وخلال زيارة روحاني لإيران في مارس/ آذار 2019، وقّعت بغداد وطهران 22 اتفاقية ومذكرة تفاهم، من أبرزها اتفاقية للربط السككي بين البلدين، وترسيم الحدود البرّية ومياه شط العرب، وإنشاء مناطق تجارية حرّة بين البلدين، فضلاً عن إلغاء رسوم دخول الإيرانيين إلى العراق وإلغاء الازدواج الضريبي. ومن التفاهمات الموقعة، أيضاً، استغلال حقول النفط المشتركة، وإنشاء طريق برّي يربط إيران بسورية عبر العراق، وهو ما اعتُبر محاولةً إيرانية للتحايل على العقوبات الأميركية، من أجل الوصول إلى مياه المتوسط عبر ميناء بانياس السوري، فضلاً عن أن الطريق يعني بطبيعة الحال الوصول برّاً إلى لبنان أيضاً.
وفي وقت سابق من العام الماضي، دشّن وزير الطرق الإيراني محمد إسلامي، أعمال شقّ طريق بطول 141 كيلومتراً في محافظة كرمنشاه الحدودية مع العراق، اعتُبرت أنها جزء من الربط البري بين طهران والعراق، مروراً إلى سورية.
لكن نائباً في البرلمان العراقي، طلب هو الآخر عدم ذكر اسمه، قال في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن الإيرانيين أوقفوا أنشطة عدة لهم في العراق، كان قد اتُّفق عليها، من بينها موضوع إنشاء مناطق تجارية حرة، والاستثمار في مجالات البنى التحتية بالعراق، وفتح ممثليات تجارية في بغداد، فضلاً عن وقف بعض البرامج التي كانت تقوم بها طهران، مثل البعثات الدراسية والتبادل الثقافي وغيرها.
ولفت المصدر إلى أن مشروع ربط طهران بدمشق برّاً عبر العراق، مشروع استراتيجي بالنسبة إلى إيران، وتسريع افتتاح معبر القائم العراقي السوري نهاية العام الماضي كان جزءاً من مشروع الطريق البري، ويمكن اعتبار وقف العمل فيه مؤقتاً، وليس إلغاءً له على الإطلاق. ورأى أن هذا التطور قد يكون جزءاً من مناورة إيرانية مع الأميركيين، تهدف إلى التهدئة، لا أكثر، ولا يتعلق فقط بالأوضاع الصحية والمالية الداخلية في إيران، معتبراً أن الطريق "موجود أصلاً إذا رغبت إيران في استخدامه حالياً"، في إشارة إلى الطريق الدولي السريع الذي يربط العراق بسورية والأردن عبر محافظة الأنبار غرب العراق.
من جهته، اعتبر عضو البرلمان العراقي سالم الطفيلي، في اتصال مع "العربي الجديد"، أن سبب تأجيل المشروع "استقالة حكومة عادل عبد المهدي وتشكيل حكومة جديدة، وكذلك الأزمة الاقتصادية التي يمرّ بها العراق وإيران"، مؤكداً "عودة العمل بالمشروع خلال الفترة المقبلة". وشدّد المصدر على أن الطريق البرّي الرابط بين إيران وسورية عبر العراق، "له فائدة اقتصادية كبيرة للعراق، لكن هناك مخاوف من بعض القوى السياسية بأن يكون هذا الطريق معبراً لتهريب السلاح وغيرها من عمليات التهريب، وهو أمر غير واقعي". وبيّن الطفيلي أن "هذا الطريق سيكون تحت رقابة السلطات العراقية، وأي مواد تدخل عبره ستُفتَّش ويُدقَّق فيها، ولا يمكن العراق جعل الطريق معبراً للتهريب، بل ستكون هناك إجراءات مشددة عليه لدى إنشائه".
إلى ذلك، لم يستبعد الباحث والمتخصص في الشأن السياسي العراقي، أحمد الشريفي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن يكون للجانب الأميركي دور مهم في إيقاف المشروع، بسبب ما يحيط به من شكوك في تحويله إلى ممر سلاح لسورية، وغيرها من القضايا السياسية". لكن الشريفي بيّن أيضاً أن الوضع الاقتصادي في العراق وإيران، لا يتيح توفير مبالغ مالية ضخمة لإنشاء مشروع كهذا خلال الوقت الحالي، ولذلك فإنه لن يبصر النور في المدى القريب على الأقل".