليك ذات يوم فتستجيب كل حواسّي علىٰ الفور وأقاسمك كل شيء، حتىٰ تنفتح عيناي وأنت أمامي فأقاوم كل ما أعانيه حقا وأصطبر.
ثم أروي لرفيقة دربي "دانة" ما عايشته في هذا الطيف؛ ستأتي يوما لعالمنا يا صغيري وتكبر ويشتد عودك وتدرك كتاباتي لك، وترى دانة "صبارتي"، وحينها تأملها مليا؛ لتعرفني تشبهني كثيرا يا بني، ظاهرها خضرة شائكة وباطنها شفافية مرة عالقة ببياض مشوب، ربما تخبرك الآن هي عني.
ليس جنونا؛ فللأرواح أواصر قوية تتجاوز حدود الزمن والمسافات! فقط عليك أن تؤمن بهذا إيمانا يستنطق قلبك فيجيب خطابها. أتعرف ما الإيمان؟! أن تأمن وفقط، كأمان إبراهيم في قلب النار وبواد غير ذي زرع، وأمان إسماعيل على مشارف ذبحه.
كأمان أم موسى ورضيعها في اليم وأمان موسى في كنف فرعون، وأمام حيات السحرة، وفي شق البحر والجبل النائي والظلمة الحالكة بواد مقدس، وأمان قومه المستضعفين أمام من أراد أن يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ويصلبهم في جذوع النخل حتىٰ تتوغل جسدهم فيسيل دما ويهترئ ألما.
كأمان يوسف في غيابت الجب وفي قصر العزيز وفي سجنه، وجلاء صدره المكلوم أمام افتراء إخوته بالسرقة وجهلهم بحقيقة شخصه بعد سنوات من بُعد هم صانعوه وسبع عجاف، وأمان من ابيضت عيناه حين عاد بصره وشارف اللقاء.
كأمان صاحب الحوت وهو مكظوم. كأمان مريم حين أتت قومها تحمل عيسى، وأمان عيسىٰ حين شبه لهم أنهم صلبوه وقتلوه.
هكذا يا بني، بأن يطمئن قلبك على مشارف الخطر. أن تصدق أنك لا محالة ناج بالله دائما، فالله نور إن أضاء صدرك فلن يغيب إلا بتخليك. لا أريدك ممن يرددون أنهم لا يعرفون شيئا علىٰ وجه اليقين، لا أريدك تائها شريدا متخبطا بالشكوك والريبة، حين تعرف الله سينجلي صدرك وتوقن وستدرك معنىٰ الكمال، لا أريدك من الباحثين عن الكمال الزائف؛ فالكمال يا صغيري في اكتمال قلبك بالله لا في أن تسعى جاهدا لجمع ما تظنه ينقصك، حين يكون الله حاضرا فيك فستطيب نفسا ويتربع قلبك على عروش الجمال.
أتعلم؟!، الجمال آية من روحك الطيبة شريعته الحب ولا قاض له سوى الله، تعلم كيف تحب، وتعلم أنه يكفي أن تحب. لا تزد وتغل في أمر الحب تشقَ به، وإن زدت عليه فارحم؛ فالرحمة أطهر الحب، ولا تستجده يوما فتذل به، ولا تفرط فيه فتتحول لصورة خالية من الحياة، ولا تقس وتقتله فيك فتدفن حيا وتشعر في كل لحظة بألم الاختناق لأن ينقطع نفسك.
تعلم أنه كريشة خفيفة تسري بك دون أن تشعر وتلون ثناياك بالبياض بلطف شديد، وأنه على رقّته قادر على نحت هذا البياض بقوة في كل معلم بك!
البياض لون من روح الوجود، يخطف الأبصار دوما ولكنه لا يظل ناصعا على الدوام؛ سريع التأثر يترمد يا صغيري إلى الحد الذي يصعب معه تنقيته دون أثر.
وهكذا نحن ومحيطنا، رحلتنا قائمة من ظلمة الرحم وبياض المهد إلى ظلمة القبر وبياض اللحد، الفارق أن البداية ظلمة رحيمة تسبق البياض الذي نلتف به، والنهاية ظلمة موحشة تعقب البياض الذي يجمع أجزاءنا بعد الشتات وكلاهما يترمد. وما بينهما يا بني أنت، تحمل مضغة لا تجاوز قبضة يدك ولكنها تقيم صرحك وتلونه، ستخوض الحياة وستمس كل ما فيك، كل ما أغرسه جاهدة بك وترعاه أنت وكل ما تكابد أنت جاهدا في غرسه، ستقود مضغتك للترمد على مهل ودون وعي منك أحيانا. إياك وأن تتركه يزداد إلى حد السواد والظلمة، إياك.
