06 نوفمبر 2024
البنت التي ستفتح الباب
منذ زمنٍ بعيدٍ ولّى ولن يعود، ردّد جدي مثله الشّعبي، وهو أن "دار البنات خراب ودار الذكور عمار"، وكان يعني أن يشير إلى جدوى الإكثار من إنجاب الذّكور، وأنّهم يضمنون بقاء اسم العائلة، ويكونون عزوة وسنداً، ولكن العمر لم يمهل جدّي لكي يسمع عن دراسات العلماء، ولست أعتقد أنّه لو كُتب له أن يكون معمّرا سيكون على رضا تام عما خلص إليه العلماء في جامعة هارفرد الأميركية، في دراسة علمية، وهو أن إنجاب البنات يزيد من عمر الآباء خصوصاً، وذلك لأن جدي كان يؤمن على النقيض تماماً بأن همّ البنات يستمر حتى الممات، وبأنّ والد البنات يكون مهموماً بسبب مشكلاتهنّ، وما يجلبنه من هموم، لسوء حظّهنّ في الزّواج، أو تعثّر إنجابهنّ، أو فقر أزواجهنّ، فيبقين عبئاً على الوالد طوال العمر، فيموت مهموماً مكدّراً.
كانت لجدّي نظرة دونيّة للبنات، وكان يستبشر ويتهلّل وجهه، حين كانت تنجب جارةٌ بعيدةٌ صبياً، ويمتعض ويكفهرّ وجهه، حين يعلم أنّ أحد أولاده في المنفى رزق ببنت. وكان يصرّ على أنّ كسر ضلعٍ للبنت يُنبت لها أربعة وأربعين ضلعاً، ويقصد بذلك حظر تفكيرها وتقييد حرّيتها، وعدم سماع رأيها، لأنّ مشورتها، حسب رأيه، تجلب الخراب على البيت سنة. فيما تذهب تلك الدراسة العلمية إلى عكس ذلك، وتؤكّد أنّ البنات أقلّ غلبةً عند الدخول في مفاوضاتٍ وصراعات معهنّ، كما أنّ البنت تمنح والدها وهو يحملها مشاعر الدفء والرقّة، وتخلّصه من غلظة القلب، وينخفض معدل ضغطه وتوتّره العام في الحياه بنسبة 37%. وفي شيء من التفصيل، يخفّض إنجاب البنت من هرمون التستوستيرون لديه، ويرفع من هرمون الأوكسيايتوسين الأنثوي، وذلك بعد إجراء دراسةٍ على حوالي خمسين أباً تم توزيع أجهزة تسجيل رقميّة عليهم، لرصد انفعالاتهم مع أطفالهم الذكور والإناث. وبعد المراقبة، تبيّن أنّ الآباء يقضون وقتاً أطول بنسبة 60% مع بناتهم، كما أنّ الآباء الذين ينجبون البنات يحاولون تغيير العالم إلى الأفضل، بسبب حبّهم بناتهم.
إذا ظهرت كلّ يوم دراسة جديدة بخصوص فوائد إنجاب البنات، فلن يقتنع جدّي، وأمثاله من الذكور، بأنّ إنجاب البنات نعمة، خصوصا أنّ الأب يكون الرجل الأول في حياة البنت، فيدوم حبّها له مدى الحياة، كون شخصيّتها تتشكّل بحسب نظرة الأب لها، بعكس شخصيّة الولد، ولن تجدي مع هؤلاء عشرات القصص والحكم، ومنها قصّة الرجل الذي أولم وليمةً كبيرةً، حين أنجب بنتاً بعد عدد من الذكور، ولم يولم حين رُزق الذّكور تباعاً، وفسّر ذلك بأنّ هذه البنت هي التي ستفتح له الباب، وتذكّر أنّه حين تزوّج زوجته طلب منها ألّا تفتح الباب لأحدٍ في الأيام الأولى من زواجهما، وقد لبّت طلبه، فلم تردّ على طرقات أهل زوجها وقرابته. ولكن حين طرق والداها الباب، بكت وسالت دموعها، فرقّ قلبه، وطلب منها أن تفتح الباب لوالديها، وأكرم ضيافتهما، ولم يعلّق على الأمر، حتى مرّت السنوات، ورزق بابنةٍ بعد عصبة من الأولاد. وهكذا استطاع هذا الأب أن يعرف كم تحب البنت أهلها، وكم تحمل همّهم، حتّى وهي في بيت زوجها، وبذلك يؤيّد المثل القائل: ابني ابني حتى يتزوّج، وابنتي ابنتي مدى الحياة.
