إنهم يكتبونني

11 نوفمبر 2015

الكواكبي: يعيش الإنسان في ظل العدالة والحرية نشيطاً للعمل

+ الخط -

ـ "أمّا الميراث الأسديّ المُرّ واللئيم، فيبقى منه درس آخر يتعدّى السياسات والاستراتيجيّات، مفاده أنّ القصور التي تشيّد على رمال من الكذب لا بدّ أن تنهار. وللأسف، فهي لا تنهار على رؤوس الذين شيّدوها وحدهم".

حازم صاغية من مقال له في صحيفة الحياة اللندنية

ـ "عندما تُفرض الديكتاتورية على بلدك، فأول ما تشعر به في اليوم الأول ـ وهو شعور تلقائي ومباشر تماماًـ هو الشعور بالإذلال، إذ يتم حرمانك من حق اعتبار نفسك جديراً بحمل المسؤولية عن حياتك ومصيرك، وهذا الشعور بالإذلال ينمو يوماً بعد يوم، بفضل جهود الطغاة التي لا تتوقف عن إجبار عقلك، على القبول بكل أشكال السوقية والابتذال، التي تشكل عالم الديكتاتور العقلي، فتشعر أن عقلك ووضعك الإنساني، يتعرّضان للإهانة الشديدة في كل يوم، ثم تأتي محاولة أن يُفرض عليك، عن طريق التخويف والترهيب، قبول أفعالهم البربرية المختلفة التي نسمع عنها، والتي تراهم يرتكبونها فعلاً ضد إخوانك في الإنسانية، فتبدأ تعيش يومياً في إذلال الخوف، وتبدأ تكره نفسك. حينئذٍ، تحس بجرح عميق في ضميرك كمواطن، فتبدأ الإحساس بالتضامن مع الناس الذين تنتمي إليهم".

الكاتب اليوناني جورج مانجاكيس، ترجمة نسيم مجلي

ـ "الأمة التي ضُرِبت عليها الذلة والمسكنة، وتوالت على ذلك القرون والبطون، تصير كالبهائم أو دون البهائم. لا تسأل قط عن الحرية ولا تلتمس العدالة، ولا تعرف للاستقلال قيمة، ولا للنظام مزية، ولا ترى لها في الحياة وظيفة غير التابعية للغالب عليها، أحسن أو أساء على حد سواء، وقد تنقم على المستبد نادراً. ولكن، طلباً للانتقام من شخصه، لا طلباً للخلاص من الاستبداد فلا تستفيد شيئاً، إنما تستبدل مرضاً بمرض كمغص بصداع... يعيش الإنسان في ظل العدالة والحرية نشيطاً على العمل بياض نهاره، وعلى الفكر سواد ليله، إن طَعِم تلذّذ، وإن تلهّى تَرَوّح وتَرَيّض، أما أسير الاستبداد فيعيش خاملاً خامداً، ضائع القصد، حائراً لا يدري كيف يميت ساعاته وأوقاته، ويَدرُج أيامه وأعوامه كأنه حريص على بلوغ أجله، ليستتر تحت التراب"

عبد الرحمن الكواكبي من كتابه الخالد (طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد)

ـ "لم يفهم الحكام من معنى الحكم، إلا تسخير الأبدان لأهوائهم، وإذلال النفوس لخشونة سلطانهم، وابتزاز الأموال لإنفاقها في إرضاء شهواتهم. لا يرعون في ذلك عدلاً، ولا يستشيرون كتاباً، ولا يتبعون سُنّة، حتى أفسدوا أخلاق الكافة، بما حملوها على النفاق والكذب والغش والاقتداء بهم في الظلم، وما يتبع ذلك من الخصال التي ما فشت في أمةٍ، إلا حل بها العذاب".

محمد عبده من "الإسلام بين العلم والمدنية".

ـ "وبما أن الخوف هو مبدأ الحكومة المستبدة، فإن السكون هو هدفها، وليس هذا سِلماً أبداً، بل إنه صمت المدن التي يوشك العدو أن يستولي عليها. وللدين في هذه الدول من التأثير ما ليس في سواها، فهو فزع مضاف إلى فزع"

مونتسكيو من كتابه "روح القوانين".

 ـ "ألا يعرف هؤلاء المصريون هذا الصراع بين الخير والشر، إن تصرفاتهم تبدو كما لو أن كان الصراع لا يحتدم في نفوسهم، والخير لا يلتقي بالشر في أعماقهم، فيتقاتلان، بل لكل شيء وقت وأوان. هذا وذاك يعيشان في أعماقهم، كما لو كانت أجسادهم أواني فارغة، إذا امتلأت بالخير، امتنع عنها الشر حتى تفرغ كل ما لديها من خير، فاذا امتلأت بالشر امتنع عنها الخير حتى تفرغ ما لديها من شر".

