أنهى عدد من العاطلين عن العمل في الأردن اعتصامهم، أمام الديوان الملكي في العاصمة عمّان، والذي استمر لمدة ثلاثة أسابيع، للمطالبة بتوفير فرص عمل لهم، في ظل تدهور أوضاعهم المعيشية.
وحسب اتفاق تم مع المعتصمين الذين ينتمون إلى محافظة معان جنوب الأردن، فقد تعهدت الحكومة، من خلال وسطاء، بتوفير نحو 750 فرصة عمل لأبناء المحافظة في الأجهزة الحكومية والعسكرية والقطاع الخاص، على أن يتم صرف مبلغ 280 دولارا لكل منهم، اعتبارا من الشهر المقبل إلى حين تشغيلهم.
وبناء على اتفاق مكتوب بين المعتصمين والوسطاء، تم فض الاعتصام اعتبارا من صباح أمس، بحيث تتم المباشرة بتنفيذ الاتفاق وتوفير فرص العمل.
وحسب مصدر مطلع لـ"العربي الجديد"، فإن الحكومة بذلت جهودا كبيرة، خلال الأيام القليلة الماضية، لإنهاء الاعتصام، تفاديا لتطوره وتفاعل آخرين من مدن أخرى معه، إضافة إلى المخاوف من تعرّض أي من المعتصمين لحالات مرضية، في ظل الظروف الجوية السائدة، ما يؤزم الأوضاع في البلاد ويدفع إلى مزيد من الاحتجاجات.
وأضاف المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، أن الحكومة استعانت بوجهاء من أبناء محافظة معان للتوصل إلى هذا الاتفاق، بعدما فشلت كافة العروض التي قُدمت للمعتصمين من صرف معونات مالية عاجلة لهم وغيرها.
وحسب المصدر، فإن الحكومة تخشى من تفاقم مشكلة اعتصامات العاطلين عن العمل في الأردن، وتزايد الوقفات الاحتجاجية أمام الديوان الملكي، الذي تدخّل رئيسه مؤخرا لاحتواء عدد من المتعطلين عن العمل من أبناء محافظة العقبة، قوبل بانتقادات واسعة على ما اعتُبر تعديا على صلاحيات الحكومة وتجاوزا لدورها.
وسجل معدل البطالة ارتفاعا في الربع الأخير من العام الماضي ليبلغ 18.7%، وفقاً لبيانات دائرة الإحصاءات العامة الحكومية.
وكان الأردن شهد مسيرات من المحافظات إلى العاصمة عمّان، شارك فيها العديد من الشباب العاطلين عن العمل للضغط على الحكومة بهدف توفير فرص عمل وتحسين الأوضاع المعيشية.
وسارعت مؤسسات حكومية وعسكرية إلى الإعلان عن توفيرها فرص عمل في بعض المناطق التي تشهد احتجاجات.
وقالت الحكومة إنها ستلتقي العاطلين عن العمل ضمن جولات الحكومة المخطط لها في محافظات وأرياف الوطن، فيما يخص معالجة قضايا الفقر والبطالة.
ورفض أبناء معان، الأسبوع الماضي، لقاء الوفد الحكومي الذي توجه إلى المحافظة، في أول لقاء مع المواطنين العاطلين عن العمل.
وزادت حالة الغضب الشعبي ضد الحكومة في أعقاب الكشف عن تعيينات لأشقاء أعضاء في مجلس النواب في وظائف قيادية بدون تطبيق أي أسس للعدالة، تبعها الإعلان عن تعيينات في وزارة العدل لأقارب متنفّذين، وأخرى بمبالغ كبيرة في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون لأشخاص مقربين من رئيس الحكومة وعدد من المسؤولين.
وأثارت التسريبات المتعمدة لوثائق التعيينات في الجهاز الحكومي التي تمت مؤخرا، غضب الملك عبد الله الثاني الذي طلب بمحاسبة المسؤولين عن تسريب وثائق رسمية، مؤكدا أهمية مراعاة الكفاءة والعدالة في التعيين.
وقال رئيس المرصد العمالي، أحمد عوض، لـ"العربي الجديد"، إن تعاطي الحكومة مع مشكلة البطالة على النحو الذي أعلن عنه بعد لقاء المتعطلين عن العمل وتوفير عدد قليل جدا من الوظائف، غير مجد ولا يسهم في حل المشكلة.
وأضاف أن هبّة الحكومة لمعالجة مشكلة البطالة جاءت متأخرة جدا، وللأسف فإن المسؤولين لم يدركوا خطورة ارتفاع نسبة البطالة.
وتابع عوض أن العروض التي تقدم لحل مشكلة البطالة زهيدة جدا ولا تتناسب مع حجم المشكلة، فكيف يعقل أن تقدم الحكومة 500 وظيفة لمنطقة بسبب احتجاج أبنائها، رغم أن المتعطلين عن العمل بالآلاف، فيما يشكل ذلك استفزازا لمناطق أخرى تتحرك باتجاه المطالبة بتشغيل أبنائها أيضا.
وكان وزير العمل الأردني سمير مراد قال، في وقت سابق، إن مشكلة البطالة في الأردن متراكمة عبر السنين وتنامت مؤخرا لعدة أسباب اقتصادية وإقليمية.
وقال الخبير الاقتصادي مازن مرجي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن الاتفاق الذي تم مع المعتصمين مهم، لكنه سيحفز العاطلين عن العمل الآخرين للقيام بخطوات مماثلة، خلال الفترة المقبلة، باعتبار أن الاعتصام أفضى إلى نتيجة بوعد التشغيل خلال فترة قصيرة.
وطالب بضرورة تحفيز الشباب للعمل في القطاع الخاص والمهن، من خلال زيادة الحد الأدنى للأجور، البالغ حاليا حوالي 310 دولارات فقط، والذي لا يفي بالحد الأدنى لمتطلبات العيش للشرائح الفقيرة، إضافة إلى أن بعض الشركات لا توفر التأمينات المطلوبة للعمال.
وأضاف مرجي: "من المرجح أن يعود الناس إلى الشارع الشهر المقبل، مستحضرين في أذهانهم الاحتجاجات التي شهدها الأردن نهاية مايو/أيار الماضي، خلال شهر رمضان المبارك، والتفاعل الشعبي الكبير معها، وأدت إلى تنفيذ العديد من مطالب الحراك الأساسية، ومنها إقالة حكومة هاني الملقي، والتراجع حينها عن قانون الضريبة".