الانتخابات الأميركية: باراك أوباما قلق من تصويت الرجال السود

12 أكتوبر 2024
أوباما في بيتسبورغ، أول من أمس (جيف سوينسون/ Getty)
+ الخط -

وجّه الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما من ولاية بنسلفانيا المتأرجحة، أول من أمس الخميس، رسالة قوية إلى الناخبين "الرجال" من أصول أفريقية، من أجل التصويت لمرشحة الحزب الديمقراطي للرئاسة الأميركية كامالا هاريس، وذلك في أول دخول رسمي له على خط حملة هاريس الانتخابية، قبل أقل من شهر على موعد الانتخابات المقرّرة في الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. ودعا أوباما، من ولاية بنسلفانيا المتأرجحة، الناخبين الرجال السود للتصويت لهاريس، متسائلاً عن أسباب تردّدهم، ومعرباً عن دهشته من إمكانية ذهاب بعضهم للتصويت للمرشح الجمهوري دونالد ترامب، فقط لأنهم لا يرغبون بالتوصيت لانتخاب سيّدة رئيسة للولايات المتحدة.

باراك أوباما يهاجم دونالد ترامب

ويصوّب باراك أوباما بخطابه من بيتسبورغ، على ظاهرة مقلقة للحزب الديمقراطي، اتضحت مع الانتخابات الحالية، وربما برزت خلال السنوات الأربع الماضية، من ولاية جو بايدن، حيث يشهد الحزب تململاً في صفوف قاعدته من الملوّنين أو الأقليات، وهجرة أصوات منها للحزب الجمهوري، بسبب ما يمكن وصفه بـ"الإحباط" من سياسات الديمقراطيين، لا سيما الاقتصادية منها.

أكدت حملة ترامب أن شعبيته تتحسن لدى الناخبين السود

هذا الأمر حضر بقوة في كلمة باراك أوباما الأولى المباشرة في مركز انتخابي، في بيتسبورغ، حاصراً المعركة ليس مع الجمهوريين بل مع شخص ترامب نفسه، الذي قال إنه "ملياردير انشغل طوال حوالي عقد (منذ تسلمه السلطة) بمتاعبه فقط"، واصفاً إياه بالرجل "المجنون"، و"المنقطع عن المواطنين العاديين". كما شبّه أوباما خطابات ترامب الطويلة في التجمعات الانتخابية بـ"خطابات الزعيم الكوبي (الراحل) فيدل كاسترو".

وأقرّ الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما بأن المعركة هذا العام متقاربة جداً، لا سيما فيما يواجه الأميركيون ارتفاع الأسعار، لكنه تساءل قائلاً إنه لا يفهم "كيف من الممكن أن يفكر أحدهم بأن دونالد ترامب بإمكانه تحسين الأمور". وبنسلفانيا هي ولاية فاز بها أوباما في 2008 و2012، لكن ترامب ربحها (على هيلاري كلينتون) في 2016، ثم عاد بايدن ليفوز بها على ترامب في 2020، ولكن بفارق ضئيل جداً من الأصوات (0.72%).

وتعرف بيتسبورغ بصناعة الفولاذ، فيما كان ترامب قد زار، الأربعاء الماضي، مدينة سكرانتون، حيث نشأ بايدن في بنسلفانيا، ومنها تعهد باستمرار "الحفر ثم الحفر"، في إشارة إلى استخراج النفط. ولاحقاً، توجه ترامب، الخميس، إلى ديترويت، عاصمة قطاع صناعة السيارات في ميشيغن، وهي ولاية أخرى متأرجحة، تواجه فيها هاريس صعوبة في جذب أصوات الجالية العربية والمسلمة بسبب الدعم منقطع النظير الذي قدّمته الإدارة الأميركية لإسرائيل في عدوانها على غزة، ثم لبنان.

ومن ميشيغن، كشف ترامب عن المزيد من سياساته الاقتصادية التي تتبنى "الحمائية"، متعهداً بفرض المزيد من الضرائب على استيراد السيارات المصنعة في الخارج إذا ما عاد إلى البيت الأبيض. واعتبر الرئيس الجمهوري السابق أن ديترويت "منهارة" اقتصادياً، وأنه إذا ما وصلت هاريس للسلطة فقد "تصبح كل الولايات المتحدة ديترويت".

