التعليم عبر الإنترنت في زمن كورونا: سلبيات وإيجابيات

21 مارس 2020
استبدل المدرّسون السبّورة بجهاز الكمبيوتر (غريغ بايكر/فرانس برس)
+ الخط -
يبدو البحث عن سبل لتقليص الفترة التي يمضيها التلامذة أمام الشاشات وتفعيل التواصل في ما بينهم كأنه إشكالية من الماضي، بعدما استبدل مدرّسون كثر السبورة بجهاز الكمبيوتر المحمول بفعل تبعات تفشي وباء كورونا.


صعوبات تقنية
وتقول أستاذة اللغتين الفرنسية والإسبانية كونستانس دو بوا (37 عاماً)، والتي تعمل في نيويورك، إن هذا الأمر "بعيد عن التعليم وجهاً لوجه". وتعطي دو بوا 16 ساعة في الأسبوع في مدرسة الأمم المتحدة الدولية، وهي مدرسة خاصة تضم 1600 تلميذ قرب مقر الأمم المتحدة في مانهاتن، وبأدوات أفضل بكثير من الموجودة في المدارس العامة. لكن حتى في هذه المؤسسة التي كانت تُستخدم فيها أساساً العديد من أدوات الاتصال عبر الإنترنت، فإن البدايات "كانت صعبة"، وفق ما توضح دو بوا لوكالة "فرانس برس"، خلال اتصال عبر الفيديو لتجنب أي إصابة محتملة بفيروس كورونا.

وفيما بدأ زملاؤها التحضيرات للانتقال إلى إعطاء الحصص الدراسية عبر الإنترنت في أوائل إبريل/نيسان، بعد عطلة الربيع، تسارعت الأمور بعدما شُخّص أحدهم بإصابته الفيروس. فأغلقت المدرسة على الفور، قبل أن يكون كل شيء جاهزاً. وكانت الصعوبات في البداية تقنية.

وتشرح المدرّسة بعد الانتهاء من إعطاء حصة لتلاميذ تراوحت أعمارهم بين 14 و15 عاماً من خلال جهاز كمبيوتر في شقتها الواقعة في بروكلين: "اختبرنا البرنامج مع عدد قليل من التلاميذ، لكن في الواقع، لم نكن متمرسين في العمل على منصة "بيغ بلو بوتون"، وقد واجه التلاميذ الكثير من المشكلات التقنية".


تلاميذ معزولون
بمجرّد حلّ هذه المشكلات، ظهرت مشكلات أخرى لكن هذه المرة كانت هيكلية أكثر. أولاً، لا تسمح المنصة المستخدمة للتلاميذ برؤية بعضهم بعضاً. وتقول دو بوا "لا يرون أحداً غيري. ليس هناك أجواء مشابهة لأجواء الصف الفعلي". وتتابع "ما ينقصهم فعلاً هو الناحية الاجتماعية. يريدون العودة إلى المدرسة، لقد سئموا من عدم رؤية بعضهم البعض (...) يشعرون بعزلة كبيرة". كما أن الدروس تستغرق وقتاً أطول لإعدادها، ويواجه التلاميذ صعوبة أكبر في فهمها ومتابعة الأستاذ.
وبهدف التغلب على هذه المشكلات، لجأت هذه المدرّسة إلى تقسيم التلاميذ إلى مجموعات صغيرة، تضم كل واحدة منها بين تلميذين وثلاثة، وخلقت بيئة مشابهة للبيئة الفعلية للصفوف. ومن خلال هذه الطريقة، سمحت لهم أقله بـ"رؤية بعضهم بعضاً والتكلم سوياً"، لكن برزت مشكلة أخرى. فقد وضعت المدرسة في البداية نموذجاً للجدول الزمني المخصص لإعطاء الحصص عبر الإنترنت وفقاً للجدول الزمني الفعلي. لكن المدرسين أدركوا أن "التلاميذ كانوا يمضون يومهم كله أمام الشاشة، ونحن كذلك"، لذلك، خُفضت مدة الدروس بسرعة من ساعة واحدة إلى 40 دقيقة. وتقول دو بوا: "منحنا هذا الأمر الكثير من الراحة، كما أن التلاميذ أصبحوا أكثر تركيزاً".


أزمة مفتوحة... ووعي كبير
ومثل ملايين المدرسين حول العالم، لا تعرف كونستانس دو بوا كم من الوقت ستبقى مدرستها مغلقة. لكن من الواضح أنها ستعطي الدروس عبر الإنترنت حتى 20 إبريل/نيسان على الأقل، وهو التاريخ الذي تأمل مدارس نيويورك في أن تفتح أبوابها مجدداً فيه.
وعلى الرغم من ذلك، فقد أعلنت بعض المدن الأميركية أن المدارس ستبقى مغلقة حتى نهاية السنة الدراسية، لكن ليست كلّ الأمور سلبية. فـ"الطلاب يتحلون بوعي كبير، إذ يفتحون المنصة في الوقت المحدّد، ويحضّرون الفروض، ويشاركون في الحصص". كما أن هذا الأمر سمح للمدرسين بتجديد أنفسهم. وتوضح دو بوا "هذا يعلمك أن تنظر إلى الأمور بشكل مختلف ومحاولة التفكير في كيفية إعطاء حصتك بطريقة مختلفة".

(فرانس برس)