أمس الإثنين، حانت اللحظة السياسية المناسبة، حسب تقديرات الحكومة الأردنية، لتفرج عن مسودة مشروع قانون الانتخاب الجديد لمجلس النواب، الذي جاء مفاجئاً حتى لأكثر المتفائلين بأن يكون مشروع القانون إصلاحياً. وفي الوقت الذي كان فيه رئيس الوزراء الأردني، عبد الله النسور، يعقد مؤتمره الصحافي للكشف عن تفاصيل مسودة مشروع القانون، لم تفارق الابتسامة ملامحه وملامح وزير الشؤون السياسية والبرلمانية خالد الكلالدة، وهو اليساري الذي دخل الحكومة بعدما كان يعارضها، وفي ذهنه كما كان يقول لمنتقديه، إن هدفه الوحيد "تغيير قانون الانتخابات". وهو ما حدث أمس الإثنين، عندما وأدت مسودة مشروع القانون الجديد قانون الصوت الواحد الذي خنق الحياة السياسية منذ العام 1993، الذي سبق إقرار اتفاقية السلام الأردنية - الإسرائيلية (وادي عربة).
تدرك الحكومة الأردنية أنها ستواجه معارضة شرسة من قبل المشرعين (مجلس النواب)، ستحاول تعطيل توجه الحكومة الإصلاحي، لكنها اختارت اللحظة السياسية المناسبة للمضي بمشروع القانون الجديد، والتي تسمح لها بالقول إنها أوفت بالتزاماتها التي قطعتها على نفسها حين تعهدت بالدفع بقانون الانتخاب، فور إقرار قوانين الأحزاب والبلديات واللامركزية من جهة. ومن جهة أخرى، تريد الحكومة الاستثمار بعمر المجلس الحالي، إذ من المقرر أن تنتهي ولايته نهاية العام المقبل، وبذاك تضمن الحكومة إقرار مشروع قانون يتوقع أن يواجه تسويفاً ومماطلة، كما تقول مصادر نيابية لـ"العربي الجديد".
وفي مسعى من رئيس الوزراء للاستعجال في إحالة مشروع القانون إلى مجلس النواب، قالت مصادر حكومية إن النسور نسب للملك الأردني، عبد الله الثاني، إدراج القانون على الدورة الاستثنائية المنعقدة حالياً، بهدف إتاحة الفرصة أمام المجلس لمناقشة القانون في لجانه الدائمة وفتح حوار وطني تشارك فيه القوى السياسية والوطنية حول القانون، حسب ما يُلزم الدستور الأردني، الذي يحدد الدورات الاستثنائية لمجلس النواب بما تتضمنه الإرادة الملكية التي يجب أن تتوفر لإدراج أي قانون جديد على جدول أعمالها.
اقرأ أيضاً: الأردن: حرب بين مراكز صنع القرار حول قانون الانتخاب
مشروع القانون الجديد، الذي يعتبر الأكثر تقدمية في عمر الدولة الأردنية، لم ينهِ قانون الصوت الواحد فقط، بل عمد إلى توسيع الدوائر الانتخابية الضيقة التي عززت العصبية العشائرية وسهلت استشراء المال السياسي. وأقر دوائر انتخابية أوسع تكون على مستوى المحافظة، ويُمنح فيها الناخب أصواتاً مساوية لعدد المقاعد المحددة للدائرة.
وخفض مشروع القانون الجديد عدد مقاعد المجلس من 150 إلى 130 عضواً مع الإبقاء على مقاعد الكوتا المحددة للمرأة والمسيحيين والشركس والشيشان. وهو التخفيض الذي اعتبره النسور غير كافٍ، بقوله إن "العدد لا يزال كبيراً"، معبراً عن أمله بأن ينخفض في المستقبل.
النسور توقع أيضاً أن يكون القانون "تاريخياً" في عمر الدولة الأردنية، وهو الذي أعلن أن القانون "ليس خياراً ولكنه لزوم في عالم اليوم، حيث لا مكان في العالم لدول غير ديمقراطية".
أما الكلالدة، الذي لم يخف سعادته بمشروع القانون، فأكد أن مشروع القانون الجديد سيضع نهاية للعيوب التي أنتجها قانون الصوت الواحد، والتي تمثلت بتفتيت أصوات الناخبين نتيجة للدوائر الانتخابية الضيقة وانتشار المال السياسي، وتحجيم القوى السياسية بما يعوق قدرتها على الوصول إلى مجلس النواب.
وحول المخاوف من أن يضمن القانون سيطرة جماعة الإخوان المسلمين على مجلس النواب، قال الكلالدة إنّ "الأردن ليس إقصائياً ومن يمتلك قاعدة شعبية مرحباً به". ورداً على المخاوف من عرقلة النواب لمشروع القانون الجديد، ولا سيما أن غالبيتهم يتمسكون بقانون الصوت الواحد، قال الوزير في تصريح لـ "العربي الجديد" إنه "عندما يحال القانون إلى مجلس النواب سيصبح ملكاً له، وسيدير النواب حواراً حوله، وبدورنا في الحكومة سندافع عن مشروع القانون الذي نقدمه بالرأي والبرهان". وأضاف الكلالدة "هذه هي الديمقراطية، من يستطيع أن يشكل الكتلة الوازنة سينتصر في النهاية".
وتتضمن مسودة مشروع القانون الجديد لحكومة النسور، التي تقترب من عامها الثالث بثبات، الظهور أمام الشعب الأردني والدول الغربية، على اعتبارها إصلاحية. وقد تحصل الحكومة على شعبية جديدة، على الرغم من أنها الحكومة التي اتخذت أكثر القرارات الاقتصادية قسوة على المواطن الأردني.
اقرأ أيضاً: رئيس الوزراء الأردني: لا منظمات تعمل لحسابنا في سورية