فالنظام السوري لا يزال حتى اليوم يتبع سياسة إلغاء الآخر، ويمارس هوايته بتهميش المعارضة، التي يرحب بالتفاوض معها، ويتلاعب بالتاريخ والمفاهيم. وإعلامه لا يزال حتى اليوم يحتفل بذكرى استيلاء اللجنة العسكرية للفرع الإقليمي السوري لحزب البعث العربي الاشتراكي على الحكم في سورية بقوة السلاح، ويعتبر ما حدث قبل 54 سنة ثورة.
وفي يوم الثامن من آذار/مارس، ارتدت المراكز الإعلامية الرسمية في سورية ثوب البهجة، ونقلت عبر الشاشات والمحطات الإذاعية الاحتفالات (الجماهيرية) التي يمارسها الشعب المنتشي بالذاكرة الوطنية؛ ومن ضمن الفعاليات التي نقلها التلفزيون السوري، معرض هندسي في جامعة دمشق تتخلله خطابات مؤججة بالروح الوطنية في مسرح كلية الهندسة، واجتماع للطلبة السوريين المغتربين في سلوفاكيا، أكدوا فيه أن "ثورة الثامن من آذار شكلت نقطة تحول مهمة في تاريخ سورية والمنطقة، وكانت البداية الحقيقية لنهضة شاملة في كل مناحي الحياة والدفاع عن استقلال القرار الوطني، الذي يحقق تطلعات وطموحات الشعب السوري".
ولم تخلُ تلك الاحتفالات المشربة بالخطابات، من نبرة السخرية، فمعظم الخطابات حرصت على إيصال رسائل للشباب السوري، لتعلمهم من خلال تجربة الثامن من آذار التاريخية، "كيف تكون الثورة الحقيقية نابعة من الشعب"!! فخوّن الخطباء كل من شارك بالاحتجاجات منذ سنة 2011.
وبالإضافة للساعات المخصصة للاحتفال بعيد الثورة، خصص التلفزيون السوري بعض الفقرات للاحتفال بعيد المرأة العالمي، الذي يصادف يوم 8 آذار أيضاً. فالنظام السوري حرص في الآونة الأخيرة على استيعاب تحركات المجتمع المدني في سورية.
وسعى إعلامه لتغطية كافة المبادرات الإنسانية على الأراضي السورية ليبرهن على إنسانيته وتحضره؛ ولكن من هي المرأة التي اختارها الإعلام السوري لتكريمها في اليوم العالمي للمرأة؟ "إنها المرأة المناضلة والوطنية التي استبسلت وأرسلت أبناءها للاستشهاد في سبيل الوطن، والمرأة التي ساهمت ببناء المجتمع السوري المتماسك، منذ أن اتاحت لها ثورة الثامن من آذار الحق بممارسة النشاط السياسي"، بتعبير المذيعة في القناة الفضائية السورية.