شهدت العاصمة الأردنية عمّان، بعد صلاة ظهر اليوم الجمعة، اعتصاماً حاشداً أمام المسجد الحسيني، رفضا لقرار الاحتلال الإسرائيلي السطو على أجزاء من الضفة الغربية وغور الأردن، وسط حضور أمني كثيف.
ودعا المشاركون في الاعتصام، الذي قاده "التحالف الوطني لمواجهة صفقة القرن"، الحكومة الأردنية إلى اتخاذ مواقف حقيقية في مواجهة المشاريع التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، سواء خطة الإملاءات الأميركية المعروفة إعلامياً بـ"صفقة القرن"، أو "مشروع ضم" إسرائيل أجزاء من الضفة الغربية وغور الأردن.
رفع المشاركون يافطات كتبت عليها العديد من الشعارات المناهضة للاحتلال الإسرائيلي
وطالب المتظاهرون الحكومة بوقف كافة العلاقات مع دولة الاحتلال، وعلى رأس ذلك إلغاء معاهدة وادي عربة واتفاقیة الغاز، وإغلاق سفارة الاحتلال في عمّان، مؤكدين أن مشاریع "صفقة القرن" وخطط الضم تستھدف الأردن بالقدر الذي تستھدف فلسطين.
وشدد المشاركون على ضرورة إطلاق تحرك عربي ودولي لوقف الانتهاكات التي يمارسها الاحتلال ومن يدعمه، متهمين الولایات المتحدة الأميركیة بتقدیم الدعم الكامل للكیان الصھیوني بكل تلك الخطط والانحیاز الأعمى لدولة الاحتلال، داعين الشعوب العربية والإسلامية للانتفاض بوجه تلك المشاريع الاستيطانية التوسعية.
ورفع المشاركون يافطات كتب عليها العديد من الشعارات المناهضة للاحتلال الإسرائيلي، مثل "النكسة لن تتكرر والضم لن يمر"، "لا للعدوان، لا للضم"، "حق العودة حق مقدس"، "لا للتطبيع مع العدو"، و"تسقط صفقة القرن العدوانية".
ووصف المعتصمون قرار الضم بأنه نكبة جديدة لفلسطين وإعلان حرب على الأردن، وطالبوا باتخاذ إجراءات عاجلة وفاعلة في مواجهة القرار الصهيوني الذي يمثل تصفية للقضية الفلسطينية، مشددين على ضرورة وضع مشروع وطني أردني وفلسطيني في مواجهة هذا القرار.
وطالب المشاركون الحكومة بإطلاق سراح أمين عام حزب "الوحدة الشعبية" سعيد ذياب، وجميع معتقلي الرأي في الأردن، وعدم التضييق على الحريات في مثل هذه الظروف.
من جهته، أكد النائب عن كتلة الإصلاح في البرلمان الأردني سعود أبو محفوظ، في كلمة باسم الحركة الإسلامية، على وحدة الموقف الشعبي الأردني والفلسطيني الرافض للعدوان، وقرار الضم الذي يمثل جوهر "صفقة القرن" التي أعلنتها الإدارة الأميركية.
وقال خلال كلمته: "قرار الضم يستهدف شرعنة الاحتلال على 40 في المائة من الضفة الغربية بما فيها غور الأردن التي تمثل سلة الغذاء للأردن وفلسطين، وهو خطوة أخرى لتهجير الفلسطينيين، وتنفيذ مشاريع التوطين والوطن البديل".
وتابع "إننا لا نريد أن نناكف الحكومة التي وقفنا إلى جانبها في مواجهة كورونا"، مشيرا إلى أن قرار الضم سيكون أخطر على الأردن من الوباء.
وطالب أبو محفوظ وزارة الخارجية الأردنية بالاستماع لصوت الشعب الأردني وترجمة التصريحات الملكية حول مواجهة المخطط الصهيوني وما يمثله من عدوان على الأردن، مطالباً بإلغاء معاهدة وادي عربة واتفاقية الغاز ووقف كافة أشكال التطبيع مع الاحتلال.
ويبقى من الواضح أن الرفض الشعبي الأردني لمشاريع الضم الإسرائيلية و"صفقة القرن" لا تراجع عنه، ولكن يبقى السؤال إلى أي مدى يمكن للأردن الرسمي رفض مشروع الضم و"صفقة القرن"، في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، والتوتر في الإقليم.
ولدى الأردن أوراق عديدة في حال إصرار إسرائيل على تنفيذ خططها، أبرزها إلغاء اتفاقية السلام بين عمّان وتل أبيب، أو تعطيل عدد من بنودها وإنهاء صفقة الغاز وتقليص حجم التبادل التجاري بين البلدين، ووقف التنسيق الأمني المشترك بين البلدين.
وكان العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، قد وجه رسائل عديدة لإسرائيل والعالم، حذر فيها من مغبة تنفيذ خطة الضم لأجزاء من الضفة وأغوار الأردن.
وحذر في مقابلة مع مجلة "دير شبيغل" الألمانية، من إقدام إسرائيل بالفعل على ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، قائلاً إن ذلك سيؤدي إلى صِدام كبير مع الأردن، مضيفاً أن القادة الذين يدعون لحل الدولة الواحدة لا يعلمون تبعاته.
وأضاف أن حلّ الدولة الواحدة ما زال مرفوضاً عربياً، متسائلاً في هذا الصدد "ماذا سيحصل إذا انهارت السلطة الوطنية الفلسطينية؟ سنشهد مزيداً من الفوضى والتطرف في المنطقة".