الاشتباه بتدخّل روسيا في الانتخابات يخض واشنطن ويربك مؤسساتها

11 ديسمبر 2016
زادت علامات الاستفهام حول رئاسة ترامب (درو أنغيرير/ Getty)
+ الخط -



فجّرت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، قنبلة شبيهة بتلك التي فجّرها مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) عشية الانتخابات الرئاسية الأخيرة، كشفت عن خلل تسلّلت موسكو من شقوقه، لتؤجّج الخلافات بين هذه الجهات، وتفضح عجزها أو تواطؤ بعضها، إذا صحّت التهمة.

حسب الرواية التي مررتها "سي آي إيه" إلى صحيفة "واشنطن بوست"، أمس السبت، نجحت روسيا في التدخّل غير المباشر في انتخابات الرئاسة الأميركية. تحقّق ذلك عن طريق اختراق الروس لموقع الحزب الديمقراطي، وأيضاً لبريد المرشحة هيلاري كلينتون، ثم تزويد موقع "ويكيليكس" بالمعلومات التي حصلوا عليها، والتي ساهمت في زيادة تهشيم صورة كلينتون وصدقيتها.

وتقول الوكالة إنها حصلت على هذه الخلاصة، عن طريق التعرّف إلى "البرمجيات الخبيثة" التي جرى استخدامها في الاختراق، والتي تتماثل مع تلك التي سبق واستخدمها الروس في حالات اختراق أخرى.

الدليل قوي لكنه غير موثّق، لكن ما زاد من البلبلة حوله، أنّ مكتب "إف بي آي" لا يشارك الوكالة تأكيدها التحليلي. غياب البرهان الذي يعتمده في تحقيقاته، جعله غير مقتنع بالتحليل، ولو أنّه لا يرفضه.

لكن مع ذلك، أثارت الرواية ضجة كبيرة خضّت واشنطن، وأدّت إلى تحرّك الكونغرس بسرعة، تلاه البيت الأبيض، للمطالبة بفتح تحقيق شامل وموسّع في هذه القضية.

صدور هذه الرواية عن "سي آي إيه" كان له وقع الصدمة، علماً أنّ الحديث عن مثل هذا الاختراق ليس بجديد؛ فقد سبق وأشار إليه مدير هيئة الاستخبارات الوطنية جيمس كلابر قبل الانتخابات، لكن على سبيل الترجيح.

الآن يأتي من الوكالة الأهم، إذ يعزّز هذا الاعتقاد أنّ ترامب كان قد دعا موسكو، أثناء حملته الانتخابية، إلى "الكشف عن آلاف الرسائل في البريد الإلكتروني لهيلاري"، ليوظّفها ضدّها في معركة الرئاسة.

ويصبّ في تعزيز صدقية الرواية، أنّ بعض أركان الجمهوريين في الكونغرس، مثل السناتور جون ماكين، أخذوا بها، ولو بتحفّظ، وتقاطعوا مع الديمقراطيين بشأن فتح تحقيق بشأنها. كما دخل الرئيس باراك أوباما على الخطّ، إذ طالب هو الآخر بتحقيق كامل، على أن تكون نتيجته جاهزة قبل مغادرته البيت الأبيض في 20 يناير/ كانون الثاني المقبل.

الجميع الآن في مأزق؛ الجمهوريون في الكونغرس، لا سيما المناوئين منهم للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لا يسعهم الوقوف ضدّ التحقيق. وفي ذات الوقت يتحفّظ فريق منهم على التوسّع والذهاب إلى آخر الشوط، خشية أن يؤدي ذلك إلى التثبّت من التدخّل الروسي بحيث تصبح رئاسة ترامب مطعونة بشرعيتها، إن لم يكن أكثر.

كذلك هو حال الحزب الديمقراطي وأنصاره؛ فمن جهة، بات مضطرا للدفع بالتحقيق لكي يأخذ مجراه حتى الوصول إلى نهايته، ومن جهة ثانية يدرك محدودية الفعل، حتى لو تم تأكيد الدور الروسي. وتبقى إعادة النظر بنتائج الانتخابات متعذّرة، حتى في حال دفع الأمور في هذا الاتجاه، إذ قد تنشب أزمة سياسية - دستورية، لا بد أن يتدخّل الكونغرس الذي تسيطر عليه أغلبية من خصمه الحزب الجمهوري، فتكون النتيجة ليست في صالحه. 

من جهةٍ أخرى، فإن الرئيس المنتخب، ليس في حال أفضل، فانفجار هذه المسألة زاد من علامات الاستفهام حول رئاسته، ووضعه في علاقة متوترة مع "سي آي إيه"، وفي خصومة مكشوفة مع فريق من الجمهوريين في مجلسي الشيوخ والنواب، المعترضين أصلاً على تودّده لبوتين، كما على علاقات مستشاره الجنرال مايك فلين مع الكرملين، لا سيما إذا مضى هؤلاء ووافقوا على مباشرة الكونغرس بتحقيقه في الموضوع.

وفي ضوء نقمة الكونغرس، قد يكون راكس تيللرسون الرئيس التنفيذي لشركة إكسون موبيل النفطية العملاقة المرشح لحقيبة لخارجية، ضحية لهذا التطور، نظراً لعلاقته الحميمة مع بوتين، وفق ما يقال.

إذا ثبتت الشبهة على موسكو، يكون بوتين قد اخترق أجهزة واشنطن، وأدخل مؤسساتها في اشتباك.