تعيش ابتسام الوزانية في أحد أحياء مدينة وزان المغربية. هي أم لطفلين تدير منشرة في حيّها الشعبيّ. التحقت منذ طفولتها بوالدها في منشرته التي تشكل جزءاً من المنزل. وتمكنت على مرّ السنين من تعلّم شؤون النجارة وأساسياتها، وكلّ ما يتعلق فيها حتى أصبحت الآن تدير المنشرة في ذات الحيّ.
تقول ابتسام لـ"العربي الجديد": "كانت المنشرة مشروعاً سابقاً لوالدي. وكنت أقف إلى جانبه وأساعده في قضاء أعماله. والآن استلمت إدارتها. وبذلك، آخذ طلبات الزبائن وأنسقها لهم وأسجل قياسات الأشكال المطلوبة مثل الأبواب والشبابيك وأطقم الصالونات ثم أترك العمل التطبيقي للعمال الذين يستخدمون الآلات المتوفرة في المنشرة".
طوال 15 عاماً لم تتمكن ابتسام من العمل على المنشار الكهربائي الضخم "خوفاً من شفراته" كما تقول، ولعدم رغبتها في الوصول إلى هذه المرحلة. تكتفي بإدارة المشروع وتطويره وتوسيع آفاقها المهنية فيه.
يتبع للمنشرة محلّان، أحدهما يشكّل مخزناً للخشب والطلبات الجاهزة، وهو مستأجر، والثاني يعمل فيه ثلاثة عمال وهو محل تملكه. يعود العمال للتو من الغداء والقيلولة عصراً، ويباشرون مهامهم في تحويل أسطح القطع الخشبية إلى ناعمة الملمس ثم تقطيعه وفق الشكل المطلوب ثم زخرفته.
داخل المحل المستأجر الممتلئ برائحة الخشب المنثور، تصطف أمام واجهتين منه صناديق للنحل. تعلّق ابتسام: "يكثر الطلب الآن على هذه الصناديق فهو موسم تربية النحل وقطف العسل". أما غيرها من الأخشاب فتدخل في استخدامات أخرى، منها بناء المنازل.
تعتبر مدينة وزان من المدن الصغيرة التي تحكمها العادات والتقاليد التي تقيد بدورها الحركة المهنية للمرأة، وتجعلها تتحرك في الصفوف الخلفية إذا اعتبرنا أنّ المدينة يغلب عليها الطابع الفلاحي أكثر من المدني. بالرغم من ذلك، لم تتراجع ابتسام عن سعيها كي تكون امرأة نموذجية في مدينتها وفي حارتها الضيقة. تقول لـ"العربي الجديد": "في البداية لم يعجب الناس أن تعمل امرأة في المنشرة أو تقود شؤونهم، لكنهم اعتادوا الأمر في ما بعد". ومع السؤال عن أخيها الذي يعمل معها في المنشرة، تقول: "أخي يساعدني فقط في العمل وليس من أجل صدّ اللوم عنّي، فأنا مقتنعة تماماً بمهنتي ولا خطأ في ذلك بتاتاً، كما أنّ والدي استطاع أن يبني مشروعاً لكلّ فرد منّا في وزان وخارجها. وأنا مسؤولة عن المنشرة هنا".
اقــرأ أيضاً
باتت ابتسام "أشهر من عَلَم". يمكن للزائر الغريب أن يصل إلى باب منشرتها بسهولة في السؤال فقط: "أين يمكنني أن أجد ابتسام النجّارة؟". لن يخذله أي شخص في الطريق، فقد استطاعت المرأة وحدها أن تبني سمعتها، من خلال درس مشروعها جيداً وإضافة الجديد إليه بما يتناسب مع العصر والأذواق المختلفة والتصاميم البسيطة والمعقدة. دمجت في منتوجاتها بين الحديد والخشب، وطورت خدماتها بتطوير الماكينات والأدوات التي تملكها و"الكتالوغات" التي تعتمدها.
