ترك حضور المرأة بصماته جليةً في التركيبة الديمغرافية للبلدان المستضيفة، حيث تشير الإحصائيات الأخيرة إلى أن عدد أبناء المهاجرين وصل إلى حوالي 7 ملايين نسمة، أي حوالي 11% من عموم السكان، ويمكن اليوم الحديث عن أن أصول كل شاب فرنسي من أصل 4، ترجع إلى أصول أجنبية.
والواقع أن الدراسة الأخيرة التي نشرها معهد الإحصاء الوطني الفرنسي، تشير إلى كون 9 أبناء من المهاجرين يعتبرون أنفسهم فرنسيين من أصل 10، وهم في غالبيتهم يحملون الجنسية الفرنسية (97%)، ويعلنون ولاءهم التام لقيم الجمهورية دون إنكار لأصولهم العربية والأفريقية والآسيوية، فيما يحمل أغلبهم شهادات عليا وصلت إلى 38% عما كانت عليه النسبة بالمقارنة مع آبائهم والجيل الثاني (33%)، فيما تحسن مستوى دخلهم بكثير، لكن مشكلة هذا الجيل تتجلى بإمعان في من لا يريد اعترافا بهم كمواطنين فرنسيين متساوين في الحقوق والواجبات.
لذلك ينطوي الحديث عن الجيل الثالث من الهجرة إلى الخروج من التنميطية السائدة، بحيث
تيسر لهم النشوء بين أحضان المجتمعات الغربية، وامتلاك ناصية التفاعل معها تربية وثقافة ولغة، كما أن انتماءهم المتنوع وفر لهم ثقافة مزدوجة منفتحة على مشارب غنية ومتعددة، أكسبتهم معرفة ثقافة بلدان آبائهم الأصلية، والانخراط التام في مجتمعاتهم الغربية.
وساهم ذلك في تلاقح سكاني مختلف الانتماء الديني والفكري في أوروبا، وبدأ يساعد في تلمس هذا الجيل بهوية غنية حبلى بكل مظاهر التنوع والاختلاف الذي يكسبهم ميزة تنافسية في سوق العولمة والانفتاح.
ولا يقتصر دور هذا الجيل بهذه المساهمة الغنية والفاعلة، بل تعداه إلى طرح ساحات جديدة القيمة حول الرأسمال الثقافي والروحي واللغوي والفني والعلمي لهذه المجتمعات، وهو ما أثرى الحياة الاجتماعية بمطاعمها وأذواقها الجديدة وعطورها وأزيائها وحفلاتها وابتكاراتها، فضلا عن ممارسة أنشطة متزايدة تشارك في نمو أوطانهم، ويبرزون من خلالها مواهبهم الفنية والرياضية والإبداعية.
وما نود التوقف عنده، هو امتلاكهم مؤهلات غنية يمكن أن تسمح بمد جسور غنية بين بلدان آبائهم وأوطانهم من خلال الفرص المتاحة.
وبالرغم من مسارات العنصرية، ودفع العديد من وسائل الإعلام الغربية ظهرها للماضي وللأيديولوجيات وتسويقها ألوانا قاتمة عن الغير والآخر، وبما تنحته في المشهد الإعلامي من صور نمطية مثيرة للقلق، فمن الدال أن حضور الجيل الثالث تعدى أن يكون حضور بشر، بل هو اليوم حضور أعمال، وإبداع، وموسيقى، وكتب، ولوحات فنية، ونشاط علمي وثقافي في وسائله المختلفة.
لقد بدا بجلاء أن هذا الجيل الثالث، ومهما كانت التأثيرات السلبية المتعددة التي يتعرض لها، فهو جزء من المشهد العام في الغرب والشرق، وهو يسطر طموحاته بإخفاقاتها ونجاحاتها، بحيث تسمح مواقعه الجديدة بتشكيل صيغة عبور جديدة بين الغرب والشرق عبر نقل وإعادة تشكيل للثقافات، وهي كناية عن حوار حي لا نهائي.
*مدير أبحاث ودراسات، مركز أنظمة الفكر المعاصر، جامعة السوربون
والواقع أن الدراسة الأخيرة التي نشرها معهد الإحصاء الوطني الفرنسي، تشير إلى كون 9 أبناء من المهاجرين يعتبرون أنفسهم فرنسيين من أصل 10، وهم في غالبيتهم يحملون الجنسية الفرنسية (97%)، ويعلنون ولاءهم التام لقيم الجمهورية دون إنكار لأصولهم العربية والأفريقية والآسيوية، فيما يحمل أغلبهم شهادات عليا وصلت إلى 38% عما كانت عليه النسبة بالمقارنة مع آبائهم والجيل الثاني (33%)، فيما تحسن مستوى دخلهم بكثير، لكن مشكلة هذا الجيل تتجلى بإمعان في من لا يريد اعترافا بهم كمواطنين فرنسيين متساوين في الحقوق والواجبات.
لذلك ينطوي الحديث عن الجيل الثالث من الهجرة إلى الخروج من التنميطية السائدة، بحيث
وساهم ذلك في تلاقح سكاني مختلف الانتماء الديني والفكري في أوروبا، وبدأ يساعد في تلمس هذا الجيل بهوية غنية حبلى بكل مظاهر التنوع والاختلاف الذي يكسبهم ميزة تنافسية في سوق العولمة والانفتاح.
ولا يقتصر دور هذا الجيل بهذه المساهمة الغنية والفاعلة، بل تعداه إلى طرح ساحات جديدة القيمة حول الرأسمال الثقافي والروحي واللغوي والفني والعلمي لهذه المجتمعات، وهو ما أثرى الحياة الاجتماعية بمطاعمها وأذواقها الجديدة وعطورها وأزيائها وحفلاتها وابتكاراتها، فضلا عن ممارسة أنشطة متزايدة تشارك في نمو أوطانهم، ويبرزون من خلالها مواهبهم الفنية والرياضية والإبداعية.
وما نود التوقف عنده، هو امتلاكهم مؤهلات غنية يمكن أن تسمح بمد جسور غنية بين بلدان آبائهم وأوطانهم من خلال الفرص المتاحة.
وبالرغم من مسارات العنصرية، ودفع العديد من وسائل الإعلام الغربية ظهرها للماضي وللأيديولوجيات وتسويقها ألوانا قاتمة عن الغير والآخر، وبما تنحته في المشهد الإعلامي من صور نمطية مثيرة للقلق، فمن الدال أن حضور الجيل الثالث تعدى أن يكون حضور بشر، بل هو اليوم حضور أعمال، وإبداع، وموسيقى، وكتب، ولوحات فنية، ونشاط علمي وثقافي في وسائله المختلفة.
لقد بدا بجلاء أن هذا الجيل الثالث، ومهما كانت التأثيرات السلبية المتعددة التي يتعرض لها، فهو جزء من المشهد العام في الغرب والشرق، وهو يسطر طموحاته بإخفاقاتها ونجاحاتها، بحيث تسمح مواقعه الجديدة بتشكيل صيغة عبور جديدة بين الغرب والشرق عبر نقل وإعادة تشكيل للثقافات، وهي كناية عن حوار حي لا نهائي.
*مدير أبحاث ودراسات، مركز أنظمة الفكر المعاصر، جامعة السوربون