وصف أوباما ترامب بالمجنون والمنقطع عن المواطنين

وأكدت حملة ترامب، في وقت سابق، أنه "يبلي بلاء حسناً مع الناخبين الرجال السود"، في وقت تتقدم فيه هاريس عليه في الحصول على أصوات النساء من أصول أفريقية، بحسب ما تظهر استطلاعات الرأي. ووصف أوباما ترامب بالرئيس "المجنون الذي يحاول بيع نسخ من الإنجيل"، ويتبنى نظريات المؤامرة، وقال إنه يرفض أن تكون هناك "أعذار" لدى الناخبين الرجال من أصول أفريقية للتصويت لترامب، وأنه شخصياً، وهو أول أميركي من أصول أفريقية يتبوأ منصب الرئاسة في الولايات المتحدة، ولولايتين (2008 – 2016)، لديه "مشكلة" في ذلك لأنه "يجعله يعتقد"، وهو يتحدث إلى الرجال "مباشرة"، بأنهم "لا يشعرون بأنهم قادرون على التصويت لامرأة لتكون رئيسة للولايات المتحدة"، مشدداً على "جهوزية" كامالا هاريس للمنصب، حيث وصفها بأنها "زعيمة قضت حياتها في النضال بالنيابة عن الأشخاص الذين يحتاجون إلى صوت وفرصة، وهي مستعدة لهذا المنصب".

ويكثّف المرشحان للرئاسة، هاريس وترامب، لقاءاتهما في الولايات المتأرجحة السبع، وهي أريزونا ونيفادا وميشيغن وبنسلفانيا وجورجيا وكارولينا الشمالية وويسكونسين.

إحباط من الديمقراطيين

ووجد تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز، ونشر في الرابع من أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، أن "إحباط الناخبين الرجال من أصول أفريقية من الحزب الديمقراطي يفتح باباً لترامب للنفاذ منه". وأوضحت الصحيفة في تقريرها أن المواطنين من أصول أفريقية يتلقون في الولاية رسائل عبر البريد تحذرهم من التصويت لهاريس، وهي أول مرشحة رسمية "ملوّنة" للرئاسة في تاريخ البلاد عن الحزبين الرئيسيين تحصل على ترشيح حزبها لخوض السباق (هي من أصول أفريقية – هندية)، لكونها "قيادية فاشلة"، ولديها أفكار "ليبرالية جداً تتعلق بالإجهاض ومكافحة الجريمة"، فيما يتبنى ترامب، وفق هذه الرسائل، "أجندة منطقية". وحذّرت "نيويورك تايمز" من أن تصويت الرجال من أصول أفريقية "لا يضاهيه في أي انتخابات سوى تصويت النساء من أصول أفريقية"، في إشارة إلى توجههم بكثافة للإدلاء بأصواتهم في رئاسيات أميركا وانتخابات الكونغرس.

لكن الصحيفة نبّهت إلى أنه هذا العام هناك عدد أكبر من الرجال من أصول أفريقية، تحت سنّ الـ50، أعربوا بحسب استطلاعات الرأي والمحادثات معهم، عن انفتاحهم للتصويت لترامب، أو "البقاء في المنزل"، أي عدم التصويت، وهو سيناريو قد يكون له تأثير كبير على نتيجة الاقتراع في الولايات المتأرجحة، ومنها جورجيا. وبحسب الصحيفة، فإن "المحبطين" يرون أن "الحزب الديمقراطي لم يعد يعمل من أجلهم"، مضيفين أن "مستوى معيشتهم بقي هو ذاته في العهود الديمقراطية والجمهورية"، لافتين إلى أن "شراء منزل، أو افتتاح عمل خاص، أو إعالة عائلاتهم تزداد صعوبة كل عام"، ما "يجذب الشباب السود لترامب"، وفق الصحيفة.

وكان استطلاع أخير للرأي، أجرته جامعة "هوارد" (جامعة خاصة في واشنطن)، قد وجد أن 82% من الناخبين من أصول أفريقية في الولايات المتأرجحة السبع سيصوتون لهاريس، مقابل 12% منهم اختاروا ترامب. لكن الاستطلاع وجد أن 21% من الناخبين الرجال من أصول أفريقية، تحت سنّ الـ50، يدعمون المرشح الجمهوري. وهناك أيضاً 7% منهم يفضلون مرشحاً آخر للرئاسة غير ترامب وهاريس.

(العربي الجديد، رويترز، فرانس برس، أسوشييتد برس)

المساهمون