تعلّق: "الزمن الآن ليس الزمن الذي عاش فيه والدي وكان الناس يعتمدون في البساطة أسلوباً لحياتهم". تستطيع بما تعلّمته من مهارات أن ترشد زبائنها وتنصحهم بما يريدون. كما تمكنت من المشاركة في بعض المعارض المحلية لتسويق منتجاتها، وهذا ما فتح لها الباب مع زبائن من داخل وخارج وزان يأتون بدافع الأسعار المناسبة والموديلات الجديدة.
بذلك، تظلّ ابتسام جزءاً من المشهد النسائي الذي يعمل بصلابة وتصميم عاليين في مدينة ما زالت تخجل فيها بعض النساء العمل في النجارة. تقول ابتسام: "حاولت تشغيل فتيات في المحاسبة في المنشرة، لكنهنّ يخجلن من الذهاب لشراء مسمار على سبيل المثال، لا يتقبلنّ القيام بذلك". تتابع: "هذه المهنة تتيح التعامل مع أناس مختلفين، لذلك يتوجب التعامل معهم بصبر كبير".
حتى في مكان العمل، تتبنى المديرة علاقات طيبة مع العمال لديها، فالتوجيه والإرشاد لا يأخذ شكل الأوامر بل النصائح وتبادل الأفكار وتشاركها من أجل إنتاج قطعة بجودة عالية. كما تعتبر المنشرة ورشة للنجارين الصغار أو الشباب الحاصلين على تدريب حديث بالنجارة، إذ يمكنهم التدرب هناك وفق مستواهم المعرفي والمهاري.
وعن ذلك، تقول: "نأخذ القياسات وأوجّه العامل إلى المطلوب منه تحديداً. وإذا كان قد أنهى لتوه تعليمه لا يمكن أن نعطيه عملاً كبيراً، بل علينا التدرج في ذلك".
بما أنها تنتمي إلى قطاع النجارين في وزان، تجد ابتسام أنّ وضع المهنة والعاملين فيها جيد وملائم للمعيشة ولاحتياجات المدينة وأهالي القرى المحيطة. لكن، لا توجد نقابة بعينها تهتم بشؤونهم، بل ما زالوا يتبعون غرفة التجارة والصناعة التقليدية.
اقــرأ أيضاً
تقول ابتسام لـ"العربي الجديد": "كانت المنشرة مشروعاً سابقاً لوالدي. وكنت أقف إلى جانبه وأساعده في قضاء أعماله. والآن استلمت إدارتها. وبذلك، آخذ طلبات الزبائن وأنسقها لهم وأسجل قياسات الأشكال المطلوبة مثل الأبواب والشبابيك وأطقم الصالونات ثم أترك العمل التطبيقي للعمال الذين يستخدمون الآلات المتوفرة في المنشرة".
طوال 15 عاماً لم تتمكن ابتسام من العمل على المنشار الكهربائي الضخم "خوفاً من شفراته" كما تقول، ولعدم رغبتها في الوصول إلى هذه المرحلة. تكتفي بإدارة المشروع وتطويره وتوسيع آفاقها المهنية فيه.
يتبع للمنشرة محلّان، أحدهما يشكّل مخزناً للخشب والطلبات الجاهزة، وهو مستأجر، والثاني يعمل فيه ثلاثة عمال وهو محل تملكه. يعود العمال للتو من الغداء والقيلولة عصراً، ويباشرون مهامهم في تحويل أسطح القطع الخشبية إلى ناعمة الملمس ثم تقطيعه وفق الشكل المطلوب ثم زخرفته.
داخل المحل المستأجر الممتلئ برائحة الخشب المنثور، تصطف أمام واجهتين منه صناديق للنحل. تعلّق ابتسام: "يكثر الطلب الآن على هذه الصناديق فهو موسم تربية النحل وقطف العسل". أما غيرها من الأخشاب فتدخل في استخدامات أخرى، منها بناء المنازل.