تعلم أنك قادر على التخلص من هذا الرماد إلىٰ حد النقاء التام وأن تركه عالقا بك هو خيارك أنت، وإن كنت محفوفا بكل وجهات الأرض الرمادية تذكر وجهة السماء؛ لا تطالها يد الأرض أبدا. بل ربما تجاوز المساس إلى الإصابة والجرح، حينها ستخلف ندبة قوية بك. لا تجزع ولا تفزع، فقط تعلم التقبل الذي ترى منه أنك طبيبك القادر علىٰ تجميل ندبك دون أثر سوى أنك محوت تشوها كاد يقصيك عن الحياة؛ لتشعر بعزة الانتصار بعد ألم الانكسار.
نعم يا بني، تعلم أنك قادر على تجميل وتقبيح كل شيء فيك وحولك. ومع هذا خلقنا من ضعف وإلى ضعف على شفا من كل شيء، أولنا صرخة حياة عالية تخصع لسطوتها قوى الأرض وآخرنا صرخة تكتمها السكرات لتطرحنا أرضا، نتعلم طوال الطريق وبقدر ما نتعلم نجهل ويزيد وعلى علمنا خلقنا من نسيان.
ستتعلم يا بني أن الجهل فظ، وأنك ستظل ساعيا ما استطعت سبيلا لتعرف، وكلما عرفت أدركت أنك لا تطيق المعرفة أحيانا! وأن النسيان رحمة. ستخوض معتركا يعصف بك في كل وجهة، فقط تشبث بقدر انجرافك بوجهة السماء، تعلم أنك كلما تشبثت بسماء تجاوز مد بصرك يطالها قلبك لا يدك، نجوت وارتفعت وترفعت وأدركت حلاوة الحياة! تعلم أن السعادة طريق موصول بالله، ترنيمة أمل لا يغيب خلف الأبواب الموصدة، تعلم ألا تنشد اليأس والبؤس، دع قلبك ينغم دقاته، وأطلق صراخك مغردا، ستتهاوى الجدر وتخشع لك الحصون المنيعة وتزول الحجب، لا تلتفت عن هذا الطريق أبدا؛ فالملتفت لا يصل يا بني.
تعلم أن ترى تفاصيل الوجود كما ينبغي، لا تنظر هائما بل متعبدا؛ فالوجود محرابك إلى الله والوجود أنت! من طين الأرض من صلصال من حمأ مسنون، من يابس وماء ومن رحم حواء، من أرق اللين، وأشد الصلابة!
هكذا آدم يا صغيري، وهكذا انطوى فيه العالم الأكبر! خلقت حواء منه تحمل لينه، جاءت من حي لتحويه في أحشائها؛ وحتى يحيا منها وبها، وتحتويه في حياته حين يأوي لها طوال مسعاه، وتكون ملجأ وملاذا يلتقط فيه أنفاسه بعد ركض طويل. إياك وأن تظلم في إحداهن نفسك، اتق الله في قلوبهن؛ فهي كالهواء الهمس بكلمة واحدة يضاغط ويخلخل أجزاءها، والكلمة في قلوبهن نكاح؛ تنغرس وتكبر شيئا فشيئا في جدرها، فاحرص علىٰ طيب غرسك فيهن، وليكن حلالا مباركا.
والآن، وعلى مشارف نهاية أحرفي إليك وعلى مقربة من شقاء الانتقال من وجود أنت معي فيه إلى حدود لا نهاية لها بيننا، بين مقعد من حنيني ومقعد للوداع إلى أجل قضاه الله، أقطع عهدا يليق بك يا عيد زماني المنتظر، بكل ما أوتيت من قوة سأعد نفسي لك، ولن ألتفت أبدا لطول الطريق، بل لسكنى تجمعنا يقال "أن طوبى لها".
