طالبت لجنة برلمانية لتقصي الحقائق، الحكومة المغربية، بتدبير المستحقات المتأخرة عليها لصالح الصندوق المغربي للتقاعد، الذي يعاني من عجز بسبب عدم أداء الدولة مساهماتها كمشغل لملايين الموظفين.
وكشفت لجنة تقصي الحقائق التي شُكلت في أغسطس/آب 2016، مساء أول من أمس، عن تقريرها الذي أثمرته تحقيقاتها في الخلاف بين الحكومة والاتحادات العمالية حول إصلاح الصندوق المغربي للتقاعد.
وشهد عمل اللجنة امتناع مسؤولين سياسيين عن حضور جلساتها، وهو ما اقتضى اللجوء إلى توجيه الدعوة لهم عبر مفوض قضائي، في الوقت نفسه تؤكد اللجنة أن إنجاز عملها في إطار حكومة تصريف أعمال أثر على أدائها.
ديون متأخرة
وأوصت اللجنة بتجميد الإصلاح الذي بدأته الحكومة الحالية بشأن قانون التقاعد، والعودة إلى الرؤية التي وضعتها اللجنة الفنية والوطنية التي شُكلت في 2004.
وكانت حكومة إدريس جطو قد عمدت، في 2004، إلى تشكيل لجنة فنية ووطنية من أجل إصلاح شمولي للتقاعد، إلا أن الحكومة التي يقودها عبد الإله بنكيران سنّت إصلاحا من دون الرجوع إلى حصيلة عمل تلك اللجنة.
ودعت لجنة تقصي الحقائق، الدولة، إلى الوفاء بما في ذمتها من متأخرات تجاه الصندوق المغربي للتقاعد، مع احتساب الفوائد.
وتأخرت الدولة، التي تعتبر مشغلا للموظفين في الأعوام الماضية، عن أداء مساهمتها في الصندوق، وهو ما اعتبر أحد أسباب العجز الذي عانى منه نظام المعاشات الخاص بالموظفين الحكوميين.
وطالبت اللجنة بتحديد حجم تلك المتأخرات في إطار الحوار الاجتماعي، وهو ما يعني عقد اجتماعات بين الحكومة والاتحادات العمالية، اللذين انقطع حبل التواصل بينهما منذ أكثر من عام.
وألحّت على ضرورة إعادة النظر في طريقة مساهمة الموظفين والدولة في الصندوق، حيث يفترض أن تساهم الدولة بالثلثين والموظفون بالثلث، هذا في الوقت الذي يساهمان فيه مناصفة في الصندوق.
تشخيص أسود
وسجلت اللجنة تأثر الصندوق بتجميده كمؤسسة منذ في 1958 إلى غاية 1996، ما أفقده الاستقلال المالي تجاه الدولة التي هيمنت على تدبيره، عبر تحويله إلى مصلحة تابعة لوزارة المالية.
ولاحظ اتخاذ قرارات سياسية أفضت إلى إصلاحات ترقيعيه من دون إنجاز دراسات تسند ذلك، أو الاستناد إلى رؤية استشرافية تحدد الآثار المالية لكل تدبير يتخذ.
ونبه إلى إخفاء الحكومات المتعاقبة القيمة الحقيقية للديون المستحقة على الدولة لصالح نظام المعاشات المدنية، عن الشركاء الاجتماعيين وعن الرأي العام الوطني، مما أضر كثيرا بسير مفاوضات الحوار الاجتماعي.
وأشارت اللجنة إلى عدم احتساب الفوائد المستحقة على متأخرات الدولة تجاه نظام المعاشات المدنية، لافتة إلى ضعف مردودية المحفظة المالية للصندوق، بسبب تقييد جزء كبير من استثماراته في سندات الخزينة بحجة مردوديتها المضمونة.
إصلاحات بنكيران
وكانت الحكومة أكدت أن عجز الصندوق يفوق 300 مليون دولار في عام 2015، وتوقعت وصوله إلى 600 مليون دولار في العام الماضي، ثم 1.4 مليار دولار في 2017.
