لا شكّ أنّ لبنان بلد ملتزم بصيانة وتحسين خدمات الأنظمة الإيكولوجية، أو البيئية، المتوافرة لديه، وبإعادة الموائل الطبيعية المتفتتة إلى ما كانت عليه قبل تدخل الإنسان في تغيير معالمها.
هذا الالتزام قد تكون نتائجه أفضل إذا دمج في مفهوم البنية التحتية الخضراء في التخطيط المكاني. وهو النظام المعمول به في الاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي 2020 في الاتحاد الأوروبي. ففي إطارها، تعمل البنية التحتية الخضراء جنباً إلى جنب مع الصيادين، لا ضد بعضهما.
والبنية التحتية الخضراء شبكة استراتيجية مكونة من مناطق طبيعية، أو شبه طبيعية ذات نوعية عالية، مثل مناطق الصيد المسؤول وغيرها من الملامح البيئية، وتدار بشكل يمكّنها من توفير مجال واسع من خدمات الأنظمة الإيكولوجية في إطار قروي.
والخدمات الأفضل هي تلك التي توفرها الأنظمة الإيكولوجية الأكثر صحة. بينما في لبنان، كما في معظم دول العالم، نجد أنّ الأنظمة الإيكولوجية متفتتة ومتدهورة، وهي بحاجة إلى إعادتها إلى سابق عهدها، في إطار مفهوم البنية التحتية الخضراء، التي تقضي باستخدام الموارد الطبيعية لتصحيح خلل الوظائف في الأنظمة الإيكولوجية.
لذا، فإنّ إنشاء البنية التحتية الخضراء وتشغيلها يتطلبان إقحاماً لمديري إدارة الأراضي ومستخدميها، كالمزارعين والعاملين في الغابات والرعاة والصيادين، في التخطيط والإدارة.
ومن جهته، فالصياد يمتلك المعلومات الوفيرة حول تنقل الحياة البرية وبالتالي يستطيع إبداء المشورة حول التواصل الوظيفي بين البيئات المختلفة. كما يمكنه إبداء الرأي حول إدارة مناطق الصيد المسؤول. والصياد من بين المحافظين على الأماكن الطبيعية خارج المحميات الطبيعية وقربها. ومع ذلك، فهو ليس محافظاً بالكامل على الطبيعة، إذا لم يتبادل الأفكار مع مديري مناطق الصيد المسؤول، والتعاون معهم في التخطيط والتطوير.
فبينما يكون هدف الصياد الأولي الأنواع المسموح بصيدها، نجد أنّ أعماله تؤدي تلقائياً وبصورة مباشرة وغير مباشرة إلى تحسين وضع النباتات والحيوانات في الطبيعة. وعليه، فإنّ خبرة الصياد في إدارة المناطق الطبيعية وعلمه بالمشاكل العملية المرتبطة بأنشطته الحقلية ومعرفته بالبيئات الطبيعية، تصب بمعظمها في خانة البنية التحتية الخضراء.
وفي جميع الأحوال، نجد أنّ التنوع بأنشطة الصيادين بالتعاون مع شريحة من أصحاب المصالح، كالجمعيات البيئية والمزارعين والرعاة، يخلق نوعاً من التكامل للحفاظ على الموائل وصيانتها ولتطوير المناطق الريفية تطويراً مستداماً.
(اختصاصي في علم الطيور البريّة)