فتحي غانم على لسان بطلة أجنبية من بطلات روايته "بنت من شبرا"

ـ "يسجل إبن الأثير في موسوعته التاريخية الكامل: كان الوليد بن عبد الملك صاحب بناء، ويتخذ المصانع والضياع، فكان الناس يلتقون في زمانه، فيسأل بعضهم بعضاً عن البناء. وكان سليمان بن عبد الملك صاحب طعام ونكاح، فكان الناس يسأل بعضهم بعضاً عن النكاح والطعام. وكان عمر بن عبد العزيز صاحب عبادة، فكان الناس يسأل بعضهم بعضاً ما وردك الليلة، وكم تحفظ من القرآن وكم تصوم من الشهر؟... هذه الفكرة صاغها الفيلسوف الفرنسي هلفيتيوس في القرن الثامن عشر، عندما قال إن التفاعل بين المجتمع والسلطة ذو اتجاه واحد، فالشعب لا يؤثر في طبيعة السلطة، وإنما تؤثر السلطة في خصائص الشعب وأخلاقه، واستنتج من ذلك أن السلطة مسؤولة عن مساوئ الشعب، كما أنها مسؤولة عن محاسنه، فالسلطة التي تقوم على الابتزاز، ويتمتع أقطابها بامتيازات استثنائية، لا بد وأن تخلف جهازاً مرتشياً، والسلطة التي تتعامل مع الشعب بطريقة فاشية، فإن جهازها لا بد وأن يكون فاشياً، سواء بتشكيلاته، أو بالنزعة التي تسيطر على أفراده".

من "في السياسة الإسلامية" للمفكر العراقي هادي العلوي

ـ "أغبياء البورجوازية الذين يتشدقون دائما بكلمات من قبيل "لا أخلاقي"، "لا أخلاقية"، "الأخلاق في الفن" وغيرها من الحماقات، يذكرونني بـ "لويز فيلديو" وهي عاهرة بخمسة فرنكات، رافقتني ذات يوم في زيارة إلى متحف اللوفر، وكانت تلك أول مرة تزور فيها هذا المتحف، فاحمر وجهها وراحت تغطيه بكفها وتجذبني من كم السترة، متسائلة أمام اللوحات الخالدة: كيف أمكن عرض كل هذه العورات على الناس"؟

بودلير من "قلبي عاريا"، ترجمة الشاعر رفعت سلام

ـ "البؤس في حد ذاته لا يقود إلى التذمر، كما أن درجة التذمر غير مرتبطة بالبؤس، يبلغ التذمر أعلى درجاته، حين يكون البؤس محتملا. أي حين تتحسن الأوضاع على نحو يسمح بالاعتقاد بإمكان تحسنها أكثر فأكثر، فوجئ دي توكيفيل خلال دراسة حالة المجتمع في فرنسا قبل الثورة، حين اكتشف أنه لم يشهد أي مدة من المدد التي أعقبت ثورة 1788 رخاءً شاملاً كالذي شهدته مدة العشرين سنة التي سبقت قيام الثورة. وقاده إلى هذا الاستنتاج الآتي "ازداد تذمر الفرنسيين مع ازدياد رخائهم". وفي كل من فرنسا وروسيا، كان الفلاحون المتعطشون إلى الأرض، يملكون ثلث الأراضي الزراعية، عند اندلاع الثورة. وقد حصلوا على معظمها خلال جيل أو جيلين قبل الثورة. ليس البؤس الفعلي إذا هو الذي يدفع إلى الثورة، بل طعم الأشياء الطيبة القادمة. يبدو أن درجة التذمر تتناسب عكسياً مع درجة البعد عن الهدف المنشود، كلما اقتربنا من الهدف زاد التذمر، وكلما ابتعدنا عنه خف التذمر. تصدق هذه الملاحظة على المحظوظين الذين اقتربوا من أرض الميعاد، كما تصدق على المحرومين الذين أبعدوا عن هذه الأرض التي لا يزالون يرونها بأعينهم، وتصدق الملاحظة على الذين يوشكون أن يصبحوا أغنياء، وعلى محدثي الفقر، وعلى الأرقاء الجدد. أكثر البيئات صلاحية لنمو الحركات الجماهيرية هي المجتمعات التي تتمتع بقدر كبير من الحرية، لكنها تفتقر إلى ما يزيل الإحباط، تجاوب فلاحو فرنسا مع نداء الثورة في القرن الثامن عشر، لأنهم، بخلاف الفلاحين في ألمانيا والنمسا، لم يعودوا من رقيق الأرض، بل أصبحوا ملاكاً ومن المنطلق نفسه، يمكن القول إن الثورة في روسيا لم تكن لتندلع، لو لم يصبح الفلاحون الروس ملاكا خلال جيل أو أكثر قبل قيام الثورة، الأمر الذي مكنهم من تذوق طعم الملكية الفردية"

المفكر الأميركي، إيريك هوفر، من كتاب (المؤمن الصادق)، ترجمة غازي القصيبي

ـ "كل ما أريده أن يكون لي ذاكرة، لا تعرف الصفح أو النسيان، ذاكرة لا تقبل العزاء. المصيبة الكبرى أننا ننسى، هل ننسى، لأن الحياة مع الذاكرة الواضحة الحية مستحيلة؟ أم أن النسيان عملية تحايل رخيص، لنحصل على المتع السريعة التي تقضيها لنا لحظات حياتنا المفككة. البشر ينسى والأمم تنسى، الإنسان المتحضر هو من يبقى تاريخه حياً. الأمم المتحضرة هي التي لا تدفن تاريخها، ولا تكرر مآسيها. يقول كاتب كوبي، يصف حال شعبه كواحد من شعوب العالم الثالث: نحن لا نعرف المدنية، لأن التمدن هو القدرة على ربط الأشياء بعضها ببعض، من دون إهمال شيء أو نسيان شيء، إننا ننسى الماضي بسهولة، وننغمس كثيرا في الحاضر".

من كتاب (وقفة قبل المنحدر) لأستاذنا الروائي علاء الديب.

 

دلالات
605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
بلال فضل
كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.