تبحث شذا عن أي شخص قادم من لبنان إلى سورية حتى تصلها حوالة نقدية، كان قد أرسلها أخيها المقيم في السعودية إلى صديقتها في لبنان، بدلاً من إرسالها مباشرة إلى سورية. تقول شذا: "لا أرغب في استلام الحوالة النقدية عبر مكاتب الصرافة والخدمات المالية هنا في دمشق، ذلك لأنهم، وبتوجيه من الحكومة، يفرضون علينا استلام المبلغ النقدي بالعملة المحلية، وبسعر صرف البنك المركزي المتدني كثيراً عن سعر صرف السوق، وهو ما يؤدي إلى اقتطاعات مجحفة تصل إلى 20% من قيمة المبلغ الذي يرسله أخي لي بشكل دوري لمساعدتنا على تدبر أمورنا".
تحويلات نقدية
وكحال شذا، يتجنب عدد كبير من السوريين الذين يتلقون تحويلات نقدية من الخارج استلامها عبر مكاتب الصرافة والتحويل المالي المرخصة من قبل الحكومة السورية. يشير تقرير لـ "المجلس النرويجي للاجئين" إلى أنه وبحسب مسح أجراه المجلس على عينة من السوريين في الأردن، فإن 21% من السوريين يرسلون التحويلات النقدية إلى سورية عبر صلات عائلية، كما أن 36% يرسلون الأموال بشكل غير رسمي عبر وسطاء من قطاع الأعمال.
أبو كرم الذي يمارس مهنة الطب في الأردن، يرسل التحويلات النقدية بشكل متكرر إلى أخيه في سورية. يقول أبو أكرم: "لا يتوفر صديق أو قريب يمكن أن يحمل المبلغ إلى دمشق بشكل دائم، أما الوسطاء التجاريون يطلبون عمولة كبيرة تكاد توازي عمولة التحويل عبر المكاتب المرخصة". وبحسب التقرير، فإن عينة أخرى تركزت في دمشق وريفها ودرعا، بينت أن غالبية من يستلمون التحويلات النقدية بشكل دوري، يستخدمون طرقاً غير رسمية متنوعة قبل اللجوء إلى المكاتب المرخصة، فيما جرى استبعاد النظام المصرفي بشكل تام.
يفسر الباحث الاقتصادي مناف الشريف عدم اللجوء إلى النظام المصرفي في التحويل المالي بضعف الثقافة المصرفية والمالية في سورية، وهو ناتج أساساً عن ضعف القطاع المصرفي وحداثة عهده، إذ سمحت الحكومة السورية للمصارف الخاصة بالعمل قبل سنوات قليلة فقط من اندلاع الثورة". ويقول: "إن انهيار العملة المحلية والفوضى التي تسود البلاد والخوف من المستقبل، عوامل جعلت السوريين يحجمون عن تعزيز صلاتهم مع القطاع المصرفي، كما جاءت قرارات الحكومة التي تفرض التعامل بالليرة السورية لتعزز من هذا الاتجاه وذلك بعد فقدان الثقة بالليرة".
وبحسب تقرير "المجلس النرويجي للاجئين"، فإن التحويلات النقدية من الخارج، لعبت دوراً متزايداً خلال السنوات العشر الماضية في دعم العائلات السورية، رغم أن البيانات المتاحة لا تعكس الحجم الحقيقي للتحويلات النقدية. وبحسب البنك الدولي، بلغت قيمة التحويلات النقدية في سورية 800 مليون دولار في عام 2006 وتضاعفت في غضون أربع سنوات لتصبح أكثر من 1.5 مليار دولار في عام 2010. فيما يشير المصرف المركزي السوري إلى ارتفاع حجم التحويلات المالية من خارج سورية خلال الأعوام الماضية، ويقدرها بشكل وسطي بنحو 7 ملايين دولار يومياً.
من المؤكد أن الحجم الحقيقي للتحويلات النقدية أكبر من ذلك، لأن تقديرات المصرف المركزي لا تشمل التحويلات المالية غير النظامية والتي يقدرها الباحث الاقتصادي محمد جمال باروت قبل اندلاع الثورة بنحو 70% إلى 80% من إجمالي التحويلات.
أما الباحث سما مهنا فيقول: "شهدت الأعوام الثلاثة التي سبقت اندلاع الثورة، ارتفاع نسبة التحويلات التي تتم عبر مكاتب مرخصة بسبب انتشار تلك المكاتب وتسليم المبلغ بالدولار مقابل عمولة مقبولة، ولكن الأمر تغير بعد عام 2012". ويضيف: "رغم صعوبة الحصول على أرقام دقيقة وذات مصداقية، لكن من المرجح أن يكون حجم التحويلات النقدية قد ارتفع خلال الأعوام الماضية، وذلك بسبب انحدار ملايين السوريين تحت خط الفقر واعتماد الأسر بشكل متزايد على المساعدات".
ومع اتساع عمل المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية داخل سورية، ارتفعت حدة التدفقات النقدية من الخارج، إذ إن بعض العائلات بات يعتمد على مساعدات تلك المنظمات كمصدر شبه وحيد للعيش. وبعكس مناطق النظام حيث يوجد مكاتب مرخصة من قبل الحكومة ولا تزال تقوم بعملها، "أقفلت المكاتب المرخصة أبوابها في مناطق المعارضة أو سحبت الحكومة السورية الترخيص منها" بحسب الناشط رياض سعد من ريف حلب، ويقول: "تأسست بضعة مكاتب جديدة لتحويل الأموال، ولكن الشائع هو أن يقوم بعض التجار بنقل الأموال من تركيا إلى شمال سورية وبالعكس حيث لديهم مكاتب تجارية في البلدين".
