يدرس الاتّحاد الأوروبي خيارات عدّة داخل مؤسّساته الفاعلة، لمعرفة مدى إمكانيّة فرض عقوبات على حكومة الاحتلال، رداً على انتهاكاتها وحملات المصادرة وفرض الأمر الواقع على الأرض.
ويكشف مصدر خاص في الاتحاد الأوروبي لـ "العربي الجديد"، أنّ "الاتحاد قدّم أكثر من تحذير لإسرائيل عبر رسائل احتجاج قويّة اللهجة، وهو يدرس خيارات عدّة داخل مؤسّساته لفرض عقوبات"، على حكومة الاحتلال.
ويفيد المصدر ذاته بأنّ "وثيقة الاحتجاج التي قدّمها سفير الاتحاد الأوروبي لارس فابيورج أندرسن، أمس الأربعاء، إلى الحكومة الإسرائيليّة، تأتي كمقدمة لهذه الخيارات". وقال إنّها "ليست المرة الأولى التي يقدّم فيها الاتحاد الأوروبي رسالة احتجاج ضدّ ممارسات الحكومة الإسرائيليّة على الأرض، من استيطان ومصادرة للأراضي".
وتأتي رسالة الاحتجاج الأخيرة، وفق المصدر ذاته، رداً على مصادرة أربعة آلاف دونم من الأراضي الفلسطينيّة، جنوبي الضفّة الغربيّة المحتلّة، وإعلان المخطّطات الهيكليّة لترحيل البدو قرب القدس، فضلاً عن استمرار البناء في مستوطنات يهوديّة في القدس الشرقيّة، وعمليات المصادرة والتنكيل غير المنتهية بالمواطنين الفلسطينيين، وفرض الأمر الواقع في المسجد الأقصى.
وتنطلق المخاوف الأوروبيّة، التي عبّر عنها الاتحاد الأوروبي أكثر من مرّة، من أنّ الممارسات الإسرائيليّة المستمرّة باضطراد، تجعل من حلّ الدولتين أمراً غير قابل للتحقّق، وتقوّض جهود الاتحاد بإقناع الفلسطينيين بضرورة العودة إلى طاولة المفاوضات.
ويقول المصدر ذاته إنّ "الاتحاد الأوروبي يدرك أنّ استمرار إسرائيل بممارساتها على الأرض، لن يترك شيئاً ليتفاوض عليه الطرفان الإسرائيلي والفلسطيني مستقبلاً، وهذا أمر غير مقبول إطلاقا، مع سعي إسرائيل إلى فرض أمر واقع على الأرض بالقوّة".
وفي السياق نفسه، يرى الأمين العام لحركة المبادرة الوطنيّة الفلسطينيّة مصطفى البرغوثي، أنّ "الاتحاد الأوروبي وبعض الدول الأوروبيّة، على غرار فرنسا، تبدو قريبة جداً من البدء بفرض عقوبات على إسرائيل بسبب توسّعها الاستيطاني وأنشطة التطهير العرقي التي تمارسها في الضفّة الغربية، في خرق فاضح للقانون الدولي". ويؤكّد، وفق ما أوردته تصريحات صادرة عن مكتبه، أنّ "الاتّحاد الأوروبي وجّه تحذيراً أشبه بالإنذار للحكومة الإسرائيليّة، حدّد فيه خمسة خطوط حمراء، بما فيها البناء الاستيطاني في جبل أبو غنيم ومنطقة E1 وجبعات همتوس، فضلاً عن تغيير الواقع في المسجد الأقصى ومحاولة ترحيل الفلسطينيين من العائلات البدويّة القاطنة في محيط القدس".
ويوضح البرغوثي أنّه "حتّى لو كانت العقوبات في البداية محدودة، لكنّها تمثّل تحوّلاً هاماً وجدياً يعمّق عزلة إسرائيل، وتمثّل انتصاراً ملموساً لحركة لمقاطعة وفرض العقوبات على إسرائيل وسحب الاستثمارات منها، ما يؤكّد أهميّة استبدال المراهنة على المفاوضات باستراتيجيّة مواجهة إسرائيل بمقاومة مخطّطاتها، وتصعيد المقاطعة ضدها ودعم صمود الفلسطينيين على أرضهم، وتعزيز مقاومتهم الشعبية ووحدة النضال الفلسطيني".