تعمل إسلم بوها، ذات الأربعة عشر ربيعاً، حاضنة أطفال فى منزل "أسيادها" فى شرق نواكشوط. يوميات متعبة مرّت في العمل القسري، في حين كان حلم إسلم أن تتعلّم لتصبح طبيبة. وجه بوها الشاحب، يخفي الكثير من الكلام، وبرغم ذلك، تتحدث بحذر شديد، بعدما سمعت تعهّداً بعدم إبلاغ المنظمات الحقوقية أو السلطات عن حالها.
منذ ثلاث سنوات، جاءت سيدة إلى مدينة تجكجة، وسط موريتانيا. كان طلبها محدداً "تريد عاملة لمنزلها". نُفّذ الطلب، بوها التي كان عمرها 11 عاماً، بيعت الى السيدة. لا تعرف إسلم بوها "سعرها"، لا بل هي تعمل بلا أجرة. هي لا تقرأ ولا تكتب، وتعيش حياة العبودية في بيت يمنعها من التحدث مع "الغرباء"، وفي بلد يجرّم بقانونه العبودية.
العبيد في زمن الحرية
حالة إسلم بوها ليست وحيدة طبعاً. بلال ولد يرق، وهو بائع مياه، يقول إنه لم يحصل على فرصته في التعليم، لأنه أمضى شبابه في خدمة "أسياده" السابقين، حيث كان يرعى الإبل والغنم وكانوا يعاملونه بقسوة. ويلفت إلى أنه كان يعمل بلا أجرة، بحجة أن "مال العبد لسيده"، إلى أنْ تمكن من الفرار إلى المدينة.
ووفق تقرير لمنظمة "وولك فري" عن العبودية في العالم، حازت موريتانيا على النسبة الأعلى في معدل العبودية عالمياً. يذكر التقرير أن ما بين 10% إلى 20% من الشعب الموريتاني يواجه العبودية، وهو ما يصل إلى 140 ألف موريتاني. وحسب تقارير أخرى، يصل عدد "العبيد" في موريتانيا الى نحو 500 ألف موريتاني. وبرغم هذه الأرقام، لا يزال الصراع محتدماً بين القائلين بوجود العبودية في موريتانيا، ومعظمهم من منظمات وهيئات حقوقية، وبين مَن ينكر وجودها ويعتبر أن إثارة هذه القضية ليس سوى طريقة لجذب التمويل لبعض المنظمات.
الناشط الحقوقي، محمد ولد جبريل، يقول لـ"العربي الجديد"، إن العبودية فى موريتانيا موجودة بشكل عملي، وترعاها أحياناً السلطتان الدينية والسياسية، وإن آثار الرق لا تزال تعيق الذين يعيشون في ظل العبودية عن لعب دور فاعل في الحياة العامة، وفي الاقتصاد الوطني .
وعن موقف الدولة من العبودية، يقول ولد جبريل إن "الأزمة الحقيقية تكمن في الممارسة على أرض الواقع. إذ يوجد قانون يجرّم العبودية، في المقابل تنحاز الدولة إلى "مُلاّك العبيد" وترفض تطبيق القانون عليهم".
ومع أن السلطات الموريتانية ترفض الاعتراف رسمياً بوجود العبودية فى البلاد، إلا أنها في السنوات الأخيرة، وتحت ضغط من المنظمات الأهلية والدولية، بدأت في معالجة ما تسميه "بقايا ومخلّفات الرق" من خلال إنشاء "وكالة التضامن لمكافحة آثار الاسترقاق والدمج ومحاربة الفقر" وتنفيذ "خريطة الطريق الوطنية لمكافحة مخلفات الرق".
نائب رئيس حركة "إيرا" المدافعة عن الأرقاء السابقين، إبراهيم ولد عبيد، يقول لـ"العربي الجديد"، إن عدم تطبيق القوانين المجرّمة للعبودية يعود لسبب وهو أن "القوانين المتعلقة بالعبودية وجدت من أجل الاستهلاك الخارجي فقط. لهذا فقدت طابعها الردعي الفعلي".
ويقول القيادي السابق فى حركة "الحر" المدافعة عن الأرقاء، أحمد سالم ولد المختار، "إن القضاء على العبودية ومخلفاتها ليس مطلباً أخلاقياً فحسب، بل حتمية تنموية".
ويضيفُ ولد المختار: "بالنسبة إلينا، فإن الكفاح ضد العبودية لا يمكن كسبه بمعزل عن الكفاح ضد كافة العراقيل التنموية، كالأمية والجهل، التي تقف عائقاً أمام أي نمو مجتمعي واقتصادي".
