الألزهايمر أو خرف الشيخوخة مرض يخيف كثيرين، ولا سيّما مع التقدّم في السنّ. تصعب السيطرة على تداعياته ، في غياب أيّ علاج شافٍ. وتبقى العناية بالمريض أساسيّة
كلّما نسي أحدنا أمراً ما أو سهت عنه كلمة مثلاً، قال سريعاً "ألزهايمر!" وضحك. لكنّ من عرف هذا المرض عن كثب، إذ أصاب أحد أفراد العائلة أو أحد المقرّبين منه، لا شكّ في أنّه لن يشير إليه بمزاح. الألزهايمر لا يستهدف المصاب به فحسب، بل كلّ من حوله. وتأتي المعاناة صحية نفسية اجتماعية.
تشير آخر بيانات منظمة الصحة العالمية إلى أنّ نحو 24 مليون شخص في العالم يعانون من خرف الشيخوخة وأكثر من 66 في المائة من هؤلاء الناس يعيشون في البلدان النامية حيث تتزايد الأرقام سنوياً أكثر فأكثر. وبحلول عام 2025، من المتوقّع أن ترتفع النسبة بنحو 75 في المائة بالمقارنة مع الرقم المذكور آنفاً. كذلك، فإنّ 34 مليون شخص سوف يصابون بالألزهايمر خلال 22 عاماً.
مهما حاولنا، لا نستطيع نقل واقع معاناة أيّ من العائلات عندما يصاب أحد أفرادها بالألزهايمر. لا يمكن الشعور بها إلا إذا كنّا قد خبرنا ذلك بدورنا. قد تكون أحياناً التفاصيل صغيرة، لكنّها مرهقة. على سبيل المثال، قد يضع المصاب المكواة في الثلاجة أو ساعة يده في وعاء السكر أو يحاول القفز من على الشرفة. كلّ ذلك من دون أن يعي ما يقوم به.
تيدي عساف عانت كثيراً من جرّاء إصابة والدها بالألزهايمر. تقول: "لا أستطيع وصف المعاناة التي عشناها مع والدي عندما أصيب بالمرض وهو يبلغ من العمر 78 عاماً. في البداية راح يتصرّف بعصبية حادة تجاهنا ويرتدي ملابسه بطريقة خاطئة. كذلك، راح ينسى مفاتيح المنزل. فعرضنا حالته على طبيب متخصص في جراحة الأعصاب، أكّد لنا إصابته بالألزهايمر بعد سلسلة من الفحوصات التي أجراها له". تضيف أنّ "الأسوأ هو عدم توفّر علاج فعّال للقضاء على المرض. كذلك لا نستطيع تركه وحيداً في المنزل، خوفاً من أن يلحق الضرر بصحته من دون أن يدرك ذلك. وبالفعل، عملنا ما في وسعنا للتخفيف عنه. لكنّنا فشلنا. وإلى العدائية التي كانت تجاهنا، راح ينسى أسماءنا". بعد تفاقم المرض وإصابته بنشاف في الرأس، فارق الحياة وقد أصيب بجلطة دماغية.
اقــرأ أيضاً
أمّا سليم خوري، فيتحدث عن المعاناة التي عاشها مع والدته عندما أصيبت بالألزهايمر قبل أن تفارق الحياة. يخبر: "أصيبت والدتي وهي في الثمانين من عمرها. المشكلة أنّنا لم نكن نعرف كيف نتعامل معها، وأحياناً كنّا نعمد إلى توبيخها في حال أتت بأي تصرّف غير مدرك. المشكلة الأكبر أنّنا لم نسمح لأنفسنا بوضعها في مأوى أو دار للعجزة لدوافع عائلية وعاطفية وتربوية. فهي تعبت وربّتنا، وكان من واجبنا الإحاطة والعناية بها". يضيف: "لا يمكنني وصف المعاناة التي مررنا بها. أحياناً، كانت تتناول جرعات من الأدوية من دون وعي، أو ترمي بثيابها الداخلية من أعلى الشرفة".
توضح منظمة الصحة العالمية أنّ الألزهايمر يصيب عادة كبار السنّ. وما بين اثنين في المائة وعشرة في المائة من الحالات تسجّل قبل الخامسة والستين. وبعد هذه السنّ، يتضاعف احتمال الإصابة بخرف الشيخوخة كلّ خمس سنوات تقريباً. وتتوقّع المنظمة ارتفاع عدد المصابين ليبلغ 65.7 مليون إصابة في عام 2030 ويصل إلى 115.4 مليون في عام 2050.
ويُصار الحديث عن الكشف المبكر الذي يحدّ من تداعياته. ويشدّد الطبيب المتخصص في جراحة الأعصاب والدماغ الدكتور غسان حداد، على "أهميّة الكشف المبكر. فقد بيّنت دراسات علمية أخيرة أنّ العجوز الذي يهبط ضغطه و يشعر بدوار مفاجئ يكون مهدّداً بإصابة في الدماغ، بالتالي بخطر مرض الألزهايمر. واليوم، يتوفّر جهاز طبي متطوّر جداً للكشف المبكر، ولتحديد تفاقم الألزهايمر في الدماغ". ويوضح أنّ "الكشف المبكر عن المرض قبل ضمور الدماغ يمكنه الحدّ من تفاقمه وتداعياته".
من جهته، يؤكّد الطبيب المتخصّص في جراحة الأعصاب الدكتور سهيل جبيلي أنّ ما من علاج فعّال للحد من تفاقم المرض. ويقول: "عادة، نجد مريض الألزهايمر متقاعساً جداً، أي قد يجلس أمام التلفزيون لساعات وينام أكثر من المعتاد أو يبدي عدم رغبة في القيام بالأنشطة المعتادة مع تقلبات سريعة في المزاج. من الهدوء إلى الغضب أو البكاء من دون سبب واضح. وقد ينسى الأرقام وكيف تُستخدم". يضيف: "صحيح أنّه لا يتوفّر علاج شاف، إلا أنّ ثمّة علاجاً للتخفيف من الأعراض".
في هذا السياق، يشدّد المتخصص في العلاج النفسي الدكتور نبيل خوري على أهمية الرعاية الصحية للمريض المصاب بالألزهايمر. ويقول: "يجب التعامل مع المصاب بحذر لأنّ يتصرّف عادة من دون وعي. من المحتمل أن يرمي بنفسه من على شرفة المنزل أو لا يتعرّف إلى أيّ من أفراد عائلته ويصبح عدائياً معهم". يضيف أنّ "ثمّة خوفاً من أن يتوه في الطريق الذي يسلكه، فيما تتفاقم حالته تدريجياً. وقد تصبح علاقته مع عائلته والممرّضين مضطربة جداً في حال أدخل المستشفى للعلاج، لأنّ الذاكرة تتراجع عنده إلى حدّ فقدانها كلياً. فيتوقّف عن الضحك، ويبقى حزيناً مع شعوره بهلوسات طارئة". ويتابع أنّه "على الأهل تقبّل وضعه وعدم اعتماد العنف معه، لأنّ من شأن ذلك أن يجعل حالته المرضيّة تسوء أكثر. عليهم رعايته بكثير من العطف والمحبة".
اقــرأ أيضاً
كلّما نسي أحدنا أمراً ما أو سهت عنه كلمة مثلاً، قال سريعاً "ألزهايمر!" وضحك. لكنّ من عرف هذا المرض عن كثب، إذ أصاب أحد أفراد العائلة أو أحد المقرّبين منه، لا شكّ في أنّه لن يشير إليه بمزاح. الألزهايمر لا يستهدف المصاب به فحسب، بل كلّ من حوله. وتأتي المعاناة صحية نفسية اجتماعية.
تشير آخر بيانات منظمة الصحة العالمية إلى أنّ نحو 24 مليون شخص في العالم يعانون من خرف الشيخوخة وأكثر من 66 في المائة من هؤلاء الناس يعيشون في البلدان النامية حيث تتزايد الأرقام سنوياً أكثر فأكثر. وبحلول عام 2025، من المتوقّع أن ترتفع النسبة بنحو 75 في المائة بالمقارنة مع الرقم المذكور آنفاً. كذلك، فإنّ 34 مليون شخص سوف يصابون بالألزهايمر خلال 22 عاماً.
مهما حاولنا، لا نستطيع نقل واقع معاناة أيّ من العائلات عندما يصاب أحد أفرادها بالألزهايمر. لا يمكن الشعور بها إلا إذا كنّا قد خبرنا ذلك بدورنا. قد تكون أحياناً التفاصيل صغيرة، لكنّها مرهقة. على سبيل المثال، قد يضع المصاب المكواة في الثلاجة أو ساعة يده في وعاء السكر أو يحاول القفز من على الشرفة. كلّ ذلك من دون أن يعي ما يقوم به.
تيدي عساف عانت كثيراً من جرّاء إصابة والدها بالألزهايمر. تقول: "لا أستطيع وصف المعاناة التي عشناها مع والدي عندما أصيب بالمرض وهو يبلغ من العمر 78 عاماً. في البداية راح يتصرّف بعصبية حادة تجاهنا ويرتدي ملابسه بطريقة خاطئة. كذلك، راح ينسى مفاتيح المنزل. فعرضنا حالته على طبيب متخصص في جراحة الأعصاب، أكّد لنا إصابته بالألزهايمر بعد سلسلة من الفحوصات التي أجراها له". تضيف أنّ "الأسوأ هو عدم توفّر علاج فعّال للقضاء على المرض. كذلك لا نستطيع تركه وحيداً في المنزل، خوفاً من أن يلحق الضرر بصحته من دون أن يدرك ذلك. وبالفعل، عملنا ما في وسعنا للتخفيف عنه. لكنّنا فشلنا. وإلى العدائية التي كانت تجاهنا، راح ينسى أسماءنا". بعد تفاقم المرض وإصابته بنشاف في الرأس، فارق الحياة وقد أصيب بجلطة دماغية.
أمّا سليم خوري، فيتحدث عن المعاناة التي عاشها مع والدته عندما أصيبت بالألزهايمر قبل أن تفارق الحياة. يخبر: "أصيبت والدتي وهي في الثمانين من عمرها. المشكلة أنّنا لم نكن نعرف كيف نتعامل معها، وأحياناً كنّا نعمد إلى توبيخها في حال أتت بأي تصرّف غير مدرك. المشكلة الأكبر أنّنا لم نسمح لأنفسنا بوضعها في مأوى أو دار للعجزة لدوافع عائلية وعاطفية وتربوية. فهي تعبت وربّتنا، وكان من واجبنا الإحاطة والعناية بها". يضيف: "لا يمكنني وصف المعاناة التي مررنا بها. أحياناً، كانت تتناول جرعات من الأدوية من دون وعي، أو ترمي بثيابها الداخلية من أعلى الشرفة".
توضح منظمة الصحة العالمية أنّ الألزهايمر يصيب عادة كبار السنّ. وما بين اثنين في المائة وعشرة في المائة من الحالات تسجّل قبل الخامسة والستين. وبعد هذه السنّ، يتضاعف احتمال الإصابة بخرف الشيخوخة كلّ خمس سنوات تقريباً. وتتوقّع المنظمة ارتفاع عدد المصابين ليبلغ 65.7 مليون إصابة في عام 2030 ويصل إلى 115.4 مليون في عام 2050.
ويُصار الحديث عن الكشف المبكر الذي يحدّ من تداعياته. ويشدّد الطبيب المتخصص في جراحة الأعصاب والدماغ الدكتور غسان حداد، على "أهميّة الكشف المبكر. فقد بيّنت دراسات علمية أخيرة أنّ العجوز الذي يهبط ضغطه و يشعر بدوار مفاجئ يكون مهدّداً بإصابة في الدماغ، بالتالي بخطر مرض الألزهايمر. واليوم، يتوفّر جهاز طبي متطوّر جداً للكشف المبكر، ولتحديد تفاقم الألزهايمر في الدماغ". ويوضح أنّ "الكشف المبكر عن المرض قبل ضمور الدماغ يمكنه الحدّ من تفاقمه وتداعياته".
من جهته، يؤكّد الطبيب المتخصّص في جراحة الأعصاب الدكتور سهيل جبيلي أنّ ما من علاج فعّال للحد من تفاقم المرض. ويقول: "عادة، نجد مريض الألزهايمر متقاعساً جداً، أي قد يجلس أمام التلفزيون لساعات وينام أكثر من المعتاد أو يبدي عدم رغبة في القيام بالأنشطة المعتادة مع تقلبات سريعة في المزاج. من الهدوء إلى الغضب أو البكاء من دون سبب واضح. وقد ينسى الأرقام وكيف تُستخدم". يضيف: "صحيح أنّه لا يتوفّر علاج شاف، إلا أنّ ثمّة علاجاً للتخفيف من الأعراض".
في هذا السياق، يشدّد المتخصص في العلاج النفسي الدكتور نبيل خوري على أهمية الرعاية الصحية للمريض المصاب بالألزهايمر. ويقول: "يجب التعامل مع المصاب بحذر لأنّ يتصرّف عادة من دون وعي. من المحتمل أن يرمي بنفسه من على شرفة المنزل أو لا يتعرّف إلى أيّ من أفراد عائلته ويصبح عدائياً معهم". يضيف أنّ "ثمّة خوفاً من أن يتوه في الطريق الذي يسلكه، فيما تتفاقم حالته تدريجياً. وقد تصبح علاقته مع عائلته والممرّضين مضطربة جداً في حال أدخل المستشفى للعلاج، لأنّ الذاكرة تتراجع عنده إلى حدّ فقدانها كلياً. فيتوقّف عن الضحك، ويبقى حزيناً مع شعوره بهلوسات طارئة". ويتابع أنّه "على الأهل تقبّل وضعه وعدم اعتماد العنف معه، لأنّ من شأن ذلك أن يجعل حالته المرضيّة تسوء أكثر. عليهم رعايته بكثير من العطف والمحبة".