لا تزال تداعيات نتائج الاستفتاء البريطاني غير واضحة في ما يتعلق بانعكاساتها على مستقبل الاتحاد الأوروبي، مع تعالي أصوات في دول أوروبية أخرى، مثل فرنسا وهولندا لإجراء استفتاء مشابه. إلا أنه يمكن القول بوضوح إن هذه النتائج جاءت مُرضية جداً لرئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وحكومته اليمينية. إذ إن هذه النتائج تُضعف، من وجهة النظر الإسرائيلية، أو على الأقل وفق ما تأمله إسرائيل، من قوة الاتحاد الأوروبي، والدور الأوروبي في كل ما يتعلق بالملف الفلسطيني والمساعي للتوصل إلى تسوية، وذلك لأن الاتحاد ككل يتبنى بشكل عام موقفاً مؤيداً، ولو إعلامياً، لحل الدولتين، ويقوم عبر مؤسساته العامة باتخاذ قرارات مناهضة للسياسات الإسرائيلية، خصوصاً في المستوطنات في الأراضي المحتلة.
وأول ما تكسبه إسرائيل من نتائج الاستفتاء، هو حالة الترقب والتوتر التي ستخيّم حالياً على الدول الأوروبية، وفي أروقة حكوماتها وكواليسها، من تداعيات هذا الاستفتاء، والانشغال بشكل مباشر، في المفاوضات مع الحكومة البريطانية المقبلة، مع إعلان ديفيد كاميرون استقالته من منصبه، حول شروط وآليات الانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي، وما يترتب على ذلك في اتفاقيات التجارة الحرة والتبادل الاقتصادي واتفاقيات الدفاع المشترك، مما يعني عملياً إزاحة كلية، حالياً، للمبادرة الفرنسية والملف الفلسطيني من على جدول الأعمال الأوروبي.
وعلى المدى القريب أيضاً يمكن القول، بالاعتماد على التوقعات البريطانية من كون عمدة لندن السابق بوريس جونسون صاحب الفرصة الأكبر في رئاسة الحكومة البريطانية، بأن اختيار جونسون سيكون مكسباً لإسرائيل، وهو المعروف بحسب إعلان نتنياهو نفسه، بعلاقات شخصية جيدة معه، وبمواقفه المناصرة من دون أي تحفظ أو تردد لإسرائيل، وتشهد على ذلك مسارعته قبل أكثر شهرين تقريباً إلى إلزام شركة القطارات في لندن بإنزال إعلانات الدعاية لأسبوع الأبرتهايد ضد إسرائيل.
ومن دون الحاجة للدخول في مفاضلة بين أيهما أكثر تأييداً لإسرائيل، ديفيد كاميرون أو بوريس جونسون، فمن الواضح أن كاميرون لم يكن أقل التزاماً بأمن إسرائيل أو تأييداً لمواقفها، إلا أنه كان يعطي أهمية كبيرة أيضاً للموقف الأوروبي في اتخاذ القرار البريطاني. في المقابل فإن جونسون المؤيد للانسحاب من الاتحاد، لا يضع أي تحفظات أو اعتبارات في دعمه لإسرائيل، ومجرد حمله لراية القرار البريطاني المستقل، من دون ربطه بسياسات وخيار دول القارة الأوروبية، سيدفعه نحو تعزيز علاقاته مع الولايات المتحدة على أساس ثنائي، وبالتالي يشكل نقطة ثقل يمكن لإسرائيل الارتكاز عليها في مواجهة الاتحاد البريطاني ككتلة واحدة.
هذا الواقع في حال تبلوره باتجاه قرار بريطاني مستقل عن الكتلة الأوروبية، سيكون بمثابة هدية لحكومة نتنياهو، خصوصاً أن نتنياهو عكف في العامين الماضيين على السعي لإيجاد حلفاء داخل الاتحاد الأوروبي، يكونون بمثابة الصديق لإسرائيل الذين يمكن الاعتماد عليهم في منع قرار بالإجماع في مؤسسات الاتحاد الأوروبي، وبالتالي منع صدور قرارات شديدة اللهجة ضد إسرائيل. ومع أن خروج بريطانيا قد يُفقد إسرائيل صديقاً كهذا، إلى حد ما، إلا أن تحررها من ضوابط آلية اتخاذ القرار في الاتحاد، وفي حال فاز جونسون برئاسة الحكومة، فإنه سيكون طرفاً يمكن لإسرائيل الاعتماد عليه لاتخاذ موقف مناصر لها من دون أي تحفظ، وأن تدعو أصدقاءها داخل الاتحاد لتبني مواقفه وإفشال أي قرار أوروبي لجهة فرض عقوبات على إسرائيل.
اقــرأ أيضاً
كما أن انسحاب بريطانيا سيزيد من الدور الألماني والفرنسي في تحديد سياسة الاتحاد، وسيكون من السهل على إسرائيل، في هذه الحالة، عبر التلويح بملف الهولوكوست والنازية، ابتزاز قيادة الاتحاد الأوروبي، خصوصاً أن الرأي العام الإسرائيلي مثلاً يميل بسرعة كبيرة لاتهام الفرنسيين دون غيرهم من الأوروبيين بمعاداة السامية، فيما سيكون ثقل عقدة الذنب الألمانية حاضراً باستمرار ولن يحتاج إلى جهد إسرائيلي كبير لاستحضاره.