وعمدت حكومة رئيس الوزراء عبد الإله بنكيران، إلى إصلاح التقاعد في الوظيفة الحكومية، رغم معارضة الاتحادات العمالية، التي اعتبرت أنه يتوجب إرفاق ذلك بتحسين الأجور وإيرادات الموظفين.
وأفضى اختبار القوة بين الحكومة والاتحادات إلى توقف الحوار الاجتماعي، حيث تمكنت الحكومة من فرض رؤيتها، عبر رفع سن التقاعد في الوظيفة العمومية من 60 إلى 63 عاما، حيث سيتخذ هذا الرفع طابعا تدريجيا إلى 2024.
ونص الإصلاح على رفع اشتراكات الدولة باعتبارها مشغلا والموظفين بأربع نقاط، حيث يرتقب أن تنتقل اشتراكات الدولة والموظفين في الصندوق المغربي للتقاعد من 10 إلى 14%.
إجراء غير مقنع
لم يقنع إصلاح نظام تقاعد الموظفين الحكوميين الاتحادات العمالية، بل إن الرفض أفضى إلى انتظام هيئات مجتمع مدني واتحادات عمالية في تنسيقية لإسقاط خطة التقاعد.
ويعتبر عبد الرحيم الهندوف، الكاتب العام لجامعة الوطني للموظفين والموظفات، أن الحكومة سعت إلى تحميل الموظفين مسؤولية العجز الذي يعاني منها الصندوق المغربي للتقاعد.
ويشير، في تصريح لـ "العربي الجديد"، إلى أن المشكلة تكمن في كون الدولة كفت عن توفير فرص عمل في الوظيفة العمومية، حيث إن عدد الموظفين يصل بالكاد إلى ضعف عدد المحالين على التقاعد في الأعوام الأخيرة.
ويشدد على أن الحكومة لم تقم سوى بتأجيل أزمة التقاعد في المغرب، حيث ينتظر أن تطفو على السطح من جديد في العشرة أعوام المقبلة، بسبب تجزيء الإصلاح.
اقــرأ أيضاً
وكشفت لجنة تقصي الحقائق التي شُكلت في أغسطس/آب 2016، مساء أول من أمس، عن تقريرها الذي أثمرته تحقيقاتها في الخلاف بين الحكومة والاتحادات العمالية حول إصلاح الصندوق المغربي للتقاعد.
وشهد عمل اللجنة امتناع مسؤولين سياسيين عن حضور جلساتها، وهو ما اقتضى اللجوء إلى توجيه الدعوة لهم عبر مفوض قضائي، في الوقت نفسه تؤكد اللجنة أن إنجاز عملها في إطار حكومة تصريف أعمال أثر على أدائها.
ديون متأخرة
وأوصت اللجنة بتجميد الإصلاح الذي بدأته الحكومة الحالية بشأن قانون التقاعد، والعودة إلى الرؤية التي وضعتها اللجنة الفنية والوطنية التي شُكلت في 2004.
وكانت حكومة إدريس جطو قد عمدت، في 2004، إلى تشكيل لجنة فنية ووطنية من أجل إصلاح شمولي للتقاعد، إلا أن الحكومة التي يقودها عبد الإله بنكيران سنّت إصلاحا من دون الرجوع إلى حصيلة عمل تلك اللجنة.
ودعت لجنة تقصي الحقائق، الدولة، إلى الوفاء بما في ذمتها من متأخرات تجاه الصندوق المغربي للتقاعد، مع احتساب الفوائد.
وتأخرت الدولة، التي تعتبر مشغلا للموظفين في الأعوام الماضية، عن أداء مساهمتها في الصندوق، وهو ما اعتبر أحد أسباب العجز الذي عانى منه نظام المعاشات الخاص بالموظفين الحكوميين.
