ما جرى في الواقع هو فرض لإرادة القوى الكبرى المؤثرة، وأغلبها في غرب أوروبا، كألمانيا وفرنسا وحلفائهما من الدول الأخرى، على دول وسط وشرق أوروبا التي عبرت عن غضبها بتصريح مقتضب قال فيه وزير خارجية التشيك ميلان شوفانيش إنه "اتفاق القيصر العاري".
اقرأ أيضا: قميص صلاح ولاعبي روما في مزاد علني..من أجل اللاجئين
الصراع الأوروبي الداخلي طيلة اليوم في بروكسل، عبر عن نفسه برفض حازم من المجر ورومانيا وسلوفاكيا والتشيك التصويت الذي لم يأخذ بعين الاعتبار معارضتها، وخرجت الدنمارك قلقة وغير آبهة في الوقت عينه كون الاتفاق لا يشملها بسبب تحفظات كوبنهاغن على القضايا العدلية وسياسات الهجرة منذ سنوات عديدة.
وبالرغم من أن دول شرق أوروبا كانت في السابق تبدو كتلة موحدة في رفضها وتعنتها وحتى في مجابهتها لتهديدات ألمانيا بقطع المساعدات المالية، إلا أن جدار تلك الممانعة كسرته قرارات بروكسل اليوم، وخصوصا حين خرجت بولونيا عن ذلك الإجماع لجبهة الرفض وصوتت لمصلحة مشروع توزيع اللاجئين خلال 24 شهرا. تبقى فنلندا في أقصى شمال أوروبا وحدها التي امتنعت عن التصويت، ولم تصوت الدنمارك لأنها بالأصل غير مشمولة في سياسات الاتحاد في هذا الاتجاه.
ستشمل الخطة الأوروبية لبقية أشهر هذا العام 2015 توزيع 66 ألف طالب لجوء و54 ألفا العام المقبل. المستفيدان الأساسيان من الخطة الأوروبية، هما اليونان وإيطاليا، حيث سيصبح للاجئين المتواجدين في البلدين فرصة الانتقال إلى بلدان أخرى للتخفيف عن كاهل الدولتين اللتان استقبلتا أكبر أعداد اللاجئين كبوابتين نحو غرب أوروبا.
وترى منظمة الأمم المتحدة، وتحديدا المفوضية السامية للاجئين، بأن الخطة غير كافية "طالما أن الأزمة مستمرة ويغيب الاستقرار".
وتتوقع المنظمة الدولية بأن يتدفق يوميا ستة آلاف لاجئ/ مهاجر نحو أوروبا، بحسب ما جاء على لسان ميليسا فليمنغ. وهذا يعني بأن الأرقام خلال عام ستكون مضاعفة عما اتفق عليه الوزراء الأوروبيون.
اقرأ أيضا: مفوضية اللاجئين: على أوروبا التفكير بحل أوسع لأزمة اللاجئين
ملاحظة الأمم المتحدة بشأن الحوارات الأوروبية حول اللاجئين تأتي على خلفية تصريحات عدد من الوزراء، وبالأخص وزير داخلية ألمانيا توماس دي مايزير، عن أن هذا الاتفاق "يجب أن يوقف تدفق اللاجئين نحو أوروبا".
هذه الملاحظات، يتفق معها العديد من المنظمات الحقوقية والإنسانية داخل أوروبا باعتبار أن الوزراء يبحثون "الأعراض" وليس الأسباب في تدفق اللاجئين. وقد ذهب البرلماني الدنماركي من أصل سوري وفلسطيني، ناصر خضر، ليل أمس لتوجيه نقد لاذع إلى محاولات أوروبا "البحث فقط عن حلول لأعراض الأزمة وليس أسباب ما يحدث في سورية".
في المقابل، يعتبر آخرون في كواليس الحكومات الغريبة أن "وقف تدفق اللاجئين يعني البحث عن دعم مساعدة هؤلاء في المناطق القريبة من بلادهم"، أمر يستشف منه أن الخطة تترافق مع مباحثات في هذا الاتجاه، مساء غد الأربعاء، في اجتماع قمة أوروبية لإقرار تلك الخطة للتوزيع، وخطة أخرى "متعلقة بتشديد الحراسة والحماية على الحدود الأوروبية، وربما أيضا لدراسة بناء معسكرات تجميع للمتدفقين في مناطق الجنوب الأوروبي لإعادة التفاوض مع دول الجوار السوري لاستقبال هؤلاء"، وفق ما يقول مصدر مطلع لـ"العربي الجديد".
اقرأ أيضا: الأفلام الرديئة لمحاربة اللاجئين