أشعر وأنا أكتب إليك باعتصار قلبي في انقباضه، وكأنه يا بني لا يود أن ينبسط أبدا إلا وقد كفاك ريا من دمه وتشبعت ثناياك بقطره المحمل بحبك وأنا أتساءل حقا هل قوة اعتصاره مهما بلغت، تكفي لتجاوز العوالم بيننا؟ وهل، وأنت بعالمك موصولاً بي بلا حبل سري ينغرس في أحشائك حاملاً وريدي؟ هل يكفي هذا لتشعر بي، هل يكفي لتفقه وجودي، لتعرف أني طالما تحدثت وحكيت عنك؟
كنت أغمض عينيّ وأشتم رائحتك وألقنك الأذان، أذان من الله يتخلل مسامعك ويسري بك إلى أن يستقر بقلبك الصغير الذي لا ينبض إلا بي ولي فيكون أول علمك بالدنيا "الله أكبر"، ويكون الله حاضرا فيك منذ زمنك الأول وتهتدي به منذ فطرتك وسيرتك الأولى، فيضاء عالمي بنور وجهك، وأشعر حينها بأنفاسك تهمس لي أن غضي الطرف وتناسي أي شيء، وتذكري أني الحياة المهداة إليك ذات يوم فتستجيب كل حواسّي علىٰ الفور وأقاسمك كل شيء، حتىٰ تنفتح عيناي وأنت أمامي فأقاوم كل ما أعانيه حقا وأصطبر.
ثم أروي لرفيقة دربي "دانة" ما عايشته في هذا الطيف؛ ستأتي يوما لعالمنا يا صغيري وتكبر ويشتد عودك وتدرك كتاباتي لك، وترى دانة "صبارتي"، وحينها تأملها مليا؛ لتعرفني تشبهني كثيرا يا بني، ظاهرها خضرة شائكة وباطنها شفافية مرة عالقة ببياض مشوب، ربما تخبرك الآن هي عني.
ليس جنونا؛ فللأرواح أواصر قوية تتجاوز حدود الزمن والمسافات! فقط عليك أن تؤمن بهذا إيمانا يستنطق قلبك فيجيب خطابها. أتعرف ما الإيمان؟! أن تأمن وفقط، كأمان إبراهيم في قلب النار وبواد غير ذي زرع، وأمان إسماعيل على مشارف ذبحه.
كأمان أم موسى ورضيعها في اليم وأمان موسى في كنف فرعون، وأمام حيات السحرة، وفي شق البحر والجبل النائي والظلمة الحالكة بواد مقدس، وأمان قومه المستضعفين أمام من أراد أن يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ويصلبهم في جذوع النخل حتىٰ تتوغل جسدهم فيسيل دما ويهترئ ألما.
كأمان يوسف في غيابت الجب وفي قصر العزيز وفي سجنه، وجلاء صدره المكلوم أمام افتراء إخوته بالسرقة وجهلهم بحقيقة شخصه بعد سنوات من بُعد هم صانعوه وسبع عجاف، وأمان من ابيضت عيناه حين عاد بصره وشارف اللقاء.
كأمان صاحب الحوت وهو مكظوم. كأمان مريم حين أتت قومها تحمل عيسى، وأمان عيسىٰ حين شبه لهم أنهم صلبوه وقتلوه.
هكذا يا بني، بأن يطمئن قلبك على مشارف الخطر. أن تصدق أنك لا محالة ناج بالله دائما، فالله نور إن أضاء صدرك فلن يغيب إلا بتخليك. لا أريدك ممن يرددون أنهم لا يعرفون شيئا علىٰ وجه اليقين، لا أريدك تائها شريدا متخبطا بالشكوك والريبة، حين تعرف الله سينجلي صدرك وتوقن وستدرك معنىٰ الكمال، لا أريدك من الباحثين عن الكمال الزائف؛ فالكمال يا صغيري في اكتمال قلبك بالله لا في أن تسعى جاهدا لجمع ما تظنه ينقصك، حين يكون الله حاضرا فيك فستطيب نفسا ويتربع قلبك على عروش الجمال.
أتعلم؟!، الجمال آية من روحك الطيبة شريعته الحب ولا قاض له سوى الله، تعلم كيف تحب، وتعلم أنه يكفي أن تحب. لا تزد وتغل في أمر الحب تشقَ به، وإن زدت عليه فارحم؛ فالرحمة أطهر الحب، ولا تستجده يوما فتذل به، ولا تفرط فيه فتتحول لصورة خالية من الحياة، ولا تقس وتقتله فيك فتدفن حيا وتشعر في كل لحظة بألم الاختناق لأن ينقطع نفسك.
تعلم أنه كريشة خفيفة تسري بك دون أن تشعر وتلون ثناياك بالبياض بلطف شديد، وأنه على رقّته قادر على نحت هذا البياض بقوة في كل معلم بك!
البياض لون من روح الوجود، يخطف الأبصار دوما ولكنه لا يظل ناصعا على الدوام؛ سريع التأثر يترمد يا صغيري إلى الحد الذي يصعب معه تنقيته دون أثر.
وهكذا نحن ومحيطنا، رحلتنا قائمة من ظلمة الرحم وبياض المهد إلى ظلمة القبر وبياض اللحد، الفارق أن البداية ظلمة رحيمة تسبق البياض الذي نلتف به، والنهاية ظلمة موحشة تعقب البياض الذي يجمع أجزاءنا بعد الشتات وكلاهما يترمد. وما بينهما يا بني أنت، تحمل مضغة لا تجاوز قبضة يدك ولكنها تقيم صرحك وتلونه، ستخوض الحياة وستمس كل ما فيك، كل ما أغرسه جاهدة بك وترعاه أنت وكل ما تكابد أنت جاهدا في غرسه، ستقود مضغتك للترمد على مهل ودون وعي منك أحيانا. إياك وأن تتركه يزداد إلى حد السواد والظلمة، إياك.
تعلم أنك قادر على التخلص من هذا الرماد إلىٰ حد النقاء التام وأن تركه عالقا بك هو خيارك أنت، وإن كنت محفوفا بكل وجهات الأرض الرمادية تذكر وجهة السماء؛ لا تطالها يد الأرض أبدا. بل ربما تجاوز المساس إلى الإصابة والجرح، حينها ستخلف ندبة قوية بك. لا تجزع ولا تفزع، فقط تعلم التقبل الذي ترى منه أنك طبيبك القادر علىٰ تجميل ندبك دون أثر سوى أنك محوت تشوها كاد يقصيك عن الحياة؛ لتشعر بعزة الانتصار بعد ألم الانكسار.
نعم يا بني، تعلم أنك قادر على تجميل وتقبيح كل شيء فيك وحولك. ومع هذا خلقنا من ضعف وإلى ضعف على شفا من كل شيء، أولنا صرخة حياة عالية تخصع لسطوتها قوى الأرض وآخرنا صرخة تكتمها السكرات لتطرحنا أرضا، نتعلم طوال الطريق وبقدر ما نتعلم نجهل ويزيد وعلى علمنا خلقنا من نسيان.
ستتعلم يا بني أن الجهل فظ، وأنك ستظل ساعيا ما استطعت سبيلا لتعرف، وكلما عرفت أدركت أنك لا تطيق المعرفة أحيانا! وأن النسيان رحمة. ستخوض معتركا يعصف بك في كل وجهة، فقط تشبث بقدر انجرافك بوجهة السماء، تعلم أنك كلما تشبثت بسماء تجاوز مد بصرك يطالها قلبك لا يدك، نجوت وارتفعت وترفعت وأدركت حلاوة الحياة! تعلم أن السعادة طريق موصول بالله، ترنيمة أمل لا يغيب خلف الأبواب الموصدة، تعلم ألا تنشد اليأس والبؤس، دع قلبك ينغم دقاته، وأطلق صراخك مغردا، ستتهاوى الجدر وتخشع لك الحصون المنيعة وتزول الحجب، لا تلتفت عن هذا الطريق أبدا؛ فالملتفت لا يصل يا بني.
تعلم أن ترى تفاصيل الوجود كما ينبغي، لا تنظر هائما بل متعبدا؛ فالوجود محرابك إلى الله والوجود أنت! من طين الأرض من صلصال من حمأ مسنون، من يابس وماء ومن رحم حواء، من أرق اللين، وأشد الصلابة!
هكذا آدم يا صغيري، وهكذا انطوى فيه العالم الأكبر! خلقت حواء منه تحمل لينه، جاءت من حي لتحويه في أحشائها؛ وحتى يحيا منها وبها، وتحتويه في حياته حين يأوي لها طوال مسعاه، وتكون ملجأ وملاذا يلتقط فيه أنفاسه بعد ركض طويل. إياك وأن تظلم في إحداهن نفسك، اتق الله في قلوبهن؛ فهي كالهواء الهمس بكلمة واحدة يضاغط ويخلخل أجزاءها، والكلمة في قلوبهن نكاح؛ تنغرس وتكبر شيئا فشيئا في جدرها، فاحرص علىٰ طيب غرسك فيهن، وليكن حلالا مباركا.
والآن، وعلى مشارف نهاية أحرفي إليك وعلى مقربة من شقاء الانتقال من وجود أنت معي فيه إلى حدود لا نهاية لها بيننا، بين مقعد من حنيني ومقعد للوداع إلى أجل قضاه الله، أقطع عهدا يليق بك يا عيد زماني المنتظر، بكل ما أوتيت من قوة سأعد نفسي لك، ولن ألتفت أبدا لطول الطريق، بل لسكنى تجمعنا يقال "أن طوبى لها".