ولا تخفي إسرائيل موقفها واستياءها مما تصفه بحالة العداء السائدة في مؤسسات الاتحاد الأوروبي ضدها، وهي من دون شك، لا تعارض أية ضربة يتلقاها الاتحاد الأوروبي ككل، أو مكانته في الساحة الدولية، وتؤدي إلى تراجع تأثيره. ويمكن في هذا السياق الإشارة إلى سعي إسرائيل لبلورة تحالفات داخل الاتحاد الأوروبي نفسه، بالاعتماد على التقاء مصالح مشتركة مع بعض الدول في فيه، كما كان الحال في النشاط الإسرائيلي أواخر العام الماضي، ومطلع هذا العام في بلورة تكتلات سياسية-جغرافية مساندة لها، مع كل من اليونان وقبرص، وهما الدولتان اللتان ساعدتا أخيراً في تخفيف حدة قرار الاتحاد الأوروبي بشأن وسم منتجات المستوطنات الإسرائيلية.
وكما في شرق المتوسط، فإن إسرائيل لم تتوقف عن محاولة تعزيز العلاقة الثنائية مع دول المعسكر الشرقي السابقة، خصوصاً رومانيا وبلغاريا وبولندا وليتوانيا، وهي دول تملك كغيرها من الدول الأوروبية الكبرى، صوتاً في الاتحاد الأوروبي، وتؤثر بالتالي في صيغة القرارات التي لا يمكن للاتحاد اتخاذها إلا إذا توفرت حالة الإجماع عند التصويت عليها. وتستغل إسرائيل في حالة هذه الدول رغبتها في الاندماج في أوروبا، ولكن أيضاً في الوصول إلى الولايات المتحدة ومساعداتها. وترى هذه الدول في إسرائيل مفتاحاً وباباً تلج منه إلى قلب واشنطن.
وبالتالي فإن الانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي، سيكون في صالح حكومة نتنياهو ومواقفها الرافضة للمبادرة الفرنسية، فالحكومة البريطانية المقبلة، ورئيسها المستقبلي، لن يبدأ مهامه بالضغط على حكومة نتنياهو لقبول المبادرة الفرنسية مثلاً. ومن الواضح أن رئيس الحكومة البريطاني المقبل سيحتاج إلى وقت لبلورة سياسته الخارجية، ليس فقط تجاه أوروبا، بل أيضاً تجاه ملفات أخرى قد يتخذ فيها موقفاً مغايراً كلياً لموقف حكومة كاميرون، وهذا ينطبق على الملف الفلسطيني كما على الملف السوري، ناهيك عن تخصيص حصة الأسد من أولوياته لإتمام الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، وتدعيم الاقتصاد البريطاني، والانكفاء نحو الداخل، خصوصاً في حال مضت إيرلندا الشمالية واسكتلندا باتجاه المطالبة باستفتاءين حول مستقبل مصيرهما ضمن المملكة المتحدة، والمطالبة بالخروج من المملكة للعودة إلى حضن الاتحاد الأوروبي الأوسع.
ولا شك أن الانسحاب البريطاني سيجعل بريطانيا تبحث أيضاً عن أسواق إضافية، وعن تعزيز تبادلها التجاري مع دول إضافية. وفي هذا السياق لا بد من الإشارة إلى أن بريطانيا التي كانت من أشد المعارضين لمقاطعة إسرائيل اقتصادياً، تُعتبر أحد أكبر الشركاء التجاريين في إسرائيل من بين دول الاتحاد الأوروبي، وبالتالي فإن تحللها من قيود اتفاقيات التجارة الأوروبية، قد يدفعها، بحسب "يديعوت أحرونوت"، إلى توجيه مزيد من الموارد لصالح إسرائيل، وقد تكون إسرائيل البديل في بعض مجالات التجارة، لدول الاتحاد الأوروبي.
وعلى المدى القريب أيضاً يمكن القول، بالاعتماد على التوقعات البريطانية من كون عمدة لندن السابق بوريس جونسون صاحب الفرصة الأكبر في رئاسة الحكومة البريطانية، بأن اختيار جونسون سيكون مكسباً لإسرائيل، وهو المعروف بحسب إعلان نتنياهو نفسه، بعلاقات شخصية جيدة معه، وبمواقفه المناصرة من دون أي تحفظ أو تردد لإسرائيل، وتشهد على ذلك مسارعته قبل أكثر شهرين تقريباً إلى إلزام شركة القطارات في لندن بإنزال إعلانات الدعاية لأسبوع الأبرتهايد ضد إسرائيل.
