منفذ اعتداء لاس فيغاس، ستيفن بادوك، قتل عشرات الأشخاص وأصاب المئات، الأحد، وبعيداً عن بشاعة جريمته تمحور النقاش في وسائل إعلام غربية، وتحديداً أميركية، على اللغة المستخدمة في الحديث عن هذه الحوادث، وتساءل صحافيون عن عدم إعطاء ما حصل طابع "الإرهاب"، وربطوا الأمر بهوية المعتدي الشخصية، أي أميركي أبيض غير مسلم.
والنقاش ليس مستجداً أو غريباً، إذ عند ارتكاب أعمال العنف الجماعية في الولايات المتحدة الأميركية على يد رجل أبيض، بدوافع سياسية أو غيرها، يتبع الإعلاميون والسياسيون والمواطنون سيناريو محكما ومتوقعا. ويُطلق على المنفذ صفات عدة، مثل "الذئب المنفرد"، ولا تضم أي منها "الإرهابي"، كما لو أن التسمية محصورة بالمسلمين وذوي البشرة السوداء.
كما تسارع وسائل الإعلام إلى الإضاءة على شخصية الجاني، والإشارة إلى حياته "الطبيعية" و"الهادئة" بين عائلته وأصدقائه، وتسليط الضوء على هواياته، والتشديد على مدى الاستغراب والدهشة من إقدامه على فعل مماثل، بينما تصور المنصات الإعلامية نفسها المنفذ كوحش، لو كان من ذوي البشرة السوداء أو مسلماً، ومن غير المحتمل أن تذكر تاريخ المرض العقلي في العائلة مثلاً.
في "نيويورك تايمز"، أشار الكاتب توماس فريدمان إلى أنه كانت الإجراءات السياسية في الولايات المتحدة الأميركية أخذت منحى مختلفاً لو كان ستيفن بادوك مسلماً. وكتب "لو صرخ الله أكبر قبل إطلاق النار... لو كان عضواً في داعش... لو حصلنا على صورة له حاملاً القرآن بيد والبندقية باليد الثانية... لن يطالبنا أحد حينها بعدم إهانة الضحايا وتسييس جريمته الجماعية بالتحدث عن سبل العلاج الوقائية".
وأضاف "لو كان بادوك مسلماً، لجدولنا جلسة استماع فورية في الكونغرس حول الحادث الإرهابي الأسوأ منذ اعتداء 11 سبتمبر/أيلول عام 2011، وكان دونالد ترامب واظب على التغريد كل ساعة، ليقول إنه أخبرنا عن الأمر سابقاً، كما يفعل بعد دقائق من أي اعتداء إرهابي في أوروبا، حين يسيس الحدث فوراً...".
وفي "واشنطن بوست"، اعتبر الباحثان كونور هاف وجوشوا دي كيرتزر أن هوية الجاني مهمة في تعريف الإرهاب، لكنها ليست العنصر الوحيد المهم، إذ يعتمد على العوامل السياقية الأخرى التي قد لا تظهر في التغطية الإعلامية. واعتماداً على دراسة أجريت على 1400 أميركي بالغ، تبين أن المواطنين العاديين يصنفون الإرهاب على أساس الحقائق المباشرة نسبياً على أرض الواقع، مثل عدد الضحايا، بالإضافة إلى معلومات شخصية حول الجاني ودوافعه، أي تحديداً سؤالي "من" و"لماذا"، علماً أن وسائل الإعلام تملك مساحة واسعة من الحرية في اختيار الرد على السؤالين، خاصة في الساعات الأولى عقب الاعتداء.
وأكد الباحثان أن الدراسة أوضحت أن النقاد وصنّاع السياسة يملكون وقتاً كبيراً، لاختيار كيفية تصويرهم أعمال العنف، كما أن تصريحاتهم تشكل الرأي العام إزاء الحدث، قبل معرفة التفاصيل الكاملة.
في المقابل، حسمت مجلة "ذا نيويوركر" موقفها من الجدل الحاصل، مؤكدة أن اعتداء لاس فيغاس ليس إرهابياً، مشيرة إلى أنه ليس هناك تعريف واضح وموحد للإرهاب، إلا أن العلماء يتفقون على معايير عدة.
واعتمدت المجلة على تصنيف العالمة السياسية الأيرلندية، لويز ريتشاردسون التي حددت سبع خصائص رئيسية للعمل الإرهابي: مصدر إلهام سياسي، ينطوي على العنف أو التهديد بالعنف، يهدف إلى إرسال رسالة بدلاً من هزيمة العدو، الفعل والضحية لهما دلالة رمزية، يُنفذ من قبل "المجموعات الفرعية" بدلاً من الجهات الحكومية، ضحايا العنف يختلفون عن الجمهور الذي تستهدفه رسالة الإرهابيين، ويستهدف عمداً المدنيين.
كما أن "مكتب التحقيقات الفدرالي" (أف بي آي) يستخدم تعريفاً أقل دقة للإرهاب، لكنه ينص أيضاً على وجوب وجود أهداف سياسية.