وطالبت اللجنة بتحديد حجم تلك المتأخرات في إطار الحوار الاجتماعي، وهو ما يعني عقد اجتماعات بين الحكومة والاتحادات العمالية، اللذين انقطع حبل التواصل بينهما منذ أكثر من عام.
وألحّت على ضرورة إعادة النظر في طريقة مساهمة الموظفين والدولة في الصندوق، حيث يفترض أن تساهم الدولة بالثلثين والموظفون بالثلث، هذا في الوقت الذي يساهمان فيه مناصفة في الصندوق.
تشخيص أسود
وسجلت اللجنة تأثر الصندوق بتجميده كمؤسسة منذ في 1958 إلى غاية 1996، ما أفقده الاستقلال المالي تجاه الدولة التي هيمنت على تدبيره، عبر تحويله إلى مصلحة تابعة لوزارة المالية.
ولاحظ اتخاذ قرارات سياسية أفضت إلى إصلاحات ترقيعيه من دون إنجاز دراسات تسند ذلك، أو الاستناد إلى رؤية استشرافية تحدد الآثار المالية لكل تدبير يتخذ.
ونبه إلى إخفاء الحكومات المتعاقبة القيمة الحقيقية للديون المستحقة على الدولة لصالح نظام المعاشات المدنية، عن الشركاء الاجتماعيين وعن الرأي العام الوطني، مما أضر كثيرا بسير مفاوضات الحوار الاجتماعي.
وأشارت اللجنة إلى عدم احتساب الفوائد المستحقة على متأخرات الدولة تجاه نظام المعاشات المدنية، لافتة إلى ضعف مردودية المحفظة المالية للصندوق، بسبب تقييد جزء كبير من استثماراته في سندات الخزينة بحجة مردوديتها المضمونة.
إصلاحات بنكيران
وكانت الحكومة أكدت أن عجز الصندوق يفوق 300 مليون دولار في عام 2015، وتوقعت وصوله إلى 600 مليون دولار في العام الماضي، ثم 1.4 مليار دولار في 2017.
وعمدت حكومة رئيس الوزراء عبد الإله بنكيران، إلى إصلاح التقاعد في الوظيفة الحكومية، رغم معارضة الاتحادات العمالية، التي اعتبرت أنه يتوجب إرفاق ذلك بتحسين الأجور وإيرادات الموظفين.
وأفضى اختبار القوة بين الحكومة والاتحادات إلى توقف الحوار الاجتماعي، حيث تمكنت الحكومة من فرض رؤيتها، عبر رفع سن التقاعد في الوظيفة العمومية من 60 إلى 63 عاما، حيث سيتخذ هذا الرفع طابعا تدريجيا إلى 2024.
ونص الإصلاح على رفع اشتراكات الدولة باعتبارها مشغلا والموظفين بأربع نقاط، حيث يرتقب أن تنتقل اشتراكات الدولة والموظفين في الصندوق المغربي للتقاعد من 10 إلى 14%.
إجراء غير مقنع
لم يقنع إصلاح نظام تقاعد الموظفين الحكوميين الاتحادات العمالية، بل إن الرفض أفضى إلى انتظام هيئات مجتمع مدني واتحادات عمالية في تنسيقية لإسقاط خطة التقاعد.
ويعتبر عبد الرحيم الهندوف، الكاتب العام لجامعة الوطني للموظفين والموظفات، أن الحكومة سعت إلى تحميل الموظفين مسؤولية العجز الذي يعاني منها الصندوق المغربي للتقاعد.
ويشير، في تصريح لـ "العربي الجديد"، إلى أن المشكلة تكمن في كون الدولة كفت عن توفير فرص عمل في الوظيفة العمومية، حيث إن عدد الموظفين يصل بالكاد إلى ضعف عدد المحالين على التقاعد في الأعوام الأخيرة.
ويشدد على أن الحكومة لم تقم سوى بتأجيل أزمة التقاعد في المغرب، حيث ينتظر أن تطفو على السطح من جديد في العشرة أعوام المقبلة، بسبب تجزيء الإصلاح.