من جهته، يشرح الدكتور زيدان ولد إبراهيم، وهو أكاديمي وخبير اقتصادي موريتاني، أن الوضع المزري اقتصادياً واجتماعياً لضحايا العبودية، هو نتيجة حتمية للحرمان من الحرية. إذ إن العبودية تشكل أهم جدار أمام أي نمو اقتصادي، وأي تطور في الناتج المحلي الإجمالي، في بلاد تعيش أزمات مالية ومعيشية ضخمة، ويرزح 42% من سكانها تحت خط الفقر.
العبيد في زمن الحرية
حالة إسلم بوها ليست وحيدة طبعاً. بلال ولد يرق، وهو بائع مياه، يقول إنه لم يحصل على فرصته في التعليم، لأنه أمضى شبابه في خدمة "أسياده" السابقين، حيث كان يرعى الإبل والغنم وكانوا يعاملونه بقسوة. ويلفت إلى أنه كان يعمل بلا أجرة، بحجة أن "مال العبد لسيده"، إلى أنْ تمكن من الفرار إلى المدينة.
ووفق تقرير لمنظمة "وولك فري" عن العبودية في العالم، حازت موريتانيا على النسبة الأعلى في معدل العبودية عالمياً. يذكر التقرير أن ما بين 10% إلى 20% من الشعب الموريتاني يواجه العبودية، وهو ما يصل إلى 140 ألف موريتاني. وحسب تقارير أخرى، يصل عدد "العبيد" في موريتانيا الى نحو 500 ألف موريتاني. وبرغم هذه الأرقام، لا يزال الصراع محتدماً بين القائلين بوجود العبودية في موريتانيا، ومعظمهم من منظمات وهيئات حقوقية، وبين مَن ينكر وجودها ويعتبر أن إثارة هذه القضية ليس سوى طريقة لجذب التمويل لبعض المنظمات.
الناشط الحقوقي، محمد ولد جبريل، يقول لـ"العربي الجديد"، إن العبودية فى موريتانيا موجودة بشكل عملي، وترعاها أحياناً السلطتان الدينية والسياسية، وإن آثار الرق لا تزال تعيق الذين يعيشون في ظل العبودية عن لعب دور فاعل في الحياة العامة، وفي الاقتصاد الوطني .
وعن موقف الدولة من العبودية، يقول ولد جبريل إن "الأزمة الحقيقية تكمن في الممارسة على أرض الواقع. إذ يوجد قانون يجرّم العبودية، في المقابل تنحاز الدولة إلى "مُلاّك العبيد" وترفض تطبيق القانون عليهم".
ومع أن السلطات الموريتانية ترفض الاعتراف رسمياً بوجود العبودية فى البلاد، إلا أنها في السنوات الأخيرة، وتحت ضغط من المنظمات الأهلية والدولية، بدأت في معالجة ما تسميه "بقايا ومخلّفات الرق" من خلال إنشاء "وكالة التضامن لمكافحة آثار الاسترقاق والدمج ومحاربة الفقر" وتنفيذ "خريطة الطريق الوطنية لمكافحة مخلفات الرق".
نائب رئيس حركة "إيرا" المدافعة عن الأرقاء السابقين، إبراهيم ولد عبيد، يقول لـ"العربي الجديد"، إن عدم تطبيق القوانين المجرّمة للعبودية يعود لسبب وهو أن "القوانين المتعلقة بالعبودية وجدت من أجل الاستهلاك الخارجي فقط. لهذا فقدت طابعها الردعي الفعلي".
ويقول القيادي السابق فى حركة "الحر" المدافعة عن الأرقاء، أحمد سالم ولد المختار، "إن القضاء على العبودية ومخلفاتها ليس مطلباً أخلاقياً فحسب، بل حتمية تنموية".
ويضيفُ ولد المختار: "بالنسبة إلينا، فإن الكفاح ضد العبودية لا يمكن كسبه بمعزل عن الكفاح ضد كافة العراقيل التنموية، كالأمية والجهل، التي تقف عائقاً أمام أي نمو مجتمعي واقتصادي".
من جهته، يشرح الدكتور زيدان ولد إبراهيم، وهو أكاديمي وخبير اقتصادي موريتاني، أن الوضع المزري اقتصادياً واجتماعياً لضحايا العبودية، هو نتيجة حتمية للحرمان من الحرية. إذ إن العبودية تشكل أهم جدار أمام أي نمو اقتصادي، وأي تطور في الناتج المحلي الإجمالي، في بلاد تعيش أزمات مالية ومعيشية ضخمة، ويرزح 42% من سكانها تحت خط الفقر.