لا زالت البنت توأد بطرقٍّ شتّى، مثل وأد الجاهلية، ولا زالت تمنع من حقوقها، ومنها حقّها في الميراث الذي يؤول إلى ذكور العائلة، على الرغم من أنّ أحد القضاة قد صرح بأنّه لم ترد إلى المحكمة قضية رفعها أبٌ عجوزٌ بسبب عقوق ابنته، ولكن كلّ قضايا العقوق يرفعها الآباء والأمهات، بعد أن يبلغوا أرذل العمر، ويتخلّى عنهم أولادهم، وقد منحوهم كلّ ما يملكون من مالٍ دون بناتهم، وفرّقوا في التربية بينهم، لا لشيء إلا بسبب ثقافة مجتمعٍ ظلّ يحتقر تلك النجوم في السماء، حيث يزيّنّ البيوت، ويكنّ الحياة إذا الشّرور تلاطمت، وإلى الفؤاد تسلّلت بهمومها.
كانت لجدّي نظرة دونيّة للبنات، وكان يستبشر ويتهلّل وجهه، حين كانت تنجب جارةٌ بعيدةٌ صبياً، ويمتعض ويكفهرّ وجهه، حين يعلم أنّ أحد أولاده في المنفى رزق ببنت. وكان يصرّ على أنّ كسر ضلعٍ للبنت يُنبت لها أربعة وأربعين ضلعاً، ويقصد بذلك حظر تفكيرها وتقييد حرّيتها، وعدم سماع رأيها، لأنّ مشورتها، حسب رأيه، تجلب الخراب على البيت سنة. فيما تذهب تلك الدراسة العلمية إلى عكس ذلك، وتؤكّد أنّ البنات أقلّ غلبةً عند الدخول في مفاوضاتٍ وصراعات معهنّ، كما أنّ البنت تمنح والدها وهو يحملها مشاعر الدفء والرقّة، وتخلّصه من غلظة القلب، وينخفض معدل ضغطه وتوتّره العام في الحياه بنسبة 37%. وفي شيء من التفصيل، يخفّض إنجاب البنت من هرمون التستوستيرون لديه، ويرفع من هرمون الأوكسيايتوسين الأنثوي، وذلك بعد إجراء دراسةٍ على حوالي خمسين أباً تم توزيع أجهزة تسجيل رقميّة عليهم، لرصد انفعالاتهم مع أطفالهم الذكور والإناث. وبعد المراقبة، تبيّن أنّ الآباء يقضون وقتاً أطول بنسبة 60% مع بناتهم، كما أنّ الآباء الذين ينجبون البنات يحاولون تغيير العالم إلى الأفضل، بسبب حبّهم بناتهم.
إذا ظهرت كلّ يوم دراسة جديدة بخصوص فوائد إنجاب البنات، فلن يقتنع جدّي، وأمثاله من الذكور، بأنّ إنجاب البنات نعمة، خصوصا أنّ الأب يكون الرجل الأول في حياة البنت، فيدوم حبّها له مدى الحياة، كون شخصيّتها تتشكّل بحسب نظرة الأب لها، بعكس شخصيّة الولد، ولن تجدي مع هؤلاء عشرات القصص والحكم، ومنها قصّة الرجل الذي أولم وليمةً كبيرةً، حين أنجب بنتاً بعد عدد من الذكور، ولم يولم حين رُزق الذّكور تباعاً، وفسّر ذلك بأنّ هذه البنت هي التي ستفتح له الباب، وتذكّر أنّه حين تزوّج زوجته طلب منها ألّا تفتح الباب لأحدٍ في الأيام الأولى من زواجهما، وقد لبّت طلبه، فلم تردّ على طرقات أهل زوجها وقرابته. ولكن حين طرق والداها الباب، بكت وسالت دموعها، فرقّ قلبه، وطلب منها أن تفتح الباب لوالديها، وأكرم ضيافتهما، ولم يعلّق على الأمر، حتى مرّت السنوات، ورزق بابنةٍ بعد عصبة من الأولاد. وهكذا استطاع هذا الأب أن يعرف كم تحب البنت أهلها، وكم تحمل همّهم، حتّى وهي في بيت زوجها، وبذلك يؤيّد المثل القائل: ابني ابني حتى يتزوّج، وابنتي ابنتي مدى الحياة.
لا زالت البنت توأد بطرقٍّ شتّى، مثل وأد الجاهلية، ولا زالت تمنع من حقوقها، ومنها حقّها في الميراث الذي يؤول إلى ذكور العائلة، على الرغم من أنّ أحد القضاة قد صرح بأنّه لم ترد إلى المحكمة قضية رفعها أبٌ عجوزٌ بسبب عقوق ابنته، ولكن كلّ قضايا العقوق يرفعها الآباء والأمهات، بعد أن يبلغوا أرذل العمر، ويتخلّى عنهم أولادهم، وقد منحوهم كلّ ما يملكون من مالٍ دون بناتهم، وفرّقوا في التربية بينهم، لا لشيء إلا بسبب ثقافة مجتمعٍ ظلّ يحتقر تلك النجوم في السماء، حيث يزيّنّ البيوت، ويكنّ الحياة إذا الشّرور تلاطمت، وإلى الفؤاد تسلّلت بهمومها.