ورأت "ذا نيويوركر" أن الأصوات المعارضة تخلط بين السبب والنتيجة، إذ حقيقة إرهاب الناس لا تعني بالضرورة ارتكاب عمل إرهابي، مشددة على أن الاستعمال "الفضفاض" و"المُهمل" للمصطلحات يفقدها معناها.
اقــرأ أيضاً
والنقاش ليس مستجداً أو غريباً، إذ عند ارتكاب أعمال العنف الجماعية في الولايات المتحدة الأميركية على يد رجل أبيض، بدوافع سياسية أو غيرها، يتبع الإعلاميون والسياسيون والمواطنون سيناريو محكما ومتوقعا. ويُطلق على المنفذ صفات عدة، مثل "الذئب المنفرد"، ولا تضم أي منها "الإرهابي"، كما لو أن التسمية محصورة بالمسلمين وذوي البشرة السوداء.
كما تسارع وسائل الإعلام إلى الإضاءة على شخصية الجاني، والإشارة إلى حياته "الطبيعية" و"الهادئة" بين عائلته وأصدقائه، وتسليط الضوء على هواياته، والتشديد على مدى الاستغراب والدهشة من إقدامه على فعل مماثل، بينما تصور المنصات الإعلامية نفسها المنفذ كوحش، لو كان من ذوي البشرة السوداء أو مسلماً، ومن غير المحتمل أن تذكر تاريخ المرض العقلي في العائلة مثلاً.
في "نيويورك تايمز"، أشار الكاتب توماس فريدمان إلى أنه كانت الإجراءات السياسية في الولايات المتحدة الأميركية أخذت منحى مختلفاً لو كان ستيفن بادوك مسلماً. وكتب "لو صرخ الله أكبر قبل إطلاق النار... لو كان عضواً في داعش... لو حصلنا على صورة له حاملاً القرآن بيد والبندقية باليد الثانية... لن يطالبنا أحد حينها بعدم إهانة الضحايا وتسييس جريمته الجماعية بالتحدث عن سبل العلاج الوقائية".
وأضاف "لو كان بادوك مسلماً، لجدولنا جلسة استماع فورية في الكونغرس حول الحادث الإرهابي الأسوأ منذ اعتداء 11 سبتمبر/أيلول عام 2011، وكان دونالد ترامب واظب على التغريد كل ساعة، ليقول إنه أخبرنا عن الأمر سابقاً، كما يفعل بعد دقائق من أي اعتداء إرهابي في أوروبا، حين يسيس الحدث فوراً...".
وفي "واشنطن بوست"، اعتبر الباحثان كونور هاف وجوشوا دي كيرتزر أن هوية الجاني مهمة في تعريف الإرهاب، لكنها ليست العنصر الوحيد المهم، إذ يعتمد على العوامل السياقية الأخرى التي قد لا تظهر في التغطية الإعلامية. واعتماداً على دراسة أجريت على 1400 أميركي بالغ، تبين أن المواطنين العاديين يصنفون الإرهاب على أساس الحقائق المباشرة نسبياً على أرض الواقع، مثل عدد الضحايا، بالإضافة إلى معلومات شخصية حول الجاني ودوافعه، أي تحديداً سؤالي "من" و"لماذا"، علماً أن وسائل الإعلام تملك مساحة واسعة من الحرية في اختيار الرد على السؤالين، خاصة في الساعات الأولى عقب الاعتداء.
وأكد الباحثان أن الدراسة أوضحت أن النقاد وصنّاع السياسة يملكون وقتاً كبيراً، لاختيار كيفية تصويرهم أعمال العنف، كما أن تصريحاتهم تشكل الرأي العام إزاء الحدث، قبل معرفة التفاصيل الكاملة.
في المقابل، حسمت مجلة "ذا نيويوركر" موقفها من الجدل الحاصل، مؤكدة أن اعتداء لاس فيغاس ليس إرهابياً، مشيرة إلى أنه ليس هناك تعريف واضح وموحد للإرهاب، إلا أن العلماء يتفقون على معايير عدة.
واعتمدت المجلة على تصنيف العالمة السياسية الأيرلندية، لويز ريتشاردسون التي حددت سبع خصائص رئيسية للعمل الإرهابي: مصدر إلهام سياسي، ينطوي على العنف أو التهديد بالعنف، يهدف إلى إرسال رسالة بدلاً من هزيمة العدو، الفعل والضحية لهما دلالة رمزية، يُنفذ من قبل "المجموعات الفرعية" بدلاً من الجهات الحكومية، ضحايا العنف يختلفون عن الجمهور الذي تستهدفه رسالة الإرهابيين، ويستهدف عمداً المدنيين.
كما أن "مكتب التحقيقات الفدرالي" (أف بي آي) يستخدم تعريفاً أقل دقة للإرهاب، لكنه ينص أيضاً على وجوب وجود أهداف سياسية.
ورأت "ذا نيويوركر" أن الأصوات المعارضة تخلط بين السبب والنتيجة، إذ حقيقة إرهاب الناس لا تعني بالضرورة ارتكاب عمل إرهابي، مشددة على أن الاستعمال "الفضفاض" و"المُهمل" للمصطلحات يفقدها معناها.