اقرأ أيضاً:النظام السوري يرسّخ فساده: نهب وصفقات وارتهان
تحويلات نقدية
وكحال شذا، يتجنب عدد كبير من السوريين الذين يتلقون تحويلات نقدية من الخارج استلامها عبر مكاتب الصرافة والتحويل المالي المرخصة من قبل الحكومة السورية. يشير تقرير لـ "المجلس النرويجي للاجئين" إلى أنه وبحسب مسح أجراه المجلس على عينة من السوريين في الأردن، فإن 21% من السوريين يرسلون التحويلات النقدية إلى سورية عبر صلات عائلية، كما أن 36% يرسلون الأموال بشكل غير رسمي عبر وسطاء من قطاع الأعمال.
أبو كرم الذي يمارس مهنة الطب في الأردن، يرسل التحويلات النقدية بشكل متكرر إلى أخيه في سورية. يقول أبو أكرم: "لا يتوفر صديق أو قريب يمكن أن يحمل المبلغ إلى دمشق بشكل دائم، أما الوسطاء التجاريون يطلبون عمولة كبيرة تكاد توازي عمولة التحويل عبر المكاتب المرخصة". وبحسب التقرير، فإن عينة أخرى تركزت في دمشق وريفها ودرعا، بينت أن غالبية من يستلمون التحويلات النقدية بشكل دوري، يستخدمون طرقاً غير رسمية متنوعة قبل اللجوء إلى المكاتب المرخصة، فيما جرى استبعاد النظام المصرفي بشكل تام.
يفسر الباحث الاقتصادي مناف الشريف عدم اللجوء إلى النظام المصرفي في التحويل المالي بضعف الثقافة المصرفية والمالية في سورية، وهو ناتج أساساً عن ضعف القطاع المصرفي وحداثة عهده، إذ سمحت الحكومة السورية للمصارف الخاصة بالعمل قبل سنوات قليلة فقط من اندلاع الثورة". ويقول: "إن انهيار العملة المحلية والفوضى التي تسود البلاد والخوف من المستقبل، عوامل جعلت السوريين يحجمون عن تعزيز صلاتهم مع القطاع المصرفي، كما جاءت قرارات الحكومة التي تفرض التعامل بالليرة السورية لتعزز من هذا الاتجاه وذلك بعد فقدان الثقة بالليرة".
وبحسب تقرير "المجلس النرويجي للاجئين"، فإن التحويلات النقدية من الخارج، لعبت دوراً متزايداً خلال السنوات العشر الماضية في دعم العائلات السورية، رغم أن البيانات المتاحة لا تعكس الحجم الحقيقي للتحويلات النقدية. وبحسب البنك الدولي، بلغت قيمة التحويلات النقدية في سورية 800 مليون دولار في عام 2006 وتضاعفت في غضون أربع سنوات لتصبح أكثر من 1.5 مليار دولار في عام 2010. فيما يشير المصرف المركزي السوري إلى ارتفاع حجم التحويلات المالية من خارج سورية خلال الأعوام الماضية، ويقدرها بشكل وسطي بنحو 7 ملايين دولار يومياً.
من المؤكد أن الحجم الحقيقي للتحويلات النقدية أكبر من ذلك، لأن تقديرات المصرف المركزي لا تشمل التحويلات المالية غير النظامية والتي يقدرها الباحث الاقتصادي محمد جمال باروت قبل اندلاع الثورة بنحو 70% إلى 80% من إجمالي التحويلات.
أما الباحث سما مهنا فيقول: "شهدت الأعوام الثلاثة التي سبقت اندلاع الثورة، ارتفاع نسبة التحويلات التي تتم عبر مكاتب مرخصة بسبب انتشار تلك المكاتب وتسليم المبلغ بالدولار مقابل عمولة مقبولة، ولكن الأمر تغير بعد عام 2012". ويضيف: "رغم صعوبة الحصول على أرقام دقيقة وذات مصداقية، لكن من المرجح أن يكون حجم التحويلات النقدية قد ارتفع خلال الأعوام الماضية، وذلك بسبب انحدار ملايين السوريين تحت خط الفقر واعتماد الأسر بشكل متزايد على المساعدات".
ومع اتساع عمل المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية داخل سورية، ارتفعت حدة التدفقات النقدية من الخارج، إذ إن بعض العائلات بات يعتمد على مساعدات تلك المنظمات كمصدر شبه وحيد للعيش. وبعكس مناطق النظام حيث يوجد مكاتب مرخصة من قبل الحكومة ولا تزال تقوم بعملها، "أقفلت المكاتب المرخصة أبوابها في مناطق المعارضة أو سحبت الحكومة السورية الترخيص منها" بحسب الناشط رياض سعد من ريف حلب، ويقول: "تأسست بضعة مكاتب جديدة لتحويل الأموال، ولكن الشائع هو أن يقوم بعض التجار بنقل الأموال من تركيا إلى شمال سورية وبالعكس حيث لديهم مكاتب تجارية في البلدين".
اقرأ أيضاً:النظام السوري يرسّخ فساده: نهب وصفقات وارتهان