في حين تقرع الفصائل المسلحة طبول الحرب، يصطف المواطن الليبي في الطوابير من أجل توفير مخزون سلعي لمواجهة تداعيات الاشتباكات. ينتقل من طابور المحل التجاري، إلى محطات الوقود، إلى المخابز، بينما تشهد الأسواق ازدحاماً كبيراً، وسط نقص بعض السلع واختفاء بعضها الآخر بسبب ارتفاع الطلب. أما سعر الدولار فقفز في السوق الموازية إلى 4.85 دنانير.
ويؤكد المحلل الاقتصادي أحمد المبروك، لـ"العربي الجديد"، أن المعارك في طرابلس سترفع سعر الدولار بالسوق الموازية إلى مستويات قياسية، متوقعاً أن يصل إلى 10 دنانير وما فوق.
ويلفت إلى أن البلاد لا تحتاج إلى المزيد من الأزمات الاقتصادية، إذ إن الأوضاع المعيشية لا تنقصها معارك جديدة يدفع ضريبتها المواطن الذي يعاني بالأساس من أزمة نقص السيولة.
بدوره، يشير الباحث الاقتصادي مصطفى المصراتي إلى أن الوضع الاقتصادي لا يحتمل حروباً جديدة، ويقول لـ"العربي الجديد"، إن الأسواق غير مستقرة، في حين أن سماسرة الحروب بدأوا في زيادة أسعار السلع، وفي حال استمرت الاشتباكات وتوسعت، سترتفع الأسعار أكثر، ومعها سيقفز سعر الدولار.
ويقول رئيس جمعيات حماية المستهلك أحمد الكردي، لـ"العربي الجديد"، إن سماسرة الحروب يستغلون الفرصة لرفع الأسعار بشكل جنوني واستغلال حاجة الناس للسلع وسط غياب كامل لأجهزة الدولة الاقتصادية والرقابية.
ولم يعلق الناطق باسم حكومة الوفاق الوطني محمد السلاك على استعدادات حكومة الوفاق لتوفير السلع في السوق المحلية بسبب الصراعات المسلحة بالقرب من طرابلس.
في سوق العملة، في منطقة الظهرة، يقول سمسار العملات يحيى الطاهر، لـ"العربي الجديد"، إنه بموازاة تراجع سعر صرف الدينار، يقوم المواطنون بشراء العملة الأميركية بشكل رهيب، في حين أن البيع نادر جداً، بسبب الخوف من الحروب.
في حين يشير المواطن سالم بو ظهير إلى أنه اشترى الدولار بصك مصدّق، وذلك لادخاره مع اقتراب الحرب من طرابلس العاصمة.
وفي السياق، تشهد محطات الوقود ازدحاماً شديداً، لا بل إن بعضها أقفل أبوابه، في حين يعاني البعض الآخر من طوابير طويلة من المواطنين الذين يريدون التزود بالبنزين. ويؤكد علي البو عيشي، وهو مدير محطة وقود في منطقة عين زارة، جنوب طرابلس، لـ"العربي الجديد"، أنه لم يحصل على بنزين من شركة البريقة يوم الجمعة.
ومن أمام محطة بنزين في منطقة جنزور، غرب طرابلس، يؤكد المواطن علي بو غرارة أن الازدحام أمام المحطة بدأ منذ ساعات الصباح الأولى بسبب التحركات العسكرية حول العاصمة طرابلس. ويضيف: "أقوم بالتزود بالبنزين لتخزينه، وأبنائي يقومون بشراء السلع من الأسواق، الحرب على الأبواب".
وفي معاينة للأسواق والمحلات التجارية في طرابلس، ازدادت عمليات شراء السلع بشتى أنواعها لغرض تخزينها، تخوفاً من استمرار الاشتباكات، كما شهدت المصارف التجارية نقصاً بالسيولة في أطراف طرابلس، بينما مصارف وسط طرابلس تشهد ازدحاماً شديداً وسط شح السيولة.
ويؤكد مواطنون لـ"العربي الجديد"، ارتفاع أسعار السلع إلى الضعف في ظل الطلب الكبير ونقص المعروض السلعي لدى مختلف الأسواق، وزادت أسعار المواد الغذائية والدواء حوالي 25 في المائة.
في سوق العروبة، يقول المواطن سالم عاشور، لـ"العربي الجديد"، إنه اشترى سلعاً تكفيه لثلاثة أشهر. أما في منطقة تاجوراء، شرق طرابلس، فتجد معظم المحلات التجارية مقفلة والحركة قليلة جداً.
ويؤكد المواطن علي مروان، لـ"العربي الجديد"، أن المواطن الليبي أصبح لديه مخزون من السلع الأساسية نتيجة الحروب والصراعات المسلحة، بالإضافة إلى مخزون آخر من العملة المحلية أو الصعبة وكذلك البنزين.
ويردف أن الوضع العام غير مطمئن حالياً، وأنه قام بشراء بعض الأدوية من أجل تخزينها، وسط مخاوف من اندلاع صراعات مسلحة بطرابلس.
وفي منطقة قصر بن غشير، جنوب طرابلس، يقول المواطن سعيد أبوغمجة إن "الوضع العام هنا غير جيد. بعض الأسر فضلت النزوح من المنطقة إلى مناطق أخرى. هناك نقص في السلع الأساسية، ومن بينها الأرز وزيت الطعام وكذلك السكر.
في حين يلفت علي جلول، الذي يدير محلاً للمواد الغذائية، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن المواطن يشتري السلع أحياناً بالصك بكميات كبيرة نظرا لتخوفه من الحرب الوشيكة في طرابلس.
وكان ديوان المحاسبة، وهو أعلى سلطة رقابية مالية في ليبيا، قد رفض موازنة العام 2019، التي أعلنت حكومة الوفاق الوطني عن التوصل إلى اتفاق بشأنها في وقت سابق من مارس/ آذار، وبلغت ميزانية العام 2019 حوالي 46.8 مليار دينار (33.83 مليار دولار). واقع يؤثر على الإنفاق الحكومي، ويزيد من المشكلات الاقتصادية.