ومن دون الحاجة للدخول في مفاضلة بين أيهما أكثر تأييداً لإسرائيل، ديفيد كاميرون أو بوريس جونسون، فمن الواضح أن كاميرون لم يكن أقل التزاماً بأمن إسرائيل أو تأييداً لمواقفها، إلا أنه كان يعطي أهمية كبيرة أيضاً للموقف الأوروبي في اتخاذ القرار البريطاني. في المقابل فإن جونسون المؤيد للانسحاب من الاتحاد، لا يضع أي تحفظات أو اعتبارات في دعمه لإسرائيل، ومجرد حمله لراية القرار البريطاني المستقل، من دون ربطه بسياسات وخيار دول القارة الأوروبية، سيدفعه نحو تعزيز علاقاته مع الولايات المتحدة على أساس ثنائي، وبالتالي يشكل نقطة ثقل يمكن لإسرائيل الارتكاز عليها في مواجهة الاتحاد البريطاني ككتلة واحدة.
هذا الواقع في حال تبلوره باتجاه قرار بريطاني مستقل عن الكتلة الأوروبية، سيكون بمثابة هدية لحكومة نتنياهو، خصوصاً أن نتنياهو عكف في العامين الماضيين على السعي لإيجاد حلفاء داخل الاتحاد الأوروبي، يكونون بمثابة الصديق لإسرائيل الذين يمكن الاعتماد عليهم في منع قرار بالإجماع في مؤسسات الاتحاد الأوروبي، وبالتالي منع صدور قرارات شديدة اللهجة ضد إسرائيل. ومع أن خروج بريطانيا قد يُفقد إسرائيل صديقاً كهذا، إلى حد ما، إلا أن تحررها من ضوابط آلية اتخاذ القرار في الاتحاد، وفي حال فاز جونسون برئاسة الحكومة، فإنه سيكون طرفاً يمكن لإسرائيل الاعتماد عليه لاتخاذ موقف مناصر لها من دون أي تحفظ، وأن تدعو أصدقاءها داخل الاتحاد لتبني مواقفه وإفشال أي قرار أوروبي لجهة فرض عقوبات على إسرائيل.
كما أن انسحاب بريطانيا سيزيد من الدور الألماني والفرنسي في تحديد سياسة الاتحاد، وسيكون من السهل على إسرائيل، في هذه الحالة، عبر التلويح بملف الهولوكوست والنازية، ابتزاز قيادة الاتحاد الأوروبي، خصوصاً أن الرأي العام الإسرائيلي مثلاً يميل بسرعة كبيرة لاتهام الفرنسيين دون غيرهم من الأوروبيين بمعاداة السامية، فيما سيكون ثقل عقدة الذنب الألمانية حاضراً باستمرار ولن يحتاج إلى جهد إسرائيلي كبير لاستحضاره.
ولا تخفي إسرائيل موقفها واستياءها مما تصفه بحالة العداء السائدة في مؤسسات الاتحاد الأوروبي ضدها، وهي من دون شك، لا تعارض أية ضربة يتلقاها الاتحاد الأوروبي ككل، أو مكانته في الساحة الدولية، وتؤدي إلى تراجع تأثيره. ويمكن في هذا السياق الإشارة إلى سعي إسرائيل لبلورة تحالفات داخل الاتحاد الأوروبي نفسه، بالاعتماد على التقاء مصالح مشتركة مع بعض الدول في فيه، كما كان الحال في النشاط الإسرائيلي أواخر العام الماضي، ومطلع هذا العام في بلورة تكتلات سياسية-جغرافية مساندة لها، مع كل من اليونان وقبرص، وهما الدولتان اللتان ساعدتا أخيراً في تخفيف حدة قرار الاتحاد الأوروبي بشأن وسم منتجات المستوطنات الإسرائيلية.
وكما في شرق المتوسط، فإن إسرائيل لم تتوقف عن محاولة تعزيز العلاقة الثنائية مع دول المعسكر الشرقي السابقة، خصوصاً رومانيا وبلغاريا وبولندا وليتوانيا، وهي دول تملك كغيرها من الدول الأوروبية الكبرى، صوتاً في الاتحاد الأوروبي، وتؤثر بالتالي في صيغة القرارات التي لا يمكن للاتحاد اتخاذها إلا إذا توفرت حالة الإجماع عند التصويت عليها. وتستغل إسرائيل في حالة هذه الدول رغبتها في الاندماج في أوروبا، ولكن أيضاً في الوصول إلى الولايات المتحدة ومساعداتها. وترى هذه الدول في إسرائيل مفتاحاً وباباً تلج منه إلى قلب واشنطن.
ولا شك أن الانسحاب البريطاني سيجعل بريطانيا تبحث أيضاً عن أسواق إضافية، وعن تعزيز تبادلها التجاري مع دول إضافية. وفي هذا السياق لا بد من الإشارة إلى أن بريطانيا التي كانت من أشد المعارضين لمقاطعة إسرائيل اقتصادياً، تُعتبر أحد أكبر الشركاء التجاريين في إسرائيل من بين دول الاتحاد الأوروبي، وبالتالي فإن تحللها من قيود اتفاقيات التجارة الأوروبية، قد يدفعها، بحسب "يديعوت أحرونوت"، إلى توجيه مزيد من الموارد لصالح إسرائيل، وقد تكون إسرائيل البديل في بعض مجالات التجارة، لدول الاتحاد الأوروبي.