يقدّم الكتاب في ثلاثة عشر فصلاً "مقاربات نقدية وبدائل تنموية من منظور التنمية المستقلة ومعوقات تحقيق الأجندة التنموية للألفية، وتحليلاً للعدالة الاجتماعية والإنفاق العام وتصور بدائل تنموية اجتماعية تُحابي الفئات الفقيرة والمهمشة، وتطرح تغييراً ديمقراطياً من القاعدة وسياسات إصلاح تركز على الجانب الاقتصادي؛ ومن منظور الفيلسوف الهندي أمارتيا سِنْ وعلاقة الحرية والتنمية ونقد نصوص المنظمات الدولية وبدائل لسياسات قطاعية بالنسبة إلى الصناعة والإنفاق العام وسياسات التشغيل ودراسة حالات اليمن والجزائر ومصر.
في الفصل الأول، "سياسات التنمية المستقلة والثورات العربية"، يتناول الباحث إبراهيم العيسوي من مصر الشمول والاستدامة والاستقلالية والعدالة الاجتماعية كصفات لاستحضار مفهوم التنمية، من حيث هي سياسات التنمية المستقلة بعد الثورات، فالتنمية المستقلة، في نظره، ظاهرة مركّبة بأبعاد عدة، اقتصادية واجتماعية ومؤسسية وبيئية ومعرفية وتكنولوجية.
يتفحّص كلّ من الباحث الهندي نارين براساد والباحث المصري خالد أبو إسماعيل في الفصل الثاني صلة أجندة التنمية لما بعد عام 2015 في الانتفاضات العربية، عبر تحليل أربع أولويات للسياسة الإنمائية المرتبطة بالأهداف الإنمائية للألفية: تلبية الاحتياجات الملحة للسكان، والقضاء على الفقر المدقع، وإحداث فرص العمل اللائقة وتوفير الحماية الاجتماعية، وتحفيز نمو يقوده الاستثمار.
في الفصل الثالث "العدالة الاجتماعية وسياسات الإنفاق العام في دول الثورات العربية"، يؤكد الباحث السوداني علي عبد القادر علي حاجة التنمية إلى تحولات هيكلية عميقة في تركيبة هذه الدول الإنتاجية، إذ لا ينتج مثل هذه التحولات من عمل آليات السوق التنافسية بطريقة تلقائية، بل يتطلب دوراً ناشطاً تؤديه الدولة من خلال سياسات الإنفاق العام.
أما الباحث الكويتي فيشدّد في الفصل الرابع "سياسات التنمية البديلة في بلدان الثورات العربية"، على أهمية الأشكال المؤسسية اللازمة والعقلانية السياسية المطلوبة لتقديم بدائل تعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية وتخفف من حدة الإقصاء الاجتماعي وتنحو ناحية التضمين، ويتناول مواطنه أحمد الكواز في الفصل الخامس "السياسات الاقتصادية في بعض دول الانتفاضات العربية: هل من بديل؟"، يتناول أحمد الكواز مسألة الحاجة إلى برنامج إصلاحي لمواجهة الحالة الاقتصادية مع الانخفاض الذي طاول معدلات النمو من أجل ضغط الإنفاق الحكومي الجاري وتوسيع مصادر الإيرادات الحكومية، وخفض الدعم غير الكفء واستبداله بدعم يستهدف فئات اجتماعية معينة، وإصلاح أسواق العمل، بما في ذلك تنشيط التدريب المهني، وإقامة الحكم الصالح الشفاف، ومزيد من التكامل التجاري والإقليمي.
يذهب الباحث المغربي مراد دياني في الفصل السادس إلى بحث "إشكالية التنمية بين مآرب الحِراك العربي ومقاصد أمارتيا سِنْ"، بينما يقرأ الباحث اللبناني أحمد بعلبكي في السابع "الشُبهة في تحديد معوقات التنمية واقتراح السياسات: قراءة في نصوص لمنظمات دولية".
في الفصل الثامن، "إعادة تأهيل السياسة الصناعية في الوطن العربي: دروس الماضي وتحديات الحاضر وآفاق المستقبل"، يدعو الباحثيان السوداني إبراهيم أحمد البدوي واللبناني سامي عطا الله، إلى إعادة تأهيل السياسة الصناعية في الوطن العربي؛ فهذه السياسة بالنسبة إليهما هي "حزمة سياسات اقتصادية وتدخلات استراتيجية، تنتهجها الحكومات لإحداث تحولات هيكلية في الاقتصاد نحو القطاعات ذات الإنتاجية العالية".
ويرى الباحثان المصريان أحمد الكمالي وسماح شتا في الفصل التاسع "هل يعمل عجز الموازنة على تزاحم الائتمان الخاص من القطاع المصرفي؟ حالة مصر"، أن العلاقة بين عجز الموازنة ومتغيرات الاقتصاد الكلي، كالنمو وأسعار الفائدة والاستثمار الخاص، هي أحد أكثر الموضوعات إثارة للجدل بين الاقتصاديين وواضعي السياسات.
من جهتهما، يجد الباحثان السودانيان عاطف عوض عبد الله وعبيد الله محجوب عبيد الله في الفصل العاشر "البطالة وأزمة التنمية في الدول العربية" أن الحد من البطالة في الدول العربية لا يتوقف على العوامل الاقتصادية وحدها، بل يتضمن أيضاً إصلاحاً للعملية السياسية فيها. أما الباحث اليمني قيس الأرياني فيحلّل في الفصل الحادي عشر الأحوال الاقتصادية الصعبة في اليمن بعد اندلاع الاحتجاجات الشعبية في عام 2011، وبلوغ الاقتصاد اليمني معدلات تضخم قياسية، وتوقف الاستثمار، وتناقص فرص العمل، وارتفاع نسبة البطالة، وزيادة نسبة الفقر في المجتمع.
ويحقّب الباحث الجزائري عبد الرزاق بت الزاوي في الفصل الثاني عشر السياسات الجزائرية التي تبدأ بمرحلة المخططات التنموية (1979-1967)، ثم مرحلة التنمية اللامركزية (1984-1980)، فيما يقارب الأكاديمي المصري هامي خميس أحمد عبده في الفصل الثالث عشر عناصر الجودة الاجتماعية في الواقع المصري، والتكامل بين السياستين الاقتصادية والاجتماعية.