الباب... حلبة المصارعة

23 اغسطس 2016
+ الخط -
مدينة الباب هي فتحة للدخول والخروج من دولة أو شبه دولة إلى دولة أخرى أو شبه دولة أو كيان مزعوم. منذ أيام، بدأ السباق الماراثوني بين عدة قوى للسيطرة على المدينة، أو لبقاء السيطرة عليها، لما لها من أهمية لكلّ قوّة موجودةٍ في الشمال الشرقي من مدينة حلب.
أطلقت هذه القوى، منذ أيام، معركة لاستعادة السيطرة على بلدة الراعي التابعة لمدينة الباب، والقريبة منها لتكون وجهتهم التالية هي مدينة الباب، فهي تسعى جاهدة إلى استعادة السيطرة عليها، وتحريرها من قبضة داعش الذي سيطر عليها في 13 يناير/ كانون الثاني 2014 بعد معارك عنيفة بين الطرفيين، وذلك لما تمثله المدينة من رمزية كبيرة للثوار، ولأنها الخزان البشري الأكبر الداعم للثورة في ريف حلب الشرقي، حيث ساهم شبابها بفعالة في المعارك منذ اندلاع الثورة، ولمنع قوات سورية الديمقراطية من السيطرة عليها بعد إعلانها، أنّ مدينة الباب هي الوجهة التالية لها، بعيد سيطرتها على مدينة منبج منذ أيام، لاستكمال تنفيذ مخططهم، بوصل المناطق ذات الغالبية الكردية (القامشلي وكوباني وعفرين) ببعضها لتشكيل كيان كردي خاص بهم، اﻷمر الذي يرفضه الجيش الحر الذي يسعى إلى الحفاظ على سورية الموحدة التي لا تقبل التجزئة والتقسيم. وللتذكير، حرّر الجيش الحر المدينة من قوات النظام في 20 سبتمبر/ أيلول 2012.
سيطر تنظيم الدولة على المدينة في 13 يناير/ كانون الثاني 2014 بعد معارك عدة مع قوات الجيش الحر، ولا يزال يسيطر عليها، ويستميت في الدفاع عنها، لما تمثله المدينة من أهمية كبيرة لها، لقربها من الحدود التركية، وكطريق إمداد ومركز انطلاق لمقاتليه إلى الجبهات، سواء باتجاه قوات الجيش الحر في ريف حلب الشمالي، أو باتجاه قوات النظام في محيط مطار كويرس العسكري، ولقربها من بلدة دابق، ذات الأهمية الدينية بالنسبة له، فهو يعتبر نفسه "الفئة المخلصة التي تقاتل كل قوى الكفار للوصول لاحقاً لمعركة دابق"، ففي حال فقدان السيطرة على مدينة الباب، هذا يعني، ضمناً، خسارتهم معركتهم المزعومة في دابق. لذلك، يستميتون في الدفاع عن مدينة الباب.
وأعلنت قوات سورية الديمقراطية، ذات الغالبية الكردية، والمدعومة من قوات التحالف الدولي عن تشكيل "المجلس العسكري لمدينة الباب، الهادف إلى تحرير أهلنا في الباب من مرتزقة داعش، على غرار مجلس منبج العسكري الذي حرّر منبج"، وذلك بعيد سيطرتها على مدينة منبج، وانسحاب تنظيم الدولة باتجاه جرابلس والباب، وذلك لموقع مدينة الباب المتميّز بالنسبة لهم، فهي تعتبر حلقة الوصل الأخيرة المتبقية ﻹكمال مشروعهم في وصل "المقاطعات الثلاث ببعضها، وهي القامشلي وكوباني وعفرين"، تمهيداً لإكمال مشروعهم في إنشاء دولة غرب كردستان، والوصول لاحقاً إلى دولة كردستان الكبرى، بعد انضمام كردستان العراق وتركيا وإيران إليهم، على الرغم من معارضة غالبية الأكراد السوريين لهذا المشروع.
بالإضافة إلى هذه القوى، هنالك قوات النظام التي تبعد عن المدينة حوالي 10 كم، وترغب أيضا في استعادة السيطرة على المدينة، وما يمنعها هو خسائرها المتكرّرة أمام الثوار في ريف حلب الجنوبي.
وفي المقابل أيضاً، تناست القوى المتصارعة حقيقة ثابتة، هي أنّ الشعب قال كلمته، منذ بداية الثورة، بأنّه طالب للحرية، وأنّ سلطته أعلى سلطة، وأنّ سورية موحدة لا تقبل التجزئة قائمة على أساس المواطنة والمساواة، وبدون الأسد.
28AC53C3-A990-4784-871A-04072AC363B2
28AC53C3-A990-4784-871A-04072AC363B2
هاني أحمد (سورية)
هاني أحمد (سورية)