والخبز سلعة أساسية للأسر الليبية، لكن المخابز في العاصمة طرابلس أغلقت بشكل مفاجئ قبل أسبوعين، قائلة إنها اضطرت لذلك بسبب ارتفاع أسعار الطحين (الدقيق) والوقود. وعندما فتحت مجددا اعتذرت للمواطنين وسعرت ثلاثة أرغفة صغيرة بدينار، كان يشتري من قبل ثمانية أرغفة.
وقالت خيرية زغيط، وهي ربة منزل تبلغ من العمر 54 عاما، لوكالة "رويترز" إن: "الله وحده يعلم مدى صعوبة الوضع. عندما أريد تجهيز شطيرة لابني، اعتدت أن تكون رغيفا من الخبز ولكنها الآن نصف الرغيف. في بعض الأيام لا نشتري خبزا... وبعض الأيام أشتري بالصك المصرفي ولكنهم لا يعطون الخبز مقابل الصك".
وكانت ليبيا الغنية بالنفط وعدد سكانها البالغ 6.5 ملايين نسمة فقط، فيما مضى واحدة من أغنى الدول في المنطقة. وكان المواطن يستطيع شراء 40 رغيفا من الخبز بدينار واحد. لكن الخلافات قسمت البلاد إلى فصائل متناحرة تحارب من أجل السيطرة على السلطة وإيرادات النفط.
وتفاقمت المشكلات الاقتصادية بعد 2014، حينما أنشئت حكومتان وبرلمانان وبنكان مركزيان متنافسان في طرابلس وشرق البلاد في أعقاب انتخابات متنازع عليها. وبقيت أسعار السلع الأساسية متقلبة، في ظل تذبذبات حادة في قيمة الدينار الليبي في السوق الموازية.
واتسعت الفجوة بين سعر الصرف الرسمي للعملة البالغ 1.4 دينار مقابل الدولار، والسعر في السوق السوداء بعدما هبطت إيرادات البلاد من العملة الأجنبية بسبب تعطل إنتاج النفط. ويشتري الدولار حاليا حوالي سبعة دنانير في السوق الموازية.
بعض الذين يحصلون على الدولارات بسعر الصرف الرسمي من أجل الاستيراد، يستغلونها في أعمال غير مشروعة، وفق تقرير "رويترز"، وهو ما يترك أموالا شحيحة لجلب سلع ضرورية إلى البلاد.
ويقترب التضخم من 30 في المئة، وأدى انهيار الثقة في النظام المصرفي، الذي يقع جزئيا تحت سيطرة مجموعات مسلحة، إلى أزمة حادة في السيولة المالية. ووفقا للأمم المتحدة فإن نحو 1.1 مليون شخص يحتاجون إلى مساعدة إنسانية.
ويقول أحمد علي، وهو موظف حكومي، بينما كان يتسوق لعائلته في بنغازي "بعد ارتفاع أسعار المواد الغذائية واللحوم، أصبح الراتب لا يكفي وعندما تذهب للمصرف لا يعطونك راتبك كاملا وتكون لديهم سيولة كل ثلاثة أو أربع أشهر".
ويلقي تجار ومسؤولون في بنغازي باللوم على الانقسامات السياسية وضعف الدينار في الزيادات الحادة للأسعار منذ العام الماضي. وقال علي خالد، وهو صاحب مخبز، "السبب في ارتفاع سعر رغيف الخبز هو عدم حصولنا على الدقيق المدعوم بشكل منتظم. نضطر للشراء من السوق السوداء".
وقال جمال الشيباني رئيس صندوق موازنة الأسعار في طرابلس لـ "رويترز" إن الدولة وحدها يمكنها أن تضمن سعرا عادلا ومستقرا للخبز، لكن الصندوق لم يتم تخصيص أموال له لتوريد القمح أو الدقيق على مدى السنوات الثلاث الماضية.
وتابع قائلا "بما أن الدولة عاجزة عن سد فجوة الدعم بسبب انخفاض عائدات النفط، فقد تُرك الأمر للقطاع الخاص. لا أحد يتحمل المسؤولية ولا أحد يخضع للمساءلة".
,كانت ليبيا تنفق ملياري دولار سنوياً لدعم الدقيق والأرز والسكر والشاي وسلع أخرى، لكنها رفعت الدعم السلعي منذ عام 2015 من دون توفير دعم نقدي للمواطنين، فأصبحت معظم السلع الأساسية تستورد عبر صندوق موازنة الأسعار (مؤسسة عامة) وتُباع للمواطن بسعر الكلفة بدلاً من الدعم السلعي.
ويتوزع 4160 مخبزاً على مختلف أنحاء ليبيا، إضافة إلى 57 مطحنة دقيق توزع الطحين على الأفران بأسعار شبه مدعومة، فيما تستهلك ليبيا حوالي 1.26 مليون طن حبوب سنوياً، وتستورد 95% من القمح الليّن، فيما تُغطي بقية حاجتها من الإنتاج المحلي.
(العربي الجديد)