تعتبر مدينة وزان من المدن الصغيرة التي تحكمها العادات والتقاليد التي تقيد بدورها الحركة المهنية للمرأة، وتجعلها تتحرك في الصفوف الخلفية إذا اعتبرنا أنّ المدينة يغلب عليها الطابع الفلاحي أكثر من المدني. بالرغم من ذلك، لم تتراجع ابتسام عن سعيها كي تكون امرأة نموذجية في مدينتها وفي حارتها الضيقة. تقول لـ"العربي الجديد": "في البداية لم يعجب الناس أن تعمل امرأة في المنشرة أو تقود شؤونهم، لكنهم اعتادوا الأمر في ما بعد". ومع السؤال عن أخيها الذي يعمل معها في المنشرة، تقول: "أخي يساعدني فقط في العمل وليس من أجل صدّ اللوم عنّي، فأنا مقتنعة تماماً بمهنتي ولا خطأ في ذلك بتاتاً، كما أنّ والدي استطاع أن يبني مشروعاً لكلّ فرد منّا في وزان وخارجها. وأنا مسؤولة عن المنشرة هنا".
باتت ابتسام "أشهر من عَلَم". يمكن للزائر الغريب أن يصل إلى باب منشرتها بسهولة في السؤال فقط: "أين يمكنني أن أجد ابتسام النجّارة؟". لن يخذله أي شخص في الطريق، فقد استطاعت المرأة وحدها أن تبني سمعتها، من خلال درس مشروعها جيداً وإضافة الجديد إليه بما يتناسب مع العصر والأذواق المختلفة والتصاميم البسيطة والمعقدة. دمجت في منتوجاتها بين الحديد والخشب، وطورت خدماتها بتطوير الماكينات والأدوات التي تملكها و"الكتالوغات" التي تعتمدها.
تعلّق: "الزمن الآن ليس الزمن الذي عاش فيه والدي وكان الناس يعتمدون في البساطة أسلوباً لحياتهم". تستطيع بما تعلّمته من مهارات أن ترشد زبائنها وتنصحهم بما يريدون. كما تمكنت من المشاركة في بعض المعارض المحلية لتسويق منتجاتها، وهذا ما فتح لها الباب مع زبائن من داخل وخارج وزان يأتون بدافع الأسعار المناسبة والموديلات الجديدة.
بذلك، تظلّ ابتسام جزءاً من المشهد النسائي الذي يعمل بصلابة وتصميم عاليين في مدينة ما زالت تخجل فيها بعض النساء العمل في النجارة. تقول ابتسام: "حاولت تشغيل فتيات في المحاسبة في المنشرة، لكنهنّ يخجلن من الذهاب لشراء مسمار على سبيل المثال، لا يتقبلنّ القيام بذلك". تتابع: "هذه المهنة تتيح التعامل مع أناس مختلفين، لذلك يتوجب التعامل معهم بصبر كبير".
حتى في مكان العمل، تتبنى المديرة علاقات طيبة مع العمال لديها، فالتوجيه والإرشاد لا يأخذ شكل الأوامر بل النصائح وتبادل الأفكار وتشاركها من أجل إنتاج قطعة بجودة عالية. كما تعتبر المنشرة ورشة للنجارين الصغار أو الشباب الحاصلين على تدريب حديث بالنجارة، إذ يمكنهم التدرب هناك وفق مستواهم المعرفي والمهاري.
وعن ذلك، تقول: "نأخذ القياسات وأوجّه العامل إلى المطلوب منه تحديداً. وإذا كان قد أنهى لتوه تعليمه لا يمكن أن نعطيه عملاً كبيراً، بل علينا التدرج في ذلك".
بما أنها تنتمي إلى قطاع النجارين في وزان، تجد ابتسام أنّ وضع المهنة والعاملين فيها جيد وملائم للمعيشة ولاحتياجات المدينة وأهالي القرى المحيطة. لكن، لا توجد نقابة بعينها تهتم بشؤونهم، بل ما زالوا يتبعون غرفة التجارة والصناعة التقليدية.