كشفت التصريحات الصادرة عن الحكومة الأردنية، أخيراً، عن توجّه واشنطن إلى إبعاد عمّان عن تفاصيل خطة الإملاءات الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية، والمعروفة باسم "صفقة القرن"، وهو ما يفسّر ربما الفتور الأردني تجاه هذه "الخطة".
وتتابعت التصريحات الحكومية التي تكشف محاولة استبعاد الأردن في إعداد الإملاءات. وقال وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، إن الولايات المتحدة ترفض أن تطلعنا على خطتها لما يتعلق بالسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وأضاف أن "الأميركيين يقولون إنهم يعملون على خطة، وإنهم سيبقون على أوراقهم مغلقة إلى حين الانتهاء من هذه الخطة، ثم سيعرضونها على الجميع"، موضحاً "أننا والعرب والجميع سألنا أميركا لماذا لا تطلعونا على خطتكم حتى نطرح آراءنا فيها؟ لكنها ترفض إطلاعنا عليها إلى أن تتم".
ومن الواضح أن الولايات المتحدة، بالاتفاق مع إسرائيل، تحاول، منذ نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، العمل بشكل جاد على تحويل الأردن من لاعب في المنطقة إلى احتياط على طرف هامشي تماماً، رغم بعض التصريحات الدبلوماسية التي تخرج أحياناً من هنا وهناك. ويتأكد غياب الأردن عن "صفقة القرن" أيضاً في تصريحات صحافية لوزيرة الدولة لشؤون الإعلام والناطقة الرسمية باسم الحكومة جمانة غنيمات، بقولها إن "الموقف الأردني من النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي وعملية السلام والحل النهائي ثابت ولم يتغير"، مضيفة "فيما يتعلق بصفقة القرن لم يطلعنا أحد بشكلٍ صريح على مضمونها، ولم يتم هذا الأمر، حتى خلال زيارة كبير مستشاري الرئيس الأميركي، جاريد كوشنر، الأخيرة إلى المملكة".
وفي هذا الإطار، قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأردني، رائد الخزاعلة، لـ"العربي الجديد"، إن "صفقة القرن، التي تُعد من قبل اللوبي الصهيوني، لم تكتمل بعد، وإن الراعيين لها، وهما الولايات المتحدة وإسرائيل، يحاولان فرض وجهات نظرهما على الفلسطينيين والأردنيين بشكل خاص". وأضاف "كل ما رشح حتى الآن عن صفقة القرن عبارة عن رسائل لجس النبض، بعد تفاهمات حصلت من قبل الولايات المتحدة مع بعض الأطراف الإقليمية الفاعلة". وشدد الخزاعلة على أن "المعنيين أولاً بصفقة القرن هم الفلسطينيون، ومن ثم الأردنيون. وهنا نقول إن الرهان الأول على رفض أي صفقة لا تلبي الطموحات معقود على الشعب الفلسطيني وقيادته أولاً، ومن ثم الأردن، بسبب التاريخ السياسي الذي يربط الشعبين الأردني والفلسطيني وقضية اللاجئين، والعلاقة التاريخية والوصاية الأردنية على المقدسات". واعتبر أن على "الحكومة الأردنية التواصل مع كافة أطراف المجتمع الدولي للحيلولة دون فرض حلول غير عادلة للقضية الفلسطينية، والاستمرار ببعث الرسائل التي تحمل الموقف الأردني الثابت تجاه هذا الموضوع". وقال "الأردن لن يرضخ لمحاولة فرض سياسة الأمر الواقع، فالأردن يبحث عن حلول حقيقية قابلة للتطبيق على أرض الواقع"، مضيفاً "أي محاولة لابتزاز الأردن والضغط عليه اقتصادياً لن تكون مجدية. فأي مقابل مادي لقضايا مثل انسحاب الاحتلال من الأراضي الفلسطينية، والمقدسات الإسلامية وقضايا اللاجئين، سيكون رخيصاً". وكان رئيس الوزراء، عمر الرزاز، قد قال، رداً على النواب خلال جلسات حصول الحكومة على الثقة، إن "كل ما يقال حول صفقة القرن، أو الوطن البديل، وما يخرج علينا بين الحين والآخر من مفاهيم، يتبخر أمام الثوابت الأردنية، فالأردن هو الأقرب لفلسطين، وسنبقى السند لأشقائنا الفلسطينيين، فلا قضية تتقدم على القضية الفلسطينية، ولا جهد يتقدم على جهود الأردن في الدفاع عنها، ولن نفرط مطلقاً بحقنا المقدس فيها، ولا حياد أبداً عن الثوابت التي نؤمن بها تجاه هذه القضية، التي نعتبرها قضية وطنية خالصة".