لم تعرف آمنة السعدي أنّ ابنها الأسير نهار السعدي مضرب عن الطعام، إلا بعد مرور أسبوعين على إضرابه عن الطعام، ولا حتى نادي الأسير الفلسطيني عرف ذلك، لأن السعدي معزول منذ 18 شهراً في زنزانة ضيّقة داخل سجن أيالون، يعيش فيها منفرداً ومنقطعاً ليس فقط عن أهله، بل عن عالم البشر، بما فيهم زملاؤه الأسرى.
السعدي الذي وصفته الاستخبارات الإسرائيلية بـ"الأسير الخطير"، وجّه رسالة إلى عائلته يبلغهم فيها أنه مضرب عن الطعام، احتجاجاً على استمرار الاحتلال في عزله عن الأسرى منذ سنة ونصف السنة، ومنع أمه وإخوته من زيارته، بعد أن اتهمته الاستخبارات بالتخطيط من داخل سجنه لخطف جنود إسرائيليين ومبادلتهم بأسرى فلسطينيين.
كل ما تعرفه والدته آمنة (وهي أم لثلاثة أسرى وشهيد) عن العزل الانفرادي الذي يقبع فيه ابنها نهار هو أنه "أربعة جدران مغلقة، تحيط بأرضية ضيقة، تشكّل زنزانة فيها طاقة صغيرة للنفس، وممنوع إرسال الملابس أو أي احتياجات أخرى لمن يُحشر فيها، أو السماح لأحد برؤيته والحديث معه".
وتتوجّه آمنة الى نجلها عبر "العربي الجديد"، قائلة: "والله يا نهار لم أكن أعرف أنك تنام جائعاً، لولا زارك الصليب الأحمر واتصل ليخبرني أنك مضرب عن الطعام منذ أسبوعين، كيف لي أن أعرف وأنا ممنوعة من زيارتك منذ سنتين".
ويمنع الاحتلال الأسير السعدي من قراءة الكتب، ما يدفع والدته للتخوّف عليه من أن يصاب بالجنون، "فإذا ظل نهار في الانفرادي سيخرج مجنوناً".
السعدي المحكوم بالسجن لمدة 4 مؤبدات وعشرين عاماً، والذي وقع في الأسر عام 2003، يعاني من التواء في العمود الفقاري، وآلام دائمة في الأسنان والمعدة، كما أنه خاض إضراباً سابقاً عن الطعام لمدة ثمانية أيام، فتعهّدت له المحكمة الإسرائيلية بعدم تجديد حبسه الانفرادي مقابل فك إضرابه، لكنها نقضت وعدها وجددت له بناءً على طلب من الاستخبارات الإسرائيلية.
ومنذ اللحظة التي عرفت فيها آمنة أن ولدها جائع في زنزانته، لم تضع لقمة في فمها، فـ"الأم لا تأكل عندما يجوع أولادها، فما بالك بأم أسير مريض وبعيد"، كما تقول.