فقد نشرت جريدة "الوفد" المصرية بُعيد تجاوز الدولار 11 جنيهاً في السوق السوداء، تقريراً بعنوان: "مؤامرة إخوانية لرفع سعر الدولار إلى 15 جنيها". واتهمت الصحيفة 4 شركات صرافة في القاهرة وأخرى بالإسكندرية، قالت إن أصحابها ينتمون إلى جماعة الإخوان، بقيادة السوق للارتفاع وفق خطة ممنهجة لرفع سعر الدولار إلى 15 جنيهًا قبل شهر رمضان المقبل.
وكانت الصحيفة نفسها نشرت، الشهر الماضي، تقريرا بعنوان: "الإخوان يخصصون أرباح الدولار لتمويل داعش في سورية". وذكرت أن ما اعتبرته "مؤامرة الإخوان على مصر" تستهدف التأثير على قيمة الجنيه المصري، عبر 13 وسيطًا في الكويت و11 آخرين في الإمارات من شباب الجماعة الذين حصلوا على توكيلات لتحويل العملات من الكويت والإمارات والسعودية وبريطانيا إلى دول أوروبية بهدف ضرب الاقتصاد المصري.
من جهتها، اتهمت صحيفة "اليوم السابع" المصرية، في تقرير بعنوان: "الدولار يتخطى الـ11 جنيها بالسوق السوداء"، الإخوان بالوقوف وراء قفزات أسعار الدولار في مصر. وتحدثت الصحيفة عن وجود "أياد خفية من الإخوان والمضاربين المتسببين في ضرب الأوضاع في مصر، وحرب شائعات متعمّدة للإضرار بالاقتصاد القومي لرفع الأسعار في الأسواق".
وكانت الصحيفة قد كتبت في تقرير سابق أن "التنظيم الدولي لجماعة الإخوان كان قد أسس مركزين لتجميع العملة الخضراء (الدولار) في لندن والكويت خلال الأشهر الماضية، إلا أن التواصل المصري مع تلك الدول حجّم نشاط هذه المراكز، الأمر الذي دفع الجماعة إلى تغيير مركز تجميع العملة الصعبة الرئيسي لها إلى قطر، لضمان استمرار نشاطه، ومواصلة خطة ضرب الاقتصاد المصري، والهبوط بسعر صرف الجنيه إلى أدنى مستوى في تاريخه".
كما نشرت جريدة "المصري اليوم" خبرا نقلت فيه عن مصادر وصفتها بالمطلعة قولها إن محافظ البنك المركزي المصري، طارق عامر، لمّح في اجتماع مع النائب العام المصري، إلى تورط عناصر إخوانية في أزمة الدولار.
وذكرت الصحيفة أن محافظ المركزي المصري قدم طلبا رسميا إلى النائب العام للتحقيق مع 15 شركة صرافة نظرا لتسببها في ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه وتقديمه مستندات تفيد برفض هذه الشركات بيع الدولار، ما ساهم في ارتفاع سعره.
ونفى عبد الحافظ الصاوي، الخبير الاقتصادي وعضو مكتب الإخوان المصريين بالخارج المستقيل، اتهام جماعة الإخوان المسلمين بالتسبب في أزمة الدولار وانهيار قيمة الجنيه المصري، وقال في تصريحات، لـ"العربي الجديد"، إن هذه الاتهامات تكذّبها بيانات البنك المركزي المصري، التي توضح أن تحويلات المصريين بالخارج ارتفعت من 18.4 مليار دولار في عام 2013/2014 إلى 19.2 مليار دولار في العام المالي 2014/2015.
وتابع: "كانت تحويلات المصريين انخفضت في الربع الأول من عام 2015/2016 بنحو 417 مليون دولار، بسبب ما تمر به الدول النفطية في ظل أزمة انهيار أسعار النفط، وارتفاع معدلات التضخم بسبب تخفيض الدعم، وتراجع تنفيذ العديد من المشروعات العامة هناك".
ورأى الصاوي أن اتهام الإخوان بالتسبب بأزمة الدولار يندرج "في إطار المكايدة السياسية ولا يرتبط بالواقع"، مشيرا إلى أن دول الخليج لديها رقابة شديدة على أي تحركات نقدية غير عادية.
وتوقع الصاوي أن تشهد تحويلات المصريين مزيدًا من التراجع بنهاية شهر يونيو/حزيران المقبل أو في بيانات النصف الأول من العام المالي 2015/2016، بسبب ما أعلن من تسريح العمالة في منطقة الخليج، وكذلك تأخر الرواتب لدى العديد من شركات القطاع الخاص الخليجية لفترات تصل إلى نحو 6 أشهر.
وأضاف: "يلاحظ أن اتهام الإخوان بالتسبب في أزمة الدولار نغمة سائدة لدى وسائل الإعلام الانقلابي، ولا يريد أحد منهم أن يفهم أو يبحث عن أسبابها الحقيقية، وكأن ما يحدث في الخليج بعيد عن الأعين، أو أن أزمة انهيار أسعار النفط ليس لها آثار سلبية"، لافتا إلى أن جميع الجنسيات العربية والأجنبية العاملة في الخليج تضررت خلال الأشهر الماضية، بسبب تأخر الرواتب، حتى أن حكومات بعض الدول، كفرنسا والفيليبين، تدخلت لإنهاء أزمة تأخر صرف الرواتب.
وبخصوص تداول أنباء عن قدرة جماعة الإخوان تنظيميا على توجيه أنصارها ومؤيديها بدول الخليج، التي تستحوذ على أكثر من 60% من العمالة المصرية في الخارج، إلى عدم تحويل الدولار لمصر، قال الصاوي: "للأسف هذه الأكذوبة روّج لها صحافيو اليسار وسياسيوه. قبيل أيام، أطلق البدري فرغلي هذه الفريّة (الكذبة) في حواره مع وائل الإبراشي، ثم تداولها أحمد موسى وسيد علي وباقي الأبواق الإعلامية"، مؤكدا أن الإخوان لا يملكون منابر إعلامية في الخليج يمكنهم من خلالها توجيه المغتربين هناك، كما أن العمال المصريين في الخارج ليسوا جميعهم من الإخوان.
وكان البرلماني السابق البدري فرغلي قد قال في تصريحات إن الإخوان يدبّرون مخططا كبيرا لخنق النظام في مصر، محمّلا إياهم مسؤولية أزمة نقص الدولار في البلاد.
وأضاف: "هم يذهبون للمصريين في الخارج، ويشترون منهم الدولار، ثم يرسلون قيمته إلى مصر بالجنيه المصري، وذلك من أجل خنق النظام اقتصاديًا".
وطالب الصاوي الحكومة المصرية بالكف عن تعليق فشلها في كل شيء على الإخوان، وإعلان الأسباب الحقيقية لتراجع إيرادات مصر من النقد الأجنبي، مشيرا إلى أن العقلية التي تدير المشهد في مصر، عقليه أمنية بوليسية ولا تعدم وسائل الكذب التي مارستها بجدارة تجاه الإسلاميين بشكل عامل والإخوان بشكل خاص".
وأطلقت المصارف الحكومية في مصر، في مارس/ آذار الماضي، شهادات ادخارية تستهدف جذب حصيلة دولارية من المصريين العاملين في الخارج.
ورفض أشرف بدر الدين، وكيل لجنة الخطة والموازنة في مجلس الشعب المصري الأسبق، التعليق على الاتهامات الموجهة للإخوان بالتسبب في أزمة الدولار، معتبرا هذه الاتهامات "تهريجا لا يستحق الرد عليه".
وشكك خبراء اقتصاد غير محسوبين على جماعة الإخوان المسلمين في الروايات الرسمية وغير الرسمية حول اتهام الجماعة بالتسبب في أزمة الدولار. وقال السفير جمال بيومي، الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب، إنه لا يمكن قبول تلك الروايات، مُرجعا سبب الأزمة إلى تدهور السياحة، وضعف الصادرات المصرية، إلى جانب حرص شريحة من المواطنين على الاحتفاظ بمدخراتهم بالدولار بدل تحويلها إلى الجنيه المصري.
وتقدم محام مصري يدعى عبد المجيد السيد ببلاغ إلى النائب العام حمل رقم 2757 يتهم فيه جماعة الإخوان المسلمين بتهريب الدولار إلى الخارج، ما أدى إلى ارتفاع تاريخي في سعره مقابل الجنيه المصري، مشيرا إلى عدم تنقية قاعدة كبار المستوردين في مصر، التي تضم أفرادا من جماعة الإخوان المسلمين، من مصلحتهم ارتفاع سعر الدولار، حتى تقوم بتحريض الشعب المصري على النظام، وإثارة القلاقل، وتكدير السلم العام، وإسقاط الدولة المصرية.
وأضاف عبد المجيد، في البلاغ، أن "بعض أعضاء جماعة الإخوان المسلمين يعملون في مجال الصرافة، وكتجار كبار في السوق، ومع اختلافهم مع نظام الحكم في مصر، قاموا بإعطاء الأوامر لكبار المستوردين، وأغلبهم من جماعة الإخوان المسلمين، بتعطيش السوق من العملة الصعبة، وجمعها من أجل خدمة مشروعهم في إسقاط الدولة المصرية، وكذلك قاموا بالتواصل مع المصريين العاملين بالخارج، وجمع العملة الصعبة منهم، وتحويلها إلى المصريين بالعملة المحلية".
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي حملات سخرية واسعة من هذه الاتهامات. وقال طارق محمد: "هم الإخوان اللي وقعوا السياحة، ومنعوا السياح من مصر، وهم اللي منعوا النظام من عمل مشاريع، وهم اللي منعوا الاستثمار!!".
وكتب ناصر الحملاوي: "إذا كان هذا صحيحا، فليعتذر الشعب المصري للإخوان من أجل مصر علشان أزمة الدولار تتحل. بينما علّق أسامة الحلو قائلا: "لو الإخوان ليهم تأثير للدرجة دي يبقى هم الأصلح لإدارة البلاد".
وكتب هشام جلال: "تحويلات المصريين بالخارج قلّت لانخفاض سعر البترول وتردي الأحوال الاقتصادية في دول الخليج، وإغلاق عدد كبير من المشاريع وتأخر المستخلصات لشركات المقاولات، علاوة على تسريح نسبة كبيرة من العمالة في جميع الدول العربية.. ولو كان الإخوان بالفعل يشترون الدولار في الخارج، ويحولون قيمته بالجنيه المصري لأصبح مطلوب عالميا وزادت قيمته".