خطت الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية خطوة مهمة في طريق التنسيق الميداني بينهما في سورية، في حين تراجعت آمال التوصل إلى تفاهم سياسي بين الجانبين.
فشل التفاهم السياسي تُرجم من خلال إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ترحيبه بالتعاون مع الدول الإسلامية في مكافحة الإرهاب، بعد رفض الولايات المتحدة استقبال مسؤولين روس لدراسة اقتراحات التسوية السياسية.
اقرأ أيضاً: تحذيرات تركية للولايات المتحدة وروسيا
وبرّر البيت الأبيض الرفض الأميركي بأنه يأتي ردّاً على رفض موسكو "المساهمة بصورة بناءة في مواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) بسورية".
ورغم التراشق بالاتهامات بين الجانبين الروسي والأميركي، نجح العسكريون من البلدين في التوافق على مذكرة تفاهم لا تزال بنودها غامضة، ولكنها تمنع أي صدام عسكري بينهما في سماء سورية، بحسب ما نقلته محطة "سي إن إن" الإخبارية عن مسؤولين أميركيين لم تسمهم.
وقالت المصادر الأميركية إن المسؤولين العسكريين في البلدين يضعون حالياً اللمسات الأخيرة لمذكرة التفاهم المشار إليها بين القوات الجوية الروسية والأميركية، وهدفها الرئيسي سيكون الحفاظ على سلامة الطيارين والطائرات التابعة لكل منهما.
ويفهم من هذا الهدف أن التنسيق بين الجانبين سيقتصر على الحيلولة دون طغيان التدخل الروسي على التدخل الأميركي في سورية، وتفادي أي أخطاء أو صدامات غير مقصودة في الأجواء السورية بين البلدين.
ورغم أن المصادر الأميركية لم تعلن حتى الآن عن زمان ومكان توقيع مذكرة التفاهم، مع روسيا أو أي تفاصيل عن بقية مضامينها، غير أن التنسيق لمنع الأخطاء سوف يتطلب بلا شك استمرار التواصل بين العسكريين من الطرفين على مدار الساعة، وهو الأمر الذي قد يقود لاحقاً إلى تنسيق عسكري ضدّ الأهداف المتفق عليها.
ولا يستبعد أن يتطور التنسيق العسكري إلى تفاهم أميركي روسي على الصعيد السياسي، إذ إن تفاهماً أميركياً روسياً من هذا القبيل يمثل خطوة محورية لا يمكن أن يتم بدونها التوصل إلى تسوية سياسية شاملة للحرب السورية.
غير أن تصريحات الرئيس الروسي فلادمير بوتين في هذا الشأن لا توحي بالتفاؤل، إذ اعتبر أن الموقف الأميركي غير إيجابي، معرباً عن أسفه لرفض الولايات الولايات المتحدة استقبال وفد روسي رفيع.
وجاءت تصريحات بوتين يوم أمس بعد المحادثات التي أجراها مع الرئيس الكازاخستاني نور سلطان نازاربايف في العاصمة الكازاخستانية، أستانا.
وكشف بوتين أن الرئيس الكازاخستاني اقترح على روسيا التنسيق بالدرجة الأولى مع الدول الإسلامية في محاربة التنظيمات، قائلاً إن موسكو ترحب ذلك.
واتهم بوتين الجانب الأميركي بأنه لا يملك رؤية ولا خطة واضحة للعمل، قائلاً "يبدو أن ضعف الموقف الأميركي يعود إلى انعدام أية أجندة يمكن أن يعتمد عليها. وليس عندهم ما يتحاورون حوله".
ودافع عن الغزو الروسي لسورية، متهماً إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما بأنّها ترفض أي حوار مباشر حول التسوية السياسية في هذه البلاد. ويتناقض هذا الاتهام مع الموقف الأميركي المعلن الذي تطالب فيه إدارة أوباما بحلّ سياسي لا يتضمن أي دور مستقبلي لرئيس النظام السوري بشار الأسد في سورية.
وكان بوتين قد أعلن الأسبوع الماضي أن روسيا اقترحت على شركائها الأوروبيين والأميركيين عقد لقاء دولي رفيع المستوى حول تسوية الأزمة السورية في موسكو، كما أنها أعربت عن استعدادها لإرسال وفد رفيع المستوى برئاسة رئيس الوزراء دميتري مدفيديف إلى واشنطن. وفي اليوم التالي، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن واشنطن رفضت استقبال الوفد الروسي.
اقرأ أيضاً: بوتين ورواية محاربة "الجهاديين" سورياً: الخطر اﻷكبر داخل روسيا
ويرى مراقبون أن أي تنسيق ميداني ضدّ عناصر (داعش) في سورية يمكن أن يعيد الثقة بين موسكو وواشنطن، ويفتح باب الحوار بينهما على شكل التسوية السياسية في سورية.