أثارت تصريحات صدرت عن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف جدلا كبيرا في الداخل وتسببت بانتقادات حادة لهذا الأخير، الذي علق على عدم تبنّي السلطات الإيرانية المعنية مقررات لوائح مجموعة العمل المالي الدولية الخاصة بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب (فاتف).
وقال ظريف إن بعضهم في إيران يستفيدون من تبييض الأموال ولديهم قدرات وثروات هائلة تساعدهم في الترويج لضرورة عدم تبنّي تلك المقررات الدولية.
وصدرت انتقادات حادة على لسان محسوبين على الطيف المحافظ بالذات، إلى جانب عدد من نواب البرلمان الإيراني، إذ أعلن رئيس لجنة الأمن القومي والسياسات الخارجية البرلمانية، حشمت الله فلاحت بيشه، أنه تم استدعاء ظريف لحضور جلسة يتوجب عليه أن يقدم خلالها توضيحاته حول تلك التصريحات، وأدلته التي تثبت صحتها.
ونقلت وكالة "مهر" الإيرانية عن فلاحت بيشه ترجيحه عقد هذه الجلسة الأحد المقبل، إذ طلب عدد من النواب حضور ظريف لبحث تلك المسألة معه، وأكد فلاحت بيشه أن تصريحات الوزير عجيبة وغير موثّقة بدلائل، وهو ما يستدعي تقديم توضيحات، بحسب وصفه.
واتهم فلاحت بيشه الولايات المتحدة الأميركية بارتكاب 50% من عمليات تبييض الأموال في العالم.
وأوضح أن أعداء إيران وبعض منافسيها يطرحون اتهامات واهية تستهدف البلاد، لكنه أشار إلى اتفاقه مع ظريف حول ضرورة سن قانون الانضمام إلى اتفاقية "مكافحة تمويل الإرهاب" CFT، وهو أمر وافق عليه النواب وأرجعته لجنة صيانة الدستور لإجراء تعديلات، علما أنها واحدة من اللوائح التي يجب على إيران الانضمام إليها تمهيدا لشطب اسمها من القائمة السوداء لمجموعة "فاتف".
من ناحيته، اعتبر النائب المحافظ وعضو لجنة الأمن القومي، جواد كريمي قدوسي، أن تصريحات ظريف فتحت المجال أمام ترحيب المؤسسات الغربية والولايات المتحدة، التي تبحث عن مبرر لاتهام إيران، متوقعا أن يقترب ظريف من تقديم استقالته من منصبه، واتهمه بالتسبب بعدد من المشكلات للبلاد بسبب السياسة الخارجية لحكومة الرئيس حسن روحاني.
في المقابل، دافع المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، عن الوزير بإصدار بيان مفصل يوضح فيه ما جرى، فقال إن بعض التيارات استغلتها لصالحها، وبأن تصريحات ظريف لم تكشف أي جديد، بل إنها تمثل وجهة نظر واقعية مرتبطة بالتبعات السلبية التي تتركها آفة تبييض الأموال، بحسب تعبيره.
وأشار قاسمي إلى تقارير قدمتها الخارجية في وقت سابق حول معدّلات تهريب البضائع والمحروقات والتي تعود على البعض بمليارات الدولارات، موضحا أن ظريف لم يتحدث أساسا عن منتقدي مقررات مجموعة العمل المالي، بل تحدث عن واقع تبييض الأموال الذي لا يمكن التستر عليه ويجب محاسبة مرتكبيه.
الجدير بالذكر أن مجموعة العمل المالي كانت قد مددت المهلة التي منحتها لإيران كي تنضم إلى مقرراتها حتى فبراير/شباط القادم، مقابل أن تشطب اسمها من قائمتها السوداء، وهو ما قد يسهل تعاملاتها المالية الدولية ويساعدها في الصمود بوجه العقوبات الأميركية إثر انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، حسبما تقول الحكومة المعتدلة ومؤيدو الانضمام لهذه اللوائح في الداخل الإيراني.
مقابل ذلك، يتذرع المنتقدون بعدم شفافية هذه المقررات التي لن تعود على إيران بأي نفع كما حصل مع الاتفاق النووي، كما ستفتح الباب عريضا أمام مطالب دولية جديدة إلى جانب الاختلاف على تعريف الإرهاب، فيقول المحافظون إن الغرب يصنف بعض فصائل المقاومة كإرهابية، وهو السبب في الإصرار على ضرورة انضمام طهران إلى تلك المقررات في محاولة لمحاصرة دورها الداعم لهذا المحور